هل الحل الليبي في الانتخابات؟

هل الحل الليبي في الانتخابات؟

28 أكتوبر 2021
ستفرض التطورات في ليبيا إجراء الانتخابات (حازم تركية/ الأناضول)
+ الخط -

لا يزال إعلان المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا بشأن بدء فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في النصف الأول من الشهر المقبل، قائماً وسارياً، خصوصاً بعد أن تلقى دعماً من خمس دول، هي فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة، التي هددت بمعاقبة الجهات التي تعمل على "تقويض نجاح عملية الانتقال السياسي، أو التي تقدّم الدعم لهذه الأعمال". كما أن الصمت المطبق من جانب الأطراف السياسية المعارضة للقوانين الانتخابية التي اعتمدتها المفوضية أساساً للانتخابات، وحتى من القوى الحزبية التي سبق أن اعترضت على تلك القوانين التي أقصتها ومنعتها من الترشح وفقاً لنظام القوائم بل كأفراد، جعل من إعلان المفوضية واقعاً. فهل حل الأزمة الليبية في الانتخابات؟
حالة المناكفة والتجاذب التي يعيشها المشهد الليبي تكشف أن الصراع ليس سياسياً. فتجلياته عبر السنوات الماضية تؤكد أنه صراع يحكمه منطق الغنيمة، من العسكري الذي لم يتوقف عن التحشيد وشراء الأسلحة وجلب المرتزقة للاستحواذ على كل شيء وحكم الناس بالقوة، إلى الأطراف الأخرى التي تعمل تحت غطاء أجسام سياسية وتموضعت في مختلف مفاصل الدولة وشلت حركتها، وفي أحسن الأحوال سمحت لها بالدوران والحركة وفقاً لمصالحها.
وفي خلفيات هذا الصراع تمترست عشرات المجموعات المسلحة التي تطورت، وتحول بعضها لأذرع عسكرية لصالح بعض "العائلات"، وهو التوصيف الجديد الذي ظهر إلى السطح أخيراً لشكل بعض الأطراف المتحكمة في المشهد، وتحديداً على لسان النائب الأول لرئيس الحكومة حسين القطراني عندما اتهم حكومة عبد الحميد الدبيبة بأنها حكومة "العائلة". والأخير أيضاً اتهم وزارة الخارجية بأنها أصبحت لـ"عائلة معينة"، من دون أن يسميها، وأنها هي من تحدّد أسماء السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية في الخارج، وتفرضهم إما بقوة السلاح أو بعلاقاتها المتنفذة في الجهات التشريعية والتنفيذية.
وحتى على المستوى الأممي، فإن إحاطات رؤساء البعثة الأممية وتصريحاتهم كثيراً ما انحازت لهذا الطرف أو ذاك في مراحل الصراع السابقة، بما في ذلك عدم الإعلان عن أي موقف تجاه عدوان خليفة حفتر ومليشياته على طرابلس لمدة عام ونصف العام، على الرغم من أن ساعة الصفر التي أطلقها حفتر كانت متزامنة مع وجود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في طرابلس للإعداد لملتقى سياسي جامع في غدامس وقتها.
كل تجليات هذا الواقع وتطوراته ستفرض إجراء الانتخابات، في إطار مساعي أطراف دولية، منها واشنطن، لخلق حلفاء شرعيين لها في سدة الحكم لموازنة الوجود الروسي الذي نجح في وضع قدمه في ليبيا. مع ذلك فإن الحل الليبي لن يكون عبر إجراء الانتخابات، ولا التوافق على قوانينها، بل في خلق تيار مجتمعي يؤسس لمشروع سياسي وطني، بفهم عميق للأزمة في كل أبعادها، خصوصاً الاقتصادية والاجتماعية منها، ويعمل في أولى خطواته على وأد الاستخدام السياسي للتاريخ بهدف إحياء نعرات أقاليم البلاد الثلاثة، والتي ربما تقود لسيناريو الفيدرالية الممهد لتقسيم البلاد.