تزداد وتيرة الحراك القبلي في شرق ليبيا المطالب بضرورة فتح تحقيق في جرائم القتل والخطف والاعتقالات مجهولة الفاعل، وسط إعلان القبائل عن رفض "حكم العسكر"، وترحيبها بحكومة الوحدة الوطنية، فهل رفعت تلك القبائل غطاءها عن اللواء خليفة حفتر، وكيف يمكن للسلطة الجديدة في البلاد استثمار تلك المطالبات لفرض سيطرتها في شرق البلاد.
وفي آخر تلك المواقف القبلية بيان لقبيلة العبيدات، استنكرت فيه انتهاك حرمات البيوت والخطف والاعتقال القسري، مطالبة السلطات القضائية بـ"التدخل السريع" لـ"التحقيق في قضايا القتل والاختطاف وضبط وإحضار المطلوبين في هذه القضايا والجرائم".
وفيما رحّبت القبيلة، في بيان لها إثر انتهاء اجتماع زعمائها، مساء أمس السبت، بحكومة الوحدة الوطنية، أكدت رفض "الحروب وحكم العسكر".
وانضمت قبيلة العبيدات، التي يتحدر منها رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وتعدّ أكبر قبائل الشرق الليبي، إلى عديد من القبائل في شرق ليبيا طالبت في بيانات مختلفة بـ"الكشف عن جميع السجون السرية في برقة، ومعرفة مصير كل المختطفين ومعاقبة من قاموا بالخطف أو أمروا به"، و"إخراج جميع الكتائب والتشكيلات العسكرية من مدينة بنغاري".
واقع جديد
وإثر حادثة العثور على 10 جثث جديدة في حي الهواري ببنغازي الخميس الماضي، أعلنت قيادة حفتر، أمس السبت، عن أوامر الأخير بفرض جملة من الإجراءات الأمنية في بنغازي، وقبلها أعلن الفريق عبد الرزاق الناظوري، المكلف من جانب حفتر برئاسة اللجنة العليا لمكافحة وباء كورونا، بفرض حظر تجول شامل في كامل المنطقة الشرقية لمدة أسبوعين، وهي إجراءات يراها الناشط السياسي الليبي ميلود الحاسي جاءت كمحاولة لتلافي انفلات الأوضاع من سيطرة حفتر، كما يراها تعكس واقعاً جديداً في أوضاع شرق البلاد.
وفي قراءته بيانات القبائل في شرق ليبيا يقول الحاسي في حديثه لـ"العربي الجديد" إنها "بمثابة سحب الشرعية من حفتر ورفع الغطاء الاجتماعي عنه"، ويضيف "صيغ البيانات واضحة عندما تعبر عن رفضها لحكم العسكر فهي تعني رفضها لحفتر وسلطته وترحيبها بحكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي، ما يعني دعوة للسلطة الجديدة وتعهداً بدعمها"، مذكراً بأن رئيس السلطة التنفيذية الجديدة هو محمد المنفي المتحدر من بين تلك القبائل.
ووفق الحاسي فإن "هذه المواقف القبلية والمتغيرات الجديدة في شرق البلاد باتت تمثّل فرصة سانحة لحكومة الوحدة الوطنية لبسط سيطرتها في الشرق الليبي وتغيير الأوضاع هناك".
لكن هذا التحوّل في الأوضاع يشكل تحدياً كبيراً للسلطات الجديدة، بحسب الحاسي، فمن جانب لا يزال حفتر يمتلك قوة يمكنه من خلالها نشر الفوضى وخلط الأوراق، وعليه يتوجّب على الحكومة معالجة الملفات المتصلة به، خصوصاً الملف الجنائي".
ومن جانب آخر فـ"تأخر الحكومة عن التجاوب مع المطالب القبلية وسط السخط الكبير قد يعجّل بانفجار الأوضاع وانحدارها للأسوأ، فلا القبائل راغبة في بقاء حفتر ولا حفتر يمكنه القبول بإزاحته من المشهد دون ترتيب أوضاعه وضمان حصة له".