استمع إلى الملخص
- نتنياهو يظهر نمطًا من المماطلة والتلاعب في التعامل مع الصفقات، مما يعكس استراتيجيته في حماية مصالحه وحكومته، وهو ما أشار إليه القنصل الإسرائيلي الأسبق والصحافي رونين بيرغمان.
- الوضع الحالي يشير إلى استمرار نتنياهو في رفض مقترحات الصفقة، معتمدًا على الضغط الشعبي الإسرائيلي والديناميكيات السياسية، مع تحذيرات من العواقب الإنسانية الخطيرة لاستمرار الحرب.
نتنياهو أكد في بيان أن شروط إسرائيل لإنهاء الحرب لم تتبدّل
نتنياهو يسعى لكسب الوقت والمماطلة في سبيل حماية مصالحه وحكومته
سبق لنتنياهو تحدي بايدن في مواقف كثيرة منذ بداية الحرب
على الرغم من محاولة الرئيس الأميركي جو بايدن حشر رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الزاوية للموافقة على مقترح الصفقة الذي كشف عنه على الملأ، يوم الجمعة الماضي، بقوله إن إسرائيل هي من تقدّمت به ويتكون من ثلاث مراحل لإنهاء الحرب على غزة، إلا أن نجاح خطوته لا يبدو مؤكداً، خاصة أن نتنياهو أكد بعد ذلك، في بيان صادر عن مكتبه، أن "شروط إسرائيل لإنهاء الحرب لم تتبدّل" وهي "القضاء على قدرات حماس العسكرية والسلطوية، وتحرير كل المختطفين (المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة)، وضمان أن غزة لم تعد تشكّل تهديداً لإسرائيل"، وأضاف نتنياهو "بموجب المقترح، ستواصل إسرائيل التمسك بتلبية هذه الشروط قبل أن يدخل وقف دائم لإطلاق النار حيز التنفيذ".
وليست هذه المرة الأولى التي يظهر فيها نتنياهو موافقته على صفقة في محاولة لكسب الوقت والمماطلة في سبيل حماية مصالحه وحكومته، ثم يتراجع عن ذلك وكأن الصفقة جاءت من طرف آخر مدعياً أنه غير مستعد لها، وسبق له أن فعل شيئاً مشابهاً عشية صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي كان محتجزاً في قطاع غزة لسنوات.
ورغم أنه سبق لنتنياهو تحدي بايدن في مواقف كثيرة منذ بداية الحرب الحالية وضرب رأيه بعرض الحائط، سواء باجتياح رفح رغم التحذيرات الأميركية أو في حالات أخرى، سبّب خطاب بايدن وإعلانه أبرز ملامح مقترح الصفقة وقوع أزمة محتملة لنتنياهو مع ائتلافه الحاكم وهو ما ظهرت بوادره في ردود الفعل الأولية للوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش اللذين سارعا إلى تهديد نتنياهو بحل الحكومة في حال وافق على الصفقة.
خطأ في قراءة نتنياهو
ويقول القنصل الإسرائيلي الأسبق في نيويورك، ألون بينكاس، في مقال نشره في صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الأحد، إن بايدن أثبت مجدداً أنه لا يفسر نتنياهو بشكل صحيح، وسواء كان الرئيس الأميركي يتحدث عن اقتراح إسرائيلي أو عن تفسير الإدارة الأميركية لأفكار إسرائيلية، من المرجّح أن الضجة التي أثارها ستؤدي إلى رفض نتنياهو المقترح، معتبراً أنه إذا كان هذا اقتراحاً إسرائيلياً فإنه يتناقض مع كل تصريحات نتنياهو في الأشهر الأخيرة، حول "النصر المطلق".
وأضاف بينكاس أن افتقار بايدن إلى الحنكة كان أكثر وضوحاً بهذه الخطوة "فهو يخطئ مرة أخرى في قراءة نتنياهو.. وتلاعباته ومناوراته وحيله لكسب الوقت. وهو يتجاهل مرة أخرى سياسة نتنياهو المتعمّدة في مواجهة الولايات المتحدة. هو يخطئ مرة أخرى في تفسير هدف نتنياهو النهائي، وهو المماطلة حتى سبتمبر/ أيلول، حتى تنغمس الولايات المتحدة بالكامل في الانتخابات الرئاسية. وهو لا يدرك أن هدف نتنياهو من الظهور في الكونغرس هو إضعاف بايدن عشية الانتخابات، مع تحسين وضعه في إسرائيل. ومن المرجح أن يثير خطاب بايدن تهديدات وصخباً من الجانب المتشدد في الائتلاف الحاكم".
وفي صحيفة يديعوت أحرونوت اعتبر الصحافي رونين بيرغمان، المختص بشؤون الأمن القومي، أن خطاب بايدن كان مفاجئاً وأنه دفع نتنياهو إلى الزاوية ما دفع الأخير تفادياً لاندلاع أزمة مع شركائه في الحكومة إلى إرسال رسالة إلى فريق المفاوضات الإسرائيلي تثير تساؤلات لدى أعضاء الفريق حول مدى جدية المضي نحو صفقة. ويذكر هذا بحسب بيرغمان بصفقة سابقة وافق عليها نتنياهو ثم رفضها، وينقل بيرغمان عن مسؤول لم يسمّه، يتمتع بخبرة كبيرة في المفاوضات، أنه في عام 2009 عندما وافق نتنياهو على مقترح صفقة الجندي جلعاد شاليط، الذي اقترحه عليه المنسق الإسرائيلي حجاي هداس والذي أرسله بدوره إلى الوسيط الألماني الذي تمكّن من إقناع حماس بقبول الصفقة، وعاد إلى هداس مرة أخرى الذي رجع بدوره إلى نتنياهو وأخبره بأن كل شيء على ما يرام وأن هناك صفقة، فوجئ هداس بأن نتنياهو أعلن أن الصفقة التي كان قد وافق عليها، أي التي اقترحتها إسرائيل على الوسيط قبل أيام، هي الصفقة ذاتها التي تعارضها إسرائيل.
بانتظار ترامب
وبالعودة إلى مقترح بايدن، نقل الصحافي عن مسؤول إسرائيلي مطلع قوله إن نتنياهو منح فريق المفاوضات تفويضاً لفحص ما يمكن أن توافق عليه حماس، ولكن فقط من أجل الفحص، ليتمكن لاحقاً من التملص منه في حال رأى أنه سيمس بحكومته، ولكن بعد ذلك جاء بايدن وعرض المقترح على الملأ وحشر إسرائيل في الزاوية. وأشار الكاتب إلى أن نتنياهو ابتعد خطوة كبيرة أخرى عن الموافقة على مقترح بايدن من خلال تعقيبه عليه (في البيان الصادر عن مكتبه) رغم أن بايدن أشار إلى أن نتنياهو بنفسه هو من اقترحه. ونقل الكاتب عن مسؤول إسرائيلي رفيع لم يسمّه، قوله إن "ما سيحدث الآن مرتبط بمدى خروج الجمهور الإسرائيلي إلى الشوارع وضغطه من أجل إتمام الصفقة، لأن ميول نتنياهو هي أن يستقوي على بايدن ويقول لا (لمقترح الصفقة). بايدن قال الحقيقة أن هذا ما تبدي إسرائيل استعداداً له، ولكن ليس إسرائيل بن غفير".
من جهته كتب الصحافي جدعون ليفي في هآرتس أنه "في حال رفض نتنياهو مقترح الرئيس الأميركي فإن على إسرائيل وليس فقط المحكمة الدولية في لاهاي، إعلان أن نتنياهو مجرم حرب"، واعتبر ليفي أن رفض اقتراح بايدن الذي وصفه بأنه الأفضل، ويشكّل فرصة النجاح الأخيرة، "سيكون بمثابة جريمة حرب، لأن ذلك سيعني قول نعم للمزيد من سفك الدماء الجماعي، والذي لا فائدة منه للجنود الإسرائيليين وأكثر من ذلك لسكان غزة، وسيعني (قول لا لمقترح الصفقة) نعم لموت المختطفين، وسيعني نعم للإبادة الجماعية ونعم للحرب في الشمال".