هل تراجع أحزاب المقاطعة موقفها من المشاركة في الانتخابات الجزائرية؟

هل تراجع أحزاب المقاطعة موقفها من المشاركة في الانتخابات الجزائرية؟

09 سبتمبر 2021
القوى المقاطعة كانت تشكل كتلة البديل الديمقراطي (العربي الجديد)
+ الخط -

تترقب الأوساط السياسية في الجزائر، أخيراً، مواقف وقرارات عدد من الأحزاب السياسية التي كانت قد قاطعت المسار الانتخابي منذ الانتخابات الرئاسية في ديسمبر/كانون الأول 2019، بشأن مشاركتها في الانتخابات المحلية المقبلة المقررة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني القادم، خاصة حزبي "جبهة القوى الاشتراكية" و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، في ظل متغيرات سياسية قد تدفع هذه الأحزاب إلى إنهاء مقاطعتها لصندوق الانتخاب.
وأعطى حزب العمال اليساري، الذي تقوده لويزة حنون، أولى الإشارات لإلغاء المقاطعة والمشاركة بالانتخابات، وقال في بيان صدر عقب اجتماع لجنته المركزية مساء أمس الأربعاء، إنه "تقرر طبقاً لتقاليد الحزب الشروع في العملية القانونية المتعلقة بالتحضير المادي للانتخابات، مع تكليف المكتب السياسي بمهمة تأطير النقاش والسهر على تحقيق الأهداف المسطرة في المجالات السياسية والتنظيمية".
 واعتبرت حنون أن المشاركة في الانتخابات المحلية "مسألة تكتيكية لا تمس بمبادئ الحزب، باستقلاليته تجاه النظام ومنظومة الحكم والسلطة القائمة"، وأن "النقاش حول الانتخابات المحلية يكتسي طابعاً سياسياً حصرياً وعلاقة بالضرورة الملحة في إفراز السبل والوسائل السياسية الكفيلة بمساعدة الأغلبية على فتح مخرج للأمة بواسطة التعبئة المستقلة".

ويفسر حزب "العمال" تغير موقفه من مقاطعة كامل المسار الانتخابي الذي بدأ في ديسمبر/كانون الأول 2019، ورفضه المشاركة في الانتخابات الرئاسية ثم رفضه للاستفتاء على تعديل الدستور، وأخيراً، الانتخابات النيابية التي جرت في يونيو/حزيران الماضي، بكون "الجماعات المحلية خاصة منها المجالس البلدية، وعلى خلاف البرلمان، لها علاقة مباشرة مع حياة المواطنين والمواطنات الذين يمكنهم أن يسائلوا المنتخبين المحليين، وأن يتجندوا لتوجيه مطالبهم ومتطلباتهم".
وأوضح أنه "احتراماً للمواقف التي تم التعبير عنها، تقرر أن يحال النقاش حول مسألة الانتخابات على قواعد الحزب ومع المواطنين والمواطنات. والأخذ بعين الاعتبار التطورات التي ستحدث في البلاد".
وعلى أهمية التحول السياسي لموقف حزب "العمال"، كأحد أقطاب الكتلة المقاطعة، إلا أن الأهمية الأكبر تتعلق بالموقف والقرار المرتقب لجبهة القوى الاشتراكية، أقدم أحزاب المعارضة الجزائرية (تأسس عام 1963)، بشأن المشاركة في الانتخابات المحلية من عدمها.
وتتوجه الأنظار، غداً الجمعة، إلى مقر الحزب، حيث سيعقد المجلس الوطني، للفصل في القرار، بعد مقاطعته ورفضه للمسار الانتخابي منذ عام 2019.
ومن المستجد أن تغير قيادة الحزب قبل أشهر، قد يسمح بفتح نافذة لتعديل مواقفه، خاصة أنه كان قريباً جداً من المشاركة في الانتخابات النيابية الماضية، بعد نقاش ساخن بين قيادات الحزب.

ويعتقد أن تفرض الخصوصيات المحلية للانتخابات المحلية على حزب جبهة القوى الاشتراكية، الذي يسيطر في الغالب على المجالس البلدية والولائية لمنطقة القبائل (ذات الغالبية من السكان الأمازيغ)، اتخاذ قرار بالمشاركة، خاصة في ظل وضع خاص ومناخ متوتر تعيشه منطقة القبائل، بعد الحرائق المهولة وغير المسبوقة التي شهدتها ولايات المنطقة، ما يفرض جهداً محلياً موازياً للمجهود الحكومي لإعادة الحياة إلى طبيعتها من جهة، ولدفع التيار المتشدد في المنطقة الداعي إلى الانفصال بعيداً من جهة أخرى.
وفي السياق، يبقى حزب ثالث وازن من الناحية السياسية بالنسبة لكتلة المقاطعة ولمنطقة القبائل أيضاً، وهو التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي كان قاطع المسار الانتخابي منذ بدايته في ديسمبر 2019، وظل متمسكاً بمطالب الحراك الشعبي في التغيير السياسي الجذري.
ولم يعلن الحزب حتى الآن عن موقفه بشأن المشاركة من عدمها في الانتخابات المحلية والولائية، لكنه طلب من مكاتبه المحلية والولائية في الثاني من سبتمبر/أيلول الحالي، فتح باب التشاور.

وقال المتحدث باسم الحزب مراد بياتور، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الحزب أحال مناقشة مجمل الوضع العام والاستحقاقات السياسية للهيئات القاعدية، تمهيداً لعقد المجلس الوطني للحزب في 17 من الشهر الحالي".
ولفت إلى أن "هناك تباينا في المواقف داخل الحزب، بين الداعين إلى مقاطعة الانتخابات المحلية كاستمرار لموقف داعم للثورة الشعبية (الحراك 22 فبراير)، وبين المطالبين بالمشاركة في الانتخابات المحلية لتحمل المسؤولية في مساعدة المواطنين على تسيير شؤونهم عبر المجالس المحلية المنتخبة".
وأكد أن "الحزب سيناقش الأمر بمسؤولية ويتخذ القرار الذي يعبر عن استقلاليته ويخدم الصالح العام".
ويعتقد محللون أن جملة من المعطيات والمتغيرات السياسية قد تدفع أحزاب المقاطعة إلى التخلي عن هذا الخيار، وقال المحلل السياسي كريم حجام في تصريح، لـ"العربي الجديد"، "أعتقد أن دور المقاطعة وصل إلى نهايته واستنفد كل ما يمكن أن يعبر عنه كموقف، هناك متغيرات قد تدفع الأحزاب التي قاطعت سابقاً للعودة إلى المنافسة الانتخابية، خاصة أن البلديات مهمة بالنسبة لبعضها".
وأوضح أن أول متغير هو أن الحراك الشعبي انتهى كحركية شارع ولم يبق له ضغط أو تأثير على مواقف هذه الأحزاب، كما أن الوضع الذي تعيشه منطقة القبائل بعد الحرائق يفترض أن يبرر لهذه الأحزاب المتمركزة هناك دخول الانتخابات المحلية للعب دور في إعادة إعمار الحياة ومساعدة السكان".
وأضاف "أما العامل الثالث فهو أن هذه الانتخابات تعد السبيل الأمثل لهذه الأحزاب للتطبيع مع الواقع السياسي الذي فرضته السلطة". 
اقتحام جبهة التحرير الوطني
على صعيد منفصل، اقتحم عدد من كوادر جبهة التحرير الوطني، الحزب الفائز بالانتخابات النيابية الماضية، مقر الحزب، للمطالبة برحيل الأمين العام أبو الفضل بعجي، وذلك عشية الانتخابات المحلية المقررة في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وتتهم قواعد الحزب بعجي بعدم الشرعية، وبشبهات تتعلق بوجود علاقات له بجهات مغربية.
وتجمع العشرات من كوادر الحزب خارج المقر منذ صباح اليوم الخميس، بينهم نواب سابقون وحاليون في البرلمان، استجابة لدعوات وجهتها ما تعرف بهيئة التنسيق التي يقودها العضو في مجلس الأمة فؤاد سبوتة، ويدعمها رئيس المجلس صالح قوجيل، والتي تعارض بقاء أبو الفضل بعجي أميناً عاماً للحزب. ورفع خلال التجمع شعار "ارحل". 
وشهد مقر الحزب الأول في البلاد، تعزيزات أمنية في الشارع الذي يتواجد فيه المقر العام للحزب، في منطقة حيدرة في أعالي العاصمة الجزائرية.
ويطالب كوادر جبهة التحرير بعقد اجتماع عاجل للجنة المركزية، لانتخاب قيادة جماعية مؤقتة لتسيير الحزب، إلى غاية تحضير المؤتمر العام للحزب.

وسبق اقتحام المقر المركزي، اليوم الخميس، شن حملة إعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ضد بعجي، بتهمة التعامل مع جهات مغربية، على خلفية علاقاته العائلية في المغرب، خاصة أن سلطة الانتخابات الجزائرية، كانت رفضت ملف ترشحه للانتخابات النيابية الماضية في يونيو الماضي، بسبب عدم توفره على وثيقة أداء الخدمة الوطنية.
لكن الأمين العام الحالي لجبهة التحرير الوطني، أبو الفضل بعجي، كان اتهم في مؤتمر صحافي عقده، أمس، خصومه في الحزب، بأنهم من "فلول القاعة البيضاوية" (تجمع عقد في فبراير/شباط 2019 لدعوة بوتفليقة للترشح لولاية خامسة) في إشارة إلى الموالين للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، واتهمهم بالسعي للسيطرة على الحزب قبل الانتخابات البلدية.
كما اتهم خصومه "بالمتاجرة بالقوائم الانتخابية للحزب، حيث إنها فرصة سانحة تستحق هذه المغامرة لتكريس ممارساتهم السابقة عندما كان منطق الشكارة (المال) هو السيد". ووصف قيادته للحزب بالناجحة بعدما قادت الحزب إلى الفوز بالانتخابات النيابية الأخيرة.
ويعيش الحزب وضعية مزمنة من الانقسامات الداخلية والتغييرات المستمرة للقيادة، منذ عام 2003.
ولم ينجح أي أمين عام لحزب السلطة الأول، والذي كان الرئيس السابق بوتفليقة رئيساً شرفياً له، في البقاء في منصبه لفترة اعتيادية، إذ تحدث انقلابات سريعة بسبب تدخل السلطة السياسية والأجهزة الحكومية في قرارات الحزب وخياراته، باعتباره الحزب الأول للسلطة في الجزائر.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وتداول على رئاسة الحزب منذ 2003، ثمانية أمناء ومنسقين مؤقتين، وفي خضم الحراك الشعبي في فبراير/شباط 2019 وما قبل ذلك أيضاً، رفعت مطالب سياسية شعبية، من قيادات هذا الحزب نفسه (بيان 14 قياديا في مارس/آذار 2019)، للمطالبة بحل الحزب وسحب اسمه (جبهة التحرير الوطني) من السجال السياسي وإبقائه كرمز ثوري وتاريخي مشترك بين كل الجزائريين، لكونه قائد ثورة التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي (1954-1962).

المساهمون