هل من تحولات بشأن الأمن في السياسة الخارجية الجزائرية؟

هل من تحولات بشأن الأمن في السياسة الخارجية الجزائرية؟

24 فبراير 2022
كانت الكويت المحطة الأخيرة لجولة تبون (الرئاسة الجزائرية/الأناضول)
+ الخط -

أثارت تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، مساء الثلاثاء الماضي، خلال لقائه الجالية الجزائرية في الكويت، حول أمن دول الخليج العربية أسئلة عن محتواها السياسي ودلالاتها في علاقتها بتحولات لافتة في السياسة الخارجية للجزائر.

وخلال اللقاء قال تبون: "بالنسبة للخليج، رغم البعد الجغرافي، فإننا في المغرب العربي نحاول الاقتراب منهم والدفاع عنهم، وما يمسهم يمسنا، ومن يمس الكويت أو قطر أو السعودية كأنما مسنا نحن في الجزائر، فلن نقبل بذلك أبداً"، في إشارة منه إلى الاعتداءات الأخيرة التي استهدفت الرياض وأبوظبي.

وكان الرئيس الجزائري قد وصل الليلة الماضية إلى الجزائر عائداً من جولة عربية شملت قطر والكويت، تصدّرتها قضايا سياسية شملت على وجه الخصوص القمة العربية المقررة في الجزائر، وملفات التعاون الاقتصادي، وأظهر فيها الرئيس تبون دعما لأمن المنطقة. 

ودانت الجزائر في 24 يناير الماضي الهجمات الجديدة للحوثيين على الإمارات والسعودية، ودعت إلى تفادي التصعيد، وشجبت حينها هذه الأعمال العدائية، واستنكرت بشدة توالي الاعتداءات، وجددت تضامنها الدائم مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وعبّرت عن دعوتها إلى"تفادي التصعيد وتغليب لغة الحكمة والحوار لتجاوز الخلافات وإيجاد الحلول الكفيلة بضمان مستقبل يسود فيه السلم والأمن والرفاهية لصالح كافة شعوب المنطقة".

ويوحي تصريح تبون بعودة اهتمام جزائري بالأمن الشامل للمنطقة العربية، ضمن تقليد سياسي كان قائما ضمن محددات الدبلوماسية الجزائرية حتى بداية التسعينيات، لكنه تراجع في العقود التي تلت ذلك، بسبب ظروف محلية تخص الجزائر، وتحولات إقليمية منذ الغزو العراقي للكويت.

عطية: تتشكل ملامح نظام عالمي جديد على أسوار أوكرانيا، وقد نشهد تحولا في الصراع العربي الإسرائيلي على حساب الدول المطبّعة والكيان الصهيوني

ويفسر المحلل وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر إدريس عطية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، موقف الجزائر الأخير من أمن منطقة الخليج بأنه إشارة إلى "حوار دفاعي جديد في الوطن العربي، يتعلق بالدول التي ترفض التطبيع، ومدى استعداد الجزائر لتحالفات دفاعية واستراتيجية ضد الكيان الصهيوني، وهذا قد يعتبر أرضية لتوقيع اتفاقيات دفاع مشتركة مع دول المشرق العربي، التي تعد أقرب جغرافيا للكيان الصهيوني، لكنها ستكون قريبة من الجزائر استراتيجيات وتكتيكياً".

وأضاف عطية: "تدرك الجزائر أن الوطن العربي لن يغيب عن الترتيبات الدولية الراهنة" جراء الأزمة الأوكرانية، وهذا "قد يغير من قواعد اللعبة الدولية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وهذا ما سيسمح للجزائر بالتحرك في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل"، فهناك "ملامح نظام عالمي جديد تتشكل على أسوار أوكرانيا" و"قد نشهد تحولا في الصراع العربي الإسرائيلي، يكون لصالح المحور العربي وعلى حساب الدول المطبّعة والكيان الصهيوني".

وقد سبق تصريحات تبون الأخيرة بشأن أمن الخليج، حديث منه عن نقاط حيوية أخرى ترى الجزائر أنها تمس أمنها، فقال خلال حوار تلفزيوني في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إن أمن تونس من أمن الجزائر، ولن تسمح الأخيرة بزعزعة استقرار الجارة الشرقية، وتحدث قبل ذلك عن ليبيا حين قال إن طرابلس خط أحمر بالنسبة للجزائر، خلال محاولات حفتر الدخول إليها، وتطرق في السياق نفسه إلى دول الساحل ومالي خاصة.

بومدين: الحديث عن تحولات في العقيدة الأمنية للسياسة الخارجية للجزائر قد يكون سابقا لأوانه، ولا يزال الخطاب السياسي في ضوء تصريحات تبون بحاجة إلى خطوات عملية

لكن الباحث في الشؤون الاستراتيجية والأمن عريبي بومدين، ذهب في تصريحه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الحديث عن تحولات في العقيدة الأمنية للسياسة الخارجية للجزائر، على ضوء تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون، سواء في ما يخص العلاقة بالمنطقة العربية أو دول الساحل في الجوار الجنوبي، قد يكون سابقا لأوانه، مشيرا إلى أن هذا الخطاب السياسي بالنسبة للجزائر في علاقته بقضايا الأمن الإقليمي بحاجة إلى خطوات عملية ليَحدث تناسق تام وتحول واقعي، خاصة وأن هذا الأمر تعترضه عدة عقبات سياسية واستراتيجية أبرزها تباين حول توجهات وخيارات بعض بعض الدول في الإقليم والتي حسمت خياراتها الدفاعية في علاقة بتحالفات مع قوى غريبة عن المنطقة.