هل تنجح مبادرة الإصلاح في إنهاء حملة السلطة الفلسطينية في مخيم جنين؟

رام الله

جهاد بركات

جهاد بركات
17 يناير 2025
هل تنجح مبادرة "الوفاق ووحدة الدم" في إنهاء الصراع في جنين؟
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بدأت مبادرة الإصلاح في مخيم جنين بهدف إنهاء الحملة الأمنية "حماية وطن"، التي أسفرت عن مقتل 15 شخصًا، وتسعى لمعالجة التوترات بين السلطة والمقاومين.
- تضمنت الخطوة الأولى من المبادرة دخول أجهزة الدفاع المدني والشرطة إلى المخيم، وتهدف إلى إنهاء المظاهر المسلحة واستعادة الحياة الطبيعية، مع التأكيد على سيادة القانون.
- التوافق الأولي على المبادرة يفتح الباب لإعادة تقديم الخدمات الأساسية، ويهدف إلى حقن الدماء والحفاظ على النسيج الوطني الفلسطيني، مع استمرار المقاومة في مواجهة الاحتلال.

تبدأ اليوم الجمعة أولى خطوات مبادرة الإصلاح لإنهاء الحملة الأمنية التي تشنها السلطة الفلسطينية على مخيم جنين منذ 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتتخللها اشتباكات عنيفة مع مقاتلي المخيم المنتمين إلى مزيج من فصائل المقاومة الفلسطينية، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً بينهم ستة من عناصر الأمن.

وأطلقت السلطة الفلسطينية اسم "حماية وطن" على عمليتها الأمنية في جنين، وقالت إنها تهدف إلى ملاحقة من وصفتهم بـ"الخارجين عن القانون" في إشارة إلى عشرات المقاتلين الذين شكلوا جسماً مسلحاً يخوض في العادة اشتباكات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي التي تقتحم المخيم بين فترة وأخرى.

وحصلت مبادرة أطلقتها مؤسسات مجتمعية في مدينة جنين ولجنة إصلاح مركزية لوقف الاشتباكات في مخيم جنين على موافقة مبدئية من طرفي الأزمة (السلطة والمقاومين)، على أن تبدأ أولى الخطوات اليوم الجمعة، كما أكد عضو لجنة الإصلاح المركزية احمد صلاح في حديث لـ"العربي الجديد". وتبدو اللجنة متحفظة على التفاصيل، لكن عضو اللجنة الشيخ أحمد صلاح أكد لـ"العربي الجديد" التوافق على المبادرة، وقال إن "السير نحو الحل يأخذ منحى التطبيق خطوة بخطوة، لأن المشكلة معقدة وليست وليدة اللحظة، ولها تبعات قانونية وتبعات أخرى ولا بد من حلحلتها جميعا واحدة بعد الأخرى".

ومع التقدم في جهود التوصل إلى اتفاق نهائي، ساد الهدوء مخيم جنين، اليوم الجمعة، وعاد بعض مظاهر الحياة اليومية لشوارعه، فيما دخلت طواقم شركة الكهرباء لإعادة شبك الخطوط التي انقطعت نتيجة للاشتباكات، بالتزامن مع تطور ملحوظ وهو عدم وجود المسلحين في شوارع المخيم وتراجع حدة التواجد الأمني للأجهزة الأمنية الفلسطينية في محيطه.

وأكد صلاح أن الخطوة الأولى تمثلت في التوافق على دخول أجهزة الدفاع المدني والشرطة وهندسة المتفجرات إلى المخيم. وأضاف: "لا نريد الحديث الآن عن كل التفاصيل وسنبقي كل شيء إلى حين تنفيذه، الخطوة الأولى اليوم هي خطوة جبارة، وهي بمثابة كسر الحاجز بين الطرفين". وردا على سؤال حول انتشار أنباء على مواقع التواصل الاجتماعي عن الاتفاق على تسليم المسلحين أنفسهم لأجهزة السلطة الأمنية، قال إن ذلك غير صحيح لكن المبادرة تتحدث عن إلغاء المظاهر المسلحة في المخيم.

وكانت المبادرة التي أعلنت في 14 يناير/كانون الثاني الجاري باسم المجتمع المحلي في مدينة جنين ومخيمها وريفها ومؤسساتها وفعالياتها، وعرفت باسم مبادرة "الوفاق ووحدة الدم"، دعت القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس إلى مراجعة الآليات المعتمدة للتعامل مع أوضاع المخيم وإعادة النظر فيها، بهدف إعادة نبض الحياة إليه بعد مغادرة ثلثي سكانه وشل مظاهر الحياة فيه حسب نص المبادرة.

وأكدت المبادرة على "إنفاذ سيادة النظام والقانون، وسيادة الدولة الفلسطينية بكافة مؤسساتها على مخيم ومدينة جنين وريفها"، ودعت إلى إنهاء كافة المظاهر المسلحة لمنح الفرصة لاستعادة الحياة والاستقرار وإعادة الإعمار في المخيم، مؤكدة "وحدوية" هذا السلاح لضبط الأمن والاستقرار المجتمعي، و"وقف كافة أشكال التحريض أو إثارة الخلافات أو النعرات التي لا تخدم المصلحة العامة أو السلم الأهلي". وقالت: "هذا المخيم المعطاء يستحق أن يحظى بفترة من الاستقرار واستراحة المقاتل لإعادة الإعمار والحياة الطبيعية".

ورفض نشطاء من داخل مخيم جنين التعليق لـ"العربي الجديد" على التفاصيل، لأن الاجتماعات، كما قالوا، متواصلة من أجل الوصول إلى اتفاق نهائي، والخروج بالتفاصيل عبر مؤتمر صحافي.

ويوم الثلاثاء الماضي، أعلنت اللجنة الإعلامية لمخيم جنين في بيان عن التوافق مع فصائل المقاومة في المخيم على "مبادرة لحقن الدماء حفاظًا على النسيج الوطني الفلسطيني"، مبينة "أن التوافق جاء من منطلق قوة لا ضعف، وأن المقاومة وأهالي المخيم، الذين دافعوا منذ اليوم الأول عن كرامة مخيمنا، سيظلون على عهدهم في حماية إرث الشهداء ومواجهة الاحتلال بكل السبل الممكنة"، حسب البيان.

وفي اليوم نفسه، أعلنت كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، في بيان توضيحي؛ الموافقة على المبادرة المقدمة من لجان الإصلاح ومؤسسات المجتمع المدني والمحلي والغرفة التجارية. وقالت الكتيبة في بيانها إنها "وافقت وكافة فصائل المقاومة في المخيم ومن منطلق حقن الدماء وحفظ النسيج الوطني ومن مبدأ القوة وليس الضعف"، وإنها "أحرص الناس على سيادة القانون". وأشارت إلى أن "المبادرة تهدف إلى حقن الدم الفلسطيني والحق المشروع في مقاومة الاحتلال".

وكان العديد من المبادرات فشل سابقا في الوصول إلى حل لأزمة المخيم، أبرزها مبادرة "وفاق" التي أعلنت في 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي وتبنتها أكثر من 60 هيئة ومؤسسة مجتمع مدني وحقوقي والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وأحزاب فلسطينية وشخصيات أخرى.

الصورة
سيارة أمنية فلسطينية قرب مدخل مخيم جنين، 4 يناير 2025 (فرانس برس)
مركبة تابعة لأمن السلطة الفلسطينية قرب مدخل مخيم جنين، 4 يناير 2025 (فرانس برس)

ويفتح التوافق الأولي على مبادرة لجان الإصلاح الباب على إعادة تقديم الخدمات للمخيم التي تأثرت بشكل كبير بعد الحملة الأمنية، لا سيما انقطاع الكهرباء والمياه عن أجزاء كبيرة من المخيم، وتوقف جمع النفايات وخدمات أخرى في ظل الاشتباكات.

وكانت السلطة الفلسطينية قالت إن عملية "حماية وطن" انطلقت "لفرض القانون والنظام، وملاحقة الخارجين عن القانون" بحسب توصيفها، وسرعان ما أخذت البيانات الرسمية لأجهزة الأمن والناطق باسمها العديد من التوصيفات الأخرى مثل "الإرهاب" و"داعش"، وعبث إيران في المشهد الداخلي، بينما أكدت فصائل المقاومة في العديد من البيانات أن الحملة الأمنية تسعى لإنهاء حالة المقاومة في المخيم وملاحقة المقاومين.

وانطلقت الحملة الأمنية إثر توتر نجم عن اعتقالات نفذتها أجهزة السلطة الأمنية بحق نشطاء من المخيم ينتمون إلى حركة الجهاد الإسلامي، تبعها استيلاء أفراد "كتيبة جنين" على مركبتين إحداهما تعود للارتباط العسكري الفلسطيني والأخرى لوزارة الزراعة.

ذات صلة

الصورة
رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، قدورة فارس (العربي الجديد)

سياسة

أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، صباح اليوم الثلاثاء، قرارًا يقضي بإحالة رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس إلى التقاعد بعد أزمة مخصصات الأسرى.
الصورة
مدرعة الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين، في 23 يناير 2025 (فرانس برس)

مجتمع

شرعت قوات الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ عمليات هدم وتفجير وحرق عدد من المنازل في مخيم جنين، شمال الضفة الغربية، في اليوم الرابع للعدوان المستمر على المخيم...
الصورة
أجبروا على النزوح من مخيم جنين، 23 يناير 2025 (محمد منصور/ فرانس برس)

مجتمع

يشهد مخيم جنين شمالي الضفة سيناريو التهجير القسري الجماعي الذي عاشه فلسطينيو غزة، ويخشى أهله ألا يتمكنوا من العودة إليه، أو أن يتم تدميره بالكامل
الصورة
جيش الاحتلال يقتل الفلسطيني أحمد الشايب في جنين 21/1/2025 (لقطة شاشة)

سياسة

قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي فلسطينياً كان يقود مركبته وإلى جانبه أطفاله وزوجته في مدينة جنين، شمالي الضفة الغربية، في مشهد وثقه مقطعا فيديو.