هل تسقط تايوان في قبضة الصين من دون قتال؟

27 مايو 2025   |  آخر تحديث: 04:03 (توقيت القدس)
أمام مفاعل نووي في بينغتونغ، تايوان، 17 مايو الحالي (دانيال سينغ/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- التوترات بين تايوان والصين: أكد الرئيس التايواني لاي تشينغ تي على رغبة تايوان في السلام مع الصين، مع تعزيز الدفاعات لتجنب الحرب. في المقابل، تشير مقالة عسكرية صينية إلى إمكانية تدمير تايوان عبر استهداف بنيتها التحتية، مما يعكس استراتيجية "حرب انهيار المدن".

- الاستراتيجيات الصينية: تتنوع بين الدعوة للتوحيد السلمي بصيغة "دولة واحدة ونظامان" والتهديد بالقوة العسكرية. تشير الدراسات إلى إمكانية استئناف الحرب ضد "الانفصاليين" وفرض حكم مباشر.

- سياسة المنطقة الرمادية: تتبع بكين سياسة تكتيكية لتكريس أمر واقع يسهل السيطرة على تايوان، بينما تظل الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عنها.

عاد الحديث عن مستقبل تايوان إلى الواجهة في الصين عقب تصريح الرئيس لاي تشينغ تي، قبل أيام، بأن الجزيرة تريد السلام والحوار مع بكين، لكنها يجب أن تستمر في تعزيز دفاعاتها. وقال لاي في ما وُصف برسالة سلام، بمناسبة عام على توليه منصبه في 20 مايو/أيار الحالي: "أنا ملتزم السلام، لأن السلام لا يُقدّر بثمن، ولا رابح في الحرب، لكن عندما يتعلق الأمر بالسعي للسلام، لا يمكن أن نسير وراء أحلام أو أوهام". وذكر أن تايبيه ستواصل تعزيز دفاعاتها، لأن الاستعداد للحرب أفضل طريقة لتجنّبها.

وقالت مجلة عسكرية صينية إن انهيار الأنظمة في تايوان قد يؤدي إلى تدمير الجزيرة من دون قتال، وجاء في المقال الذي نُشر في عدد شهر مايو من مجلة "السفن البحرية والتجارية" العسكرية الصينية، أن بكين قد تتمكن من سحق تايوان من خلال تدمير العقد الأساسية للبنية التحتية الأساسية في الجزيرة، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تضخيم نقاط ضعفها كثيراً مثل "تأثير الفراشة". وتناول المقال ما بين 30 إلى 40 هدفاً "فائق الأهمية" يمكن أن تؤدي إلى انهيار متسلسل لأنظمة البنية التحتية الأساسية إذا تعرضت للهجوم "في أفضل توقيت"، بما في ذلك مرافق الغاز الطبيعي المسال التي كانت محور تدريبات أجراها الجيش الصيني أخيراً.

مجلة صينية: تكتيك حرب انهيار المدن، يمكن أن يحقق أقصى قدر من التأثير بأقل تكلفة عسكرية

وجاء في المقال: "إن انهيار النظام سيُدمر سريعاً إرادة قوى الاستقلال التايوانية في المقاومة، ويهيئ الظروف المواتية لتحقيق نصر من دون قتال، ويمكن أن يوفر خياراً عسكرياً منخفض التكلفة وعالي الكفاءة لحل قضية تايوان". وتوقع المقال أن إمدادات الكهرباء والمياه قد تنقطع لأيام، ما سيؤدي إلى توقف حركة المرور، وتعطيل الاتصالات والوصول إلى الإنترنت، وتأخير الخدمات الطبية والتسبب في نقص الغذاء. ولفت المقال إلى أن تكتيك حرب انهيار المدن يمكن أن يحقق أقصى قدر من التأثير بأقل تكلفة عسكرية، باعتبار أن تايوان، وهي جزيرة تعتمد كثيراً على الطاقة والسلع المستوردة، وتتعرض بانتظام للكوارث الطبيعية مثل الزلازل والأعاصير، تشكل هدفاً مثالياً لهذا النوع من التكتيكات.

في سياق متصل، كانت مؤسسة أبحاث صينية بارزة قد تحدثت في شهر مارس/آذار الماضي، عن خيار استئناف الحرب على من أسمتهم بـ"الانفصاليين" في تايوان من أجل استعادة الجزيرة بالقوة العسكرية. واقترح الباحث في مركز دراسات تايوان بجامعة شيامن، وانغ هي تينغ، أن تختار بكين اللحظة المناسبة لإحياء عمليات الحرب الأهلية ضد تايوان وفرض حكم مباشر على الجزيرة خلال ذلك الوقت. وقدم وانغ هذا الاقتراح في مقال نُشر في مجلة دراسات تايوان، التي تصدر كل شهرين. وتصدر المجلة عن أهم مؤسسة بحثية في البر الرئيسي الصيني، وهي معهد دراسات تايوان، ومقره بكين، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية.

تقارير دولية
التحديثات الحية

سيناريو هونغ كونغ

في تعليقه على ذلك، قال الباحث في معهد جيانغ شي الصيني للدراسات السياسية، لين وي، لـ"العربي الجديد"، إن هذه دراسات وأبحاث منفصلة، وقد تقدّم توصيات إلى القادة السياسيين والعسكريين، لكنها لا تعكس توجهاً حقيقياً أو ملمحاً عما يدور في دوائر صنع القرار الصينية. ولفت إلى أن بكين كانت واضحة منذ عقود بشأن مسألة تايوان وحدود استخدام القوة العسكرية المقترن بإعلان انفصال أحادي الجانب من القوى الانفصالية في تايبيه، عدا ذلك، فإن الصين تدعو إلى التوحيد السلمي بين الجزيرة والبر الرئيسي.
وأضاف أن الصين أشارت مرات عدة إلى صيغة "دولة واحدة ونظامان" المتبعة في هونغ كونغ، باعتبارها نموذجاً يمكن تطبيقه في تايوان، وهذا يؤكد، حسب قوله، أن بكين ليس لديها أي نيات عدائية في حال استجابة قادة الجزيرة لصوت المنطق والتاريخ والحقائق التي تؤكد أن أي حراك باتجاه الاستقلال محكوم عليه بالفشل.

يشار إلى أن صيغة "دولة واحدة ونظامان" مصطلح جديد ابتكرته الصين في السياسة الدولية، حين استعادت المستعمرة البريطانية السابقة (هونغ كونغ) بموجب الإعلان الصيني البريطاني المشترك الذي وقّعته حكومتا البلدين في 19 ديسمبر/كانون الأول 1984. وتقضي هذه الصيغة باحتفاظ جزيرة هونغ كونغ بنظام سياسي وقانوني واجتماعي مستقل عن الأنظمة المعمول بها في البر الرئيسي الصيني، وهو ما يتيح لسكانها هامشاً من الحرية والديمقراطية.

سياسة المنطقة الرمادية تجاه تايوان

في المقابل، أعرب أستاذ الدراسات السياسية السابق في جامعة تايبيه الوطنية، جين توي، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده بأن بكين تتبع سياسة المنطقة الرمادية بشأن تايوان لتكريس أمر واقع يسهل معه السيطرة على الجزيرة في هجوم مباغت، وذلك من خلال ما يصدر عنها من أقوال وأفعال سواء في نشر مثل هذه السيناريوهات التكتيكية، أو تكثيف المناورات العسكرية في محيط تايوان. وأضاف أن "تكرار هذا الأمر يعطي إيحاءً بأن ذلك أمر اعتيادي لا يستدعي أي حالة تأهب من قادة تايوان أو حلفائها، ومع مرور الوقت يصبح الانقضاض على الجزيرة ترجمة عملية لكل ما رأيناه وسمعناه سابقاً عن نيات بكين".

جين توي: بكين تتبع سياسة المنطقة الرمادية بشأن تايوان لتكريس أمر واقع يسهل معه السيطرة على الجزيرة في هجوم مباغت

يشار إلى أن بكين تعتبر أن تايوان، التي تتمتع بحكم ذاتي، جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وقد أعلنت مراراً أنها ستعمل على استعادتها، حتى لو اضطرت إلى استخدام القوة، كذلك دأبت على تحذير واشنطن من التدخل في شؤون الجزيرة التي لا تعترف معظم دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، بها دولةً مستقلة. ومع ذلك، عارضت واشنطن سابقاً أي تغيير أحادي الجانب في الوضع الراهن، وأبدت التزامها الدفاع عن الجزيرة، إذ تُعتبر الولايات المتحدة المورد الرئيسي للأسلحة إلى تايوان.

دلالات