هل باتت قاعدة باغرام الأفغانية بيد الصين؟

04 مارس 2025
عناصر "طالبان" في باغرام، 14 أغسطس 2024 (أحمد ساحل عرمان/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- نفت طالبان مزاعم ترامب بشأن سيطرة الصين على قاعدة باغرام، مؤكدة أن القاعدة تحت سيطرتها وأن المعدات الأميركية تُعتبر غنائم حرب لحماية أفغانستان.
- لم تعلق الصين رسمياً على اتهامات ترامب، لكنها نفت سابقاً أي خطط للاستيلاء على القاعدة، ويُستخدم اتهامها لتمرير أجندات في الكونغرس الأميركي.
- تسعى الصين لتوسيع نفوذها في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي عبر استغلال علاقاتها مع طالبان وبرامج استثمارية، متبعة استراتيجيات مشابهة في دول أخرى.

رفضت حركة طالبان الأفغانية مزاعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الوجود الصيني في قاعدة باغرام الجوية. وكان ترامب قد قال في وقت سابق من الشهر الماضي، إن قاعدة باغرام الجوية، التي كانت أكبر قاعدة جوية أميركية في أفغانستان بين عامي 2001 و2021، تخضع لسيطرة الصين، وطالب "طالبان" بإعادة المعدات العسكرية أميركية الصنع. وتقع قاعدة باغرام الجوية على بعد حوالي 44 كيلومتراً شمال العاصمة كابول، وكانت بمثابة القيادة المركزية للحملة العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة لمدة 20 عاماً في البلاد. جاءت تصريحات ترامب في سياق انتقاده قرار إدارة جو بايدن الانسحاب من أفغانستان في أغسطس/آب 2021، وقال: "كنا سنخرج، لكننا كنا سنحتفظ بقاعدة باغرام الجوية، ليس بسبب أفغانستان، ولكن بسبب الصين، لأنها تبعد ساعة واحدة بالضبط عن المكان الذي تصنع فيه الصين صواريخها النووية. وتعلمون من يحتلها الآن؟ الصين. لقد تخلى بايدن عنها". وانتقد ترامب الإدارة السابقة بسبب ما وصفه بـ"الانسحاب العسكري السيئ"، قائلاً إن القوات المغادرة تركت وراءها معدات تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.


تشون داي: الصين درست خططاً لتوسيع نفوذها في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي

مصير قاعدة باغرام

في رده على ذلك، وصف المتحدث باسم حكومة "طالبان" ذبيح الله مجاهد، تصريحات ترامب بأنها عاطفية وعزاها إلى نقص المعلومات. وأكد في مقابلة مع التلفزيون الأفغاني الحكومي الأحد الماضي، عدم وجود قوات صينية في أفغانستان، وقال إن الحكومة ليس لديها اتفاقيات مع أي دولة في هذا الشأن. وأضاف أن قاعدة باغرام لا تزال تحت سيطرة "طالبان"، وأنه لا يوجد أي فرد صيني مسلح. وفيما يتعلق بالمعدات أميركية الصنع التي تركت في أفغانستان، أوضح مجاهد أن هذه الأسلحة كانت مملوكة للحكومة الأفغانية السابقة وكانت تعتبر "غنائم حرب". وأكد أن "طالبان" ستستخدمها لحماية أفغانستان، لافتاً إلى أنه يمكن استخدامها إذا تعرضت البلاد للتهديد. كما أشار مجاهد إلى أن الولايات المتحدة احتلت أفغانستان عسكرياً لمدة 20 عاماً، وإذا كان من المقرر أن يتم النظر في المساءلة، فإن "طالبان" تتوقع تعويضات عن الدمار الناجم عن عقدين من الحرب. وكانت هيئة رقابية أميركية قد قدّرت أن المعدات العسكرية التي مولتها الولايات المتحدة، تُركت وراءها بعد انهيار الحكومة الأفغانية السابقة والتي تبلغ قيمتها نحو سبعة مليارات دولار. وكشف تقرير سابق لوزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أن واشنطن قدمت معدات بقيمة 18.6 مليار دولار لقوات الدفاع والأمن الوطني الأفغانية بين عامي 2005 و2021. وبقي العديد منها هناك بعد خروج القوات، بما في ذلك الطائرات والذخائر والمركبات العسكرية والأسلحة ومعدات الاتصالات وغيرها من المواد.

من جهتها لم تعلق الصين رسمياً على الاتهامات الأخيرة، ولكنها كانت قد ردت في وقت سابق على تقارير غربية تحدثت عن خطط صينية للاستيلاء على قاعدة باغرام الجوية. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ ين بين، في حينه، إن هذه معلومات كاذبة. ونفت بكين مراراً العديد من عمليات الانتشار العسكري الأخرى خارج حدودها. وفي تعليقه على الاتهامات الأميركية، قال أستاذ الدراسات السياسية في معهد قوانغ دونغ، لين تشين، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الإدارات الأميركية المتعاقبة دأبت على إقحام الصين في ملفات وقضايا إقليمية ودولية، مثل الحرب الروسية الأوكرانية والأزمة في شبه الجزيرة الكورية، والآن يجري الحديث عن انتشار عسكري صيني في أفغانستان. وأضاف: اتهام بكين يسهل تسويق وتمرير مشاريع وأجندات خاصة في الكونغرس، لأن مجرد ذكر التهديد الصيني كفيل بتحقيق التوافق بين الجمهوريين والديمقراطيين. وأشار إلى أن مثل هذه الادعاءات استُخدمت في قضايا التجسس والطائرات المسيّرة، والتدخل في الانتخابات الأميركية، وفي النهاية لم تقدم أي إثباتات أو قرائن تشير إلى تورط الصين. ولفت لين إلى أن ما يشاع بشأن استيلاء الصين على قاعدة باغرام الجوية، يشبه إلى حد كبير ما فعلته الولايات المتحدة بعد انسحاب الاتحاد السوفييتي من أفغانستان، حين حاولت استعادة صواريخ ستينغر المتبقية عبر باكستان، ولكنها فشلت في النهاية، واليوم يتم إقحام الصين لتحريك هذا الملف وحشد الجهود اللازمة لذلك.


لين تشين: اتهام بكين يسهل تمرير أجندات خاصة في الكونغرس

النفوذ الصيني في أفغانستان

في المقابل، قال الخبير في الشؤون الآسيوية تشون داي، المقيم في تايوان، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الصين درست بالفعل خططاً جديدة لتوسيع نفوذها في أفغانستان بعد انسحاب الولايات المتحدة، من خلال استغلال علاقاتها الودية مع "طالبان"، وقد أرسلت أفراداً مرتبطين ببرامج استثمارية لبحث تطوير القاعدة العسكرية بالتنسيق مع الجهات الأفغانية الحكومية، وهو أمر يتوافق بطبيعة الحال مع الممارسات التقليدية التي أتقنتها بكين في السنوات الأخيرة لتوسيع نفوذها الاقتصادي والعسكري بهدوء خارج حدودها تحت ستار مشاريع الاستثمار في البنية الأساسية، أو ما يعرف بمبادرة الحزام والطريق الصينية. ولفت تشون في هذا السياق إلى أن الصين لديها تجارب مشابهة، موضحاً أن الجيش الصيني حصل على حقوق حصرية لنحو ثلث قاعدة ريام البحرية في كمبوديا في السنوات الأخيرة، وفي ميانمار قدم الجيش الصيني معدات لاسلكية ورادارية وغير ذلك من المعدات العسكرية للمجلس العسكري المحلي في جزر كوكو، وهي أرخبيل يقع على بعد 250 ميلاً (نحو 406 كيلومترات) تقريباً جنوب يانغون. وأضاف أن الصين احتفظت بحقوق التأجير على مدى العقود الثلاثة الماضية. يشار إلى أن المنشأة العسكرية الوحيدة في الخارج التي تعترف بها الصين هي قاعدتها الجوية الاستكشافية في جيبوتي، بالقرب من مطار مماثل تديره الولايات المتحدة، والذي يستخدمه كلا البلدين لإطلاق الطائرات من دون طيار وإجراء عمليات سرية واستخباراتية أخرى في منطقة القرن الأفريقي.

المساهمون