هل تُطوّر إدارة بايدن دورها من هامشي إلى فعّال في أزمة لبنان؟

هل تُطوّر إدارة بايدن دورها من هامشي إلى فعّال في أزمة لبنان؟

14 يوليو 2021
السفيرة الأميركية في بيروت (جوزيف عيد/ فرانس برس)
+ الخط -

تزايد نسبياً حضور أزمة لبنان مؤخراً في المداولات السياسية والإعلامية بواشنطن، إذ بدأت سيرتها تتردد في بعض أروقة الكونغرس ومراكز الأبحاث ووزارة الخارجية، وإن كان بصورة متقطعة وبكثير من الالتباس بعد تفاقمها ووصولها إلى نقطة استعصاء مشحون بعواقب محلية وإقليمية خطيرة، ما أدى لنقلها إلى الشاشة بعد أن كانت شبه منسية، أو بشكل دقيق، مُتجاهلة.
الإدارة الأميركية تعاطت معها منذ البداية بصورة هامشية، إذ اقتصر دورها على تقديم المساعدات الإنسانية والعسكرية المتواضعة للجيش والمساهمة في تسهيل مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، حيث بقيت كافة هذه الأدوار، ما عدا الأخيرة، في حدود رمزية ومن باب رفع العتب، والأرجح أنها كانت للتمويه. 
بموازاة ذلك بقي خطابها يدور في إطار النصائح والعموميات عبر التركيز على "ضرورة تشكيل حكومة لبنانية جديدة تقوم بالإصلاحات المطلوبة وتحارب الفساد"، مع التشديد على "قصور الطاقم الحاكم في تلبية مطالب اللبنانيين"، معزوفة كررتها وزارة الخارجية في اللقاء الصحافي اليومي كلما سئلت عن الموضوع. 

 

"العربي الجديد" سأل الخارجية عما إذا كان لقاء الوزير أنتوني بلينكن مع نظيريه الفرنسي والسعودي في روما مؤخراً انطوى على موقف جديد من الوضع أو من المطروح حول تدويل الأزمة، إلا أن الجواب كان ذاته.
وكانت الإدارة الأميركية بهذه الدعوات تشتري الوقت، سواء من خلال مساندة مواقف الآخرين مثل فرنسا، أو من خلال تحفيزهم للعب دور في وقف التدهور كما تجلى في زيارة السفيرة الأميركية في لبنان إلى السعودية برفقة السفيرة الفرنسية. 
ثمة من يربط بين هذا الاهتمام الهامشي بالأزمة اللبنانية وبين حرص الإدارة على عدم توتير العلاقة مع إيران في لبنان أثناء مفاوضات فيينا، وكأن واشنطن توظف هي الأخرى ورقة الأزمة اللبنانية في مفاوضات النووي، إذ ليس صدفة ألا يجرى التركيز وتسليط الأضواء بشكل مكثف على الجانب الإقليمي المعروف للمحنة اللبنانية، في الحديث الرسمي الأميركي، حيث يشار إليها بصورة عارضة مع التشديد على جوانبها الداخلية اللبنانية، مثل "الإدارة يجب أن تكون متنبهة وبذكاء في مقاربتها لحزب الله" أو عن "دور إيران في الأزمة اللبنانية"، كما قال السناتور تيم كاين في مؤتمر نظمته مؤسسة الشرق الأوسط  للدراسات بواشنطن، بمشاركة جمع من الدبلوماسيين وخبراء السياسة والمال والاقتصاد والباحثين، والذي خصص لمناقشة الوضع اللبناني وكيفية مواجهة مشاكله والنهوض به.
وفي غمز مبطّن من زاوية الإدارة وموقفها الضبابي من لبنان، تعهد السناتور تيم كاين والسيناتور جين شاهين التي شاركت أيضاً في المؤتمر؛ بالعمل "لضمان بقاء هذا الملف على شاشة رادار الوزير بلينكن ومجلس الأمن القومي". 
مثل هذا الغمز بدأ يتحول إلى مطالبات بضرورة تغيير الإدارة لسياستها تجاه لبنان، في ضوء تعثر مفاوضات فيينا وتشدد إيران فيها وفي المنطقة، فيما تتزايد التحذيرات من اختصار الولايات المتحدة سياستها الخارجية في الشرق الأوسط بإيران وملفها النووي. 
في وقت متأخر اليوم يلتقي الوزير بلينكن مع نظيره الفرنسي جون إيف لودريان في مقر السفارة الفرنسية بواشنطن، للاحتفال بعيد فرنسا الوطني، فيما تحدث الوزير الزائر يوم أمس في ندوة عن العلاقات الأطلسية والتحدي الصيني وليس الشرق الأوسط.
هذا ويتوقع أن يكون لبنان موضوع تشاور بين الوزيرين، ولو أن المناسبة احتفالية، فهل يستبدل البيت الأبيض سياسة "القيادة من الخلف" بسياسة فصل الملفات عن بعضها وعدم ارتهانها بمجريات مفاوضات النووي وأولويتها على حساب ما عداها؟ الصعوبة في ذلك أن مثل هذا الانتقال يستدعي إعادة النظر بالتوجه الأميركي الذي يعطي الأفضلية للصين والشرق الأقصى على حساب الشرق الأوسط. حتى الآن لا توجد بوادر على هكذا تغيير.

المساهمون