هل أُغلق الباب أمام مشاركة التيار الصدري في الانتخابات العراقية؟

26 مايو 2025   |  آخر تحديث: 12:24 (توقيت القدس)
تظاهرة لمناصري الصدر في النجف، 14 ديسبمر 2023 (فرانس برِس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أثار إغلاق باب تسجيل الأحزاب في العراق تساؤلات حول موقف مقتدى الصدر من الانتخابات، حيث دعا سابقًا لمقاطعتها لكنه حث أنصاره على تحديث بياناتهم الانتخابية، مما يترك الباب مفتوحًا لاحتمالية مشاركته.

- أكد الناشط مجاشع التميمي أن عدم مشاركة التيار الصدري هو موقف مبدئي، ورغم غيابهم الانتخابي، يظل التيار مؤثرًا سياسيًا واجتماعيًا، مما قد يؤدي إلى فراغ في التوازن السياسي.

- أشار نبيل العزاوي إلى دور التيار الصدري في الانتخابات السابقة، حيث حصل على 73 مقعدًا، ويمكنه العودة للمشاركة بفضل تسجيله الرسمي، والمتغيرات الجيوسياسية قد تدفع الصدر لإعادة النظر في موقفه.

أثار إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق إغلاق باب تسجيل الأحزاب والتحالفات قبل أيام عدة تساؤلات بشأن إمكانية تغيّر موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها بنهاية العام الحالي، ووسط تأكيدات بأن الملف مفتوح على جميع الاحتمالات، لم يستبعد مراقبون عودة الصدر واتخاذه قرارا بالمشاركة. وكان زعيم التيّار الصدري في العراق مقتدى الصدر قد دعا أتباعه ومناصريه إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقرّر إجراؤها في الـ11 من نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، ووصفها بأنها "عرجاء ولا همَّ لها إلا المصالح الطائفية والحزبية، وبعيدة كلّ البعد عن معاناة الشعب، وأنه لا فائدة ترجى من مشاركة الفاسدين والتبعيين، والعراق يعيش أنفاسه الأخيرة بعد هيمنة الخارج وقوى الدولة العميقة على كلّ مفاصله"، إلا أنه عاد ليحث أنصاره على تحديث بياناتهم الانتخابية.

ووفقا لما قال الناشط السياسي المقرب من التيار الصدري مجاشع التميمي لـ"العربي الجديد"، فإنه "يمكن القول إن قرار عدم مشاركة التيار الصدري في الانتخابات البرلمانية المقبلة هو موقف محسوم من منطلق مبدئي، وليس لأسباب قانونية أو إجرائية، فالتيار الصدري يمتلك حزبا مسجلا رسميا لدى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وبالتالي فإن إغلاق باب تسجيل الأحزاب والتحالفات لا يُشكل عائقا أمام مشاركته، لو أراد ذلك". وأكد التميمي أن "الصدر اتخذ موقفا واضحا بعدم خوض هذه الانتخابات، إيمانا منه بأن العملية السياسية ما زالت خاضعة للمحاصصة والفساد، وهو ما يرفضه جملة وتفصيلا، ورغم ذلك، فإن تصريح الصدر بأن (قلوب الفاسدين بأيدينا) يشير إلى أن التيار الصدري لن يكون غائبا عن المشهد، بل سيظل فاعلا ومؤثرا بوسائل أخرى، سواء من خلال التأثير الشعبي أو الضغط السياسي والاجتماعي".

وأضاف أن "غياب الصدريين عن الانتخابات سيترك فراغا واضحا في التوازن السياسي والشعبي، ما قد يؤدي إلى احتكار القرار من قبل قوى الإطار التنسيقي، ويضعف من زخم المشاركة الشعبية، وهذا بدوره قد يُعيد إنتاج أزمة الشرعية ويُمهّد لموجات احتجاجية جديدة، وهو ما يؤكد أن التيار الصدري، وإن غاب انتخابيا، لن يغيب عن صناعة المشهد السياسي".

هل يعدل التيار الصدري عن مقاطعة الانتخابات؟

نبيل العزاوي، السياسي المقرب من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قال لـ"العربي الجديد" إن "كل الاستحقاقات الانتخابية الماضية بعد 2003 كانت للصدريين بصمة مهمة ورئيسية فيها، حتى باختيار رئيس الوزراء، وشاركوا وحصدوا معظم المقاعد البرلمانية وحصلوا وفي آخر انتخابات على 73 مقعدا، بفضل قاعدتهم الشعبية الكبيرة".

وبين العزاوي أنه "بعد إغلاق المفوضية المستقلة للانتخابات باب التسجيل للأحزاب أو التحالفات، هنالك من يذهب بالرأي إلى أن الصدريين لن يشتركوا في هذه الانتخابات، لكن هنالك رأيا آخر يقول إن التيار الصدري هو أصلا مسجل لدى المفوضية، وبإمكانه خوض الانتخابات البرلمانية، وإذا قرر المشاركة، فالفرصة لم تنته، وأن الأطر القانونية يمكن أن تكون حاضرة لعودتهم، خصوصاً أن الجميع يجمع على أن الانتخابات القادمة، وبعدم وجود التيار الصدري، ستكون بلا طعم، باعتبارهم ملح العملية السياسية، ولديهم الرؤى والأفكار والقدرة على رسم المرحلة المقبلة، وبكل متغيراتها". وأضاف أنه "إلى الآن لا جديد في المشاركة في الانتخابات القادمة، لأن الصدر قد حدد موقفه بعدم المشاركة، لكن المتغيرات الحاصلة والتغيرات الجيوسياسية في المنطقة، ولأن المرحلة تحتاج الحنكة والحكمة بالتعامل مع تلك المتغيرات، يمكن أن يعود لهذه الانتخابات، لأنه لا يترك الساحة، ويعول الكثير على عودته فيها". وأشار العزاوي إلى أن "الجميع ينتظر كيف سيتعامل الصدر مع هذه المتغيرات، وهل سيكون هنالك رأي آخر، هذا ما تحدده الأسابيع القليلة القادمة، وعندها، وإذا عاد لهذه الانتخابات، فستكون المنافسة شديدة وقوية بين المشاركين، لكن كل المؤشرات تذهب إلى أنه سيكون الرقم الأصعب في هذه المعادلة السياسية".

إذا عاد الصدر لهذه الانتخابات، ستكون المنافسة شديدة وقوية ما بين المشاركين

في المقابل، قال أستاذ العلوم السياسية خالد العرداوي لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن إغلاق المفوضية باب تسجيل الأحزاب والتحالفات المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة قد أغلق قانونيا، لكن سياسيا يمكن للتيار العودة إلى المشاركة في أي وقت يرغب فيه قبل إجراء الانتخابات، لما يملكه من وسائل ضغط". وأكد العرداوي أن "عودة الصدريين في حال تمت ستدفع الكثير من القوى للتقرب منهم، من أجل تحسين موقفها الانتخابي ووزنها السياسي".

وحددت الحكومة العراقية، في وقت سابق، الحادي عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل موعداً رسمياً لإجراء الانتخابات التشريعية العامة في البلاد، بنسختها السادسة منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، فيما أكد مراقبون أن هذه الخطوة جاءت بعد ضغوطات تعرض لها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من قبل بعض قادة تحالف الإطار التنسيقي. وشهد العراق بعد الغزو الأميركي في عام 2003 خمس عمليات انتخاب تشريعية، أولاها في عام 2005 (قبلها أجريت انتخابات الجمعية الوطنية التي دام عملها أقلّ من عام)، فيما كانت الأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، وجرى اعتماد قانون الدائرة الواحدة لكلّ محافظة في النسخ الأربع الأولى، والانتخابات الأخيرة في عام 2021 أُجريت وفق الدوائر المتعدّدة، بعد ضغط قوي من الشارع والتيار الصدري لإجراء هذا التعديل الذي كان يعارضه "الإطار التنسيقي". وفي مارس/ آذار 2023، صوّت البرلمان العراقي على التعديل الثالث لقانون الانتخابات الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة.