هل تخرج الأحزاب الموالية لروسيا من الحياة السياسية في أوكرانيا؟

هل تخرج الأحزاب الموالية لروسيا من الحياة السياسية في أوكرانيا؟

23 مارس 2022
يعرف مدفيدتشوك بعلاقته الوطيدة مع بوتين (ميخائيل كليمنتييف/فرانس برس)
+ الخط -

ما كان للحرب المفتوحة مع روسيا التي تواجهها أوكرانيا منذ شهر تقريباً أن تمر من دون أن تلقي بظلالها على الحياة السياسية الداخلية للبلاد، والتي تشهد تداعيات الحرب، من بينها اتخاذ السلطات في كييف قراراً بتعليق أنشطة 11 حزباً سياسياً محلياً داعماً للتعاون مع روسيا.

كييف تتوعد الأحزاب الداعمة لروسيا

ويأتي في مقدمة هذه الأحزاب حزب "المنصة المعارضة - من أجل الحياة" بقيادة رجل الأعمال والسياسي فيكتور مدفيدتشوك، المعروف بعلاقته الوطيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كما تشمل قائمة الأحزاب التي أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن تعليق أنشطتها خلال فترة سريان مفعول "حالة الحرب": "حزب شاري" التابع للمدون الأوكراني أناتولي شاري، و"المعارضة اليسارية"، و"الحزب الاشتراكي التقدمي الأوكراني"، وغيرها من الأحزاب. 

وكان زيلينسكي قد توعد عند إعلانه حظر الأحزاب الموالية لروسيا، نهاية الأسبوع الماضي، بأن "أي نشاط للسياسيين يرمي إلى إحداث انقسام أو التعاون (مع روسيا) لن يحقق نجاحاً، بل سيلقى رداً حازماً".  

حزب "المنصة المعارضة - من أجل الحياة" يشكل ثاني أكبر كتلة في البرلمان الأوكراني

ويعد حزب "المنصة المعارضة - من أجل الحياة" أكبر قوة سياسية في الداخل الأوكراني تمثل سكّان البلاد من الناطقين بالروسية، ويشكل ثاني أكبر كتلة في الرادا العليا (البرلمان الأوكراني) تضم 44 نائباً من مجموع 450 نائباً يشكلون المجلس، بعد كتلة حزب "خادم الشعب" الحاكم (254 مقعداً).

ويتفوق "المنصة المعارضة - من أجل الحياة" حتى على حزب "التضامن الأوروبي" بقيادة الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو (حصل في انتخابات 2019 على ما يقارب 26 مقعداً)، ما زاد من التساؤلات حول مدى واقعية استبعاده من الحياة السياسية الأوكرانية حتى بعد بدء الغزو الروسي.  

وبالإضافة إلى مدفيدتشوك، زعيم الحزب الملاحق والذي أُعلن عن هروبه من البلاد في 27 فبراير/ شباط الماضي، بعدما كان خاضعاً للإقامة الجبرية منذ أشهر، قام الرادا العليا بإلغاء عضوية أحد النواب في كتلة "المنصة المعارضة"، هو إيليا كيفا، إثر هروبه إلى روسيا. وكان كيفا قد أعلن في اليوم الأول للعملية العسكرية الروسية في 24 فبراير الماضي، أن "الشعب الأوكراني يحتاج إلى تحريره"، وأن "الأوكرانيين والبيلاروس والروس يشكلون شعباً واحداً"، وفق رأيه.     

الاستبعاد من وجهة نظر قانونية

ويُرجع الإعلامي الأوكراني فيتالي بورتنيكوف حظر كييف الأحزاب الداعمة للتعاون مع موسكو إلى تأييد هذه الأحزاب لروسيا حتى يوم بدء الغزو، مشككاً في الوقت ذاته في سهولة استبعادها من الحياة السياسية من وجهة النظر القانونية.  

وفي هذا الصدد، يقول بورتنيكوف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن حظر "المنصة المعارضة - من أجل الحياة" وغيره من الأحزاب "يعود إلى اعتقاد السلطة بأن هذه الأحزاب الموالية لروسيا دعمت فعلياً المعتدي حتى هجومه على أوكرانيا، ولكنني لست متأكداً من أنه يمكن تطبيق هذا الحظر بسهولة من وجهة النظر القانونية حتى في ظروف حالة الحرب، وهناك مطالب في الرادا العليا لتوضيح كيفية تطبيقه". 

أصدرت محكمة في لفيف قراراً غيابياً باعتقال زعيم حزب "المنصة المعارضة - من أجل الحياة" فيكتور مدفيدتشوك

وكان نائب رئيس الرادا العليا ألكسندر كورنيينكو قد أعلن، الأحد الماضي، أن البرلمان الأوكراني يجري مشاورات مع وزارة العدل بشأن وقف نشاط "المنصة المعارضة - من أجل الحياة"، مشيراً إلى أن القوانين الأوكرانية لا تتضمن آلية واضحة لحرمان النواب من مقاعدهم في حال حظر حزبهم.  

خيانة عظمى وهدر موارد للترويج

ولما كان مدفيدتشوك مصنفاً كـ"رجل بوتين" في أوكرانيا، زاد ذلك من الترجيحات المتداولة في الصحافة الأوكرانية بأنه أهدر أموالاً طائلة خصّصتها روسيا للترويج لسياساتها في أوكرانيا عن طريق رسم صورة خاطئة أمام الكرملين، ومفادها أن هناك "محافظاً شعبياً" في كل مقاطعة أوكرانية مقبول لدى المجتمع المحلي ينتظر قدوم روسيا، في ما يشبه سيناريو ضمّ شبه جزيرة القرم إلى السيادة الروسية في عام 2014.  

ولا يستبعد الإعلامي الأوكراني فيتالي بورتنيكوف أن تكون هذه الرواية واقعية، ويضيف أنه "على مدى سنوات، تابعتُ أنشطة مدفيدتشوك المروجة للمصالح الروسية في أوكرانيا، وكان يدهشني انعدام فاعليتها وكأنها كانت غلافاً بلا محتوى وراءه، ولا أستبعد احتمال أن يكون نشاطه الفعلي اقتصر على إنفاق الموارد التي كانت تخصصها له موسكو".  

يذكر أن مدفيدتشوك، الذي يترأس لجنة السياسات لـ"المنصة المعارضة من أجل الحياة"، كان قد وُضع رهن الإقامة الجبرية منذ مايو/ أيار الماضي في قضية "خيانة عظمى". وتشير رواية الادعاء إلى أنه كان يسلّم معلومات حول "وحدة عسكرية سرية" للجيش الأوكراني لرفيق في الحزب كان موجوداً في روسيا، وأنشأ منظمة تولت جمع معلومات حول مواطنين أوكرانيين وتجنيدهم، والترويج للدعاية الروسية. إلا أن "المنصة المعارضة" اعتبر هذه التهم بمثابة "تصفية الخصوم السياسيين" وتأسيس "الدكتاتورية المطلقة" لزيلينسكي ومحيطه. 

وفي 27 فبراير/ شباط الماضي، أعلن مستشار وزير الداخلية الأوكراني أنطون غيراشينكو عن هروب مدفيدتشوك، قبل أن تصدر محكمة محلية في مدينة لفيف، غرب أوكرانيا، قراراً غيابياً باعتقاله. 

ويعرف مدفيدتشوك بعلاقته الوطيدة بالرئيس الروسي الذي قام بتعميد ابنته مع سفيتلانا مدفيديفا، حرم الرئيس الروسي السابق دميتري مدفيديف، في عام 2004.     

وبحسب تصنيف مجلة "فوربس" العالمية، يأتي مدفيدتشوك في المرتبة الـ12 بين أثرى أثرياء أوكرانيا بثروة إجمالية قدرت في العام الماضي بـ620 مليون دولار، مركّزاً أعماله في قطاعات الطاقة والإعلام والميتالورجيا (التعدين والصناعات المعدنية) والعقارات.