هل تنقرض ديناصورات السياسة في ليبيا؟

هل تنقرض ديناصورات السياسة في ليبيا؟

11 فبراير 2021
يتطلع الليبيون إلى تجاوز جميع الأزمات (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

بعد مخاضٍ عسير دام أشهراً، تمكّن ملتقى الحوار السياسي الليبي من انتخاب سلطة بوجوه جديدة، استقبلتها الأوساط المحلية والدولية بترحيب واسع. لكن عكس المأمول، وجد القادة الجدد أنفسهم في حلبة صراع سياسي لا يقل حدة عما شهدته البلاد من صراعات سابقة. ووسط الجهود الكثيفة التي يبذلها قادة السلطة الجديدة لتشكيل حكومة توافق وطني، عادت الوجوه القديمة، التي ارتبطت بكل شيء في ليبيا باستثناء السلام، إلى التصريحات والبيانات لترتيب صفوفها، ومعالجة المأزق المرتبط بحساباتها لاستمرار الهيمنة على المشهد، من خلال عنف سياسي للحفاظ على أنصارها وحلفائها، وامتصاص صدمة الخسارة، تلافياً لتغير اتجاهات الرأي العام. ووصل ذلك إلى حد إعلان وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا عن رغبته في زيارة المنطقة الشرقية التي تحتضن قواعد خليفة حفتر العسكرية، متناسياً من دون أي أسباب أو مقدمات، أشهراً من الدم والبارود، عندما كانت قوات حفتر تقرع أبواب طرابلس، ويصفه قادتها بـ"قائد المليشيات".

تلك الوجوه القديمة كانت رئيسة البعثة الأممية السابقة ستيفاني وليامز قد وصفتها بـ"الديناصورات"، وخيّرتها بين الانقراض أو التعاطي بإيجابية مع الرؤية التي تتبناها ومن خلفها المجتمع الدولي، لكنها عادت لتتساءل "هل سيذهب هؤلاء إلى الانقراض سريعاً، أم سننتظر 160 مليون سنة أخرى؟". جواب هؤلاء لم يتأخر، ولسان حالهم يقول لا للخيارين، ففي بوزنيقة المغربية فصّلوا آليات المراكز السيادية على مقاساتهم، وفي غدامس قرروا جناحاً ثالثاً لمجلس النواب، إضافة إلى طرابلس وطبرق.

لا تبدو العراقيل التي تقف أمام السلطة الجديدة متوقفة عند حد نيل الثقة، فالبديل لنيل الثقة موجود وهو ملتقى الحوار السياسي، ولا حتى في تشكيل الحكومة وفق مبدأ المحاصصة والترضية المناطقية، وإنما بقدرة السلطة الجديدة على رسم برامج وخطط لاقتلاع مخالب تلك "الديناصورات"، وتحديداً ملفات المرتزقة متعددي الجنسيات، بواقع 20 ألف مقاتل داخل 10 قواعد، وفق وليامز نفسها، إضافة إلى ملف السلاح المتصل بالمجموعات المسلحة المهيمنة على الأرض.

وأبعد من ذلك، يبدو التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات المقبلة أهم العوامل لتوفير ظرف مناسب لانقراض "ديناصورات السياسة" في البلاد، بينما يؤشر ظهور بوادر خلاف حول الاستفتاء على الدستور ليكون إطاراً قانونياً للانتخابات المقبلة، إلى صحة مخاوف شريحة من الليبيين من الإعلان عن وصول حكام جدد إلى المشهد قبل الاتفاق في المسار الدستوري، ما يعني برأيهم بقاء الباب مفتوحاً على مراحل انتقالية بحكومات وسلطات كلها تتشبث بالبقاء في المشهد وتستند إلى شرعية.

المساهمون