هكذا ساعدت المملكة المتحدة إسرائيل في حرب الإبادة على غزّة

29 يناير 2025
ناشطون يحتجون في بريطانيا تضامناً مع غزة، 26 أكتوبر 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كشف التقرير عن تعاون عسكري بريطاني مع إسرائيل في حرب غزة، من خلال تصدير الأسلحة والدعم اللوجستي، واستخدام أجزاء بريطانية في طائرات إف-35 الإسرائيلية.
- أشار التقرير إلى دور القواعد العسكرية البريطانية في قبرص في تسهيل نقل البضائع العسكرية إلى إسرائيل، وزيارة رئيس الوزراء البريطاني لقاعدة أكروتيري.
- أوصى التقرير بإنهاء التعاون العسكري مع إسرائيل، وفرض حظر على الأسلحة، ودعا لفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية، محذرًا من العواقب القانونية المحتملة.

كشف تقرير حديث أصدرته اللجنة البريطانية الفلسطينية عن تعاون عسكري بريطاني واسع مع الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة الجماعية التي أسفرت عن سقوط أكثر من 150 ألف ضحية بين شهيد وجريح في قطاع غزة. وأظهر التقرير دور المملكة المتحدة في هذه الحرب من خلال تسليط الضوء على عمل القواعد العسكرية البريطانية، وصادرات الأسلحة إضافة للدعم اللوجستي، الأمر الذي ساهم بدعم حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة.

وقال التقرير الصادر، مساء الثلاثاء، إنّ المملكة المتحدة لعبت دورًا محوريًّا من خلال "التحقق من صحة تراخيص الأسلحة، وشراء التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية، والتعاون الاستراتيجي عبر المنشآت العسكرية البريطانية". كما دعمت الأجزاء المصنوعة في المملكة المتحدة لطائرات من طراز إف-35 بشكل مباشر استخدام إسرائيل هذه الطائرات في عمليات القصف المتواصل على مدار عام وأربعة أشهر على قطاع غزّة. وأشار التقرير في هذا الخصوص إلى هجوم وقع في 13 يوليو/تموز 2024، وأسقطت خلاله طائرة إسرائيلية من طراز إف-35 ثلاث قنابل تزن 2000 رطل على مخيم للنازحين الفلسطينيين في منطقة المواصي المصنفة مكانًا آمنًا، مما أسفر عن استشهاد 90 مدنيًّا على الأقل.

قواعد بريطانية في قبرص دعمت الإبادة في غزة

كما ألقى التقرير الضوء على الدور الاستراتيجي لقاعدتين عسكريتين سياديتين بريطانيتين في قبرص (أكروتيري وديكيليا)، في تسهيل نقل البضائع العسكرية إلى إسرائيل. واستخدمت قاعدة أكروتيري، التي تعمل قاعدة رئيسية لسلاح الجو الملكي البريطاني، لنقل الأسلحة والاستخبارات والأفراد جوًّا إلى إسرائيل طوال حرب الإبادة على غزة. وغالبًا ما تأتي البضائع من القواعد العسكرية الأميركية في أوروبا قبل توجيهها عبر قبرص إلى إسرائيل. بموازاة ذلك، تعمل قاعدة ديكيليا مركز استخبارات مشتركًا بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة. وكتب التقرير: "على الرغم من أن هذه القواعد تعمل كمواقع تعاونية، فإن جميع الأنشطة على الأراضي البريطانية تتطلب موافقة الحكومة البريطانية".

الصورة
تظاهرة في لندن رفضاً لتسليح إسرائيل، 29 نوفمبر 2023 (Getty)
تظاهرة في لندن رفضاً لتسليح إسرائيل في حربها على غزة، 29 نوفمبر 2023 (Getty)

يُذكر أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، زار قاعدة أكروتيري في ديسمبر/كانون الأول 2024، حيث ألقى كلمة أمام القوات وأشاد بدورها في عمليات غير معلنة. وقال لهم: "العالم كله يعتمد عليكم. الكثير مما تفعلونه هنا لا يمكن التحدث عنه علنًا، لكن جهودكم تصنع الفارق". وقالت سارة حسيني، مديرة اللجنة البريطانية الفلسطينية: "يُظهِر هذا التقرير أن تواطؤ المملكة المتحدة في جرائم إسرائيل يتجاوز بكثير مبيعات الأسلحة. قبل عام كامل، أصدرت محكمة العدل الدولية تدابير مؤقتة عاجلة تحذر من أن هجوم إسرائيل على غزة يرقى إلى مستوى خطر الإبادة الجماعية. وبينما كان العالم ينظر في رعب، واصلت إسرائيل عدوانها الإبادي الجماعي في غزة لمدة 12 شهرًا أخرى. قدمت المملكة المتحدة مساعدات عسكرية نشطة لإسرائيل طوال الوقت".

وأضافت: "يوضح هذا التقرير لجميع أصحاب الضمير في بريطانيا أن حكومة المملكة المتحدة انخرطت في أعمال عسكرية دون تدقيق برلماني مناسب، مما يورط مؤسساتها ومسؤوليها في أخطر الانتهاكات للقانون الدولي".

التفاف على قرارات الحكومة

وعلى الرغم من تعليق الشحنات المباشرة لمكونات طائرات إف-35 إلى إسرائيل في سبتمبر/أيلول 2024 بعد قرار لحكومة حزب العمّال بتعليق عدد من رخص تصدير السلاح لإسرائيل، سمحت حكومة المملكة المتحدة بتصدير الأجزاء إلى مجموعة عالمية، مما مكن إسرائيل من الاستمرار في الوصول إلى قطع الغيار الأساسية بشكل غير مباشر.

وذكر تقرير اللجنة الفلسطينية البريطانية أن المسؤولين البريطانيين قاوموا تدابير أكثر صرامة، زاعمين أن تعليق صادرات إف-35 يمكن أن "يهدد السلام والأمن العالميين". ومع ذلك، أشار التقرير إلى أنّ هذا الموقف يتعارض مع اعتراف الحكومة البريطانية بوجود "خطر واضح" بأنّ إسرائيل قد تستخدم طائرات إف-35 لارتكاب جرائم حرب. واتهم التقرير الحكومة البريطانية ليس فقط بالفشل في منع جرائم الحرب الإسرائيلية، ولكن أيضًا "بالتواطؤ النشط" فيها، والذي ينبع، كما يُزعم، من توريد المعدّات العسكرية والمعلومات الاستخباراتية المستخدمة في الهجمات التي دمّرت غزّة.

وأضاف أنّ "المؤسسات والمسؤولين البريطانيين متورّطون في أخطر الانتهاكات للقانون الدولي"، لافتاً إلى أنّ تعاون المملكة المتحدة امتد إلى مناطق خارج غزّة. ويستشهد التقرير بمساعدة المملكة المتحدة في الدفاع عن البنية التحتية العسكرية لإسرائيل من التهديدات الإيرانية وتورّطها في الهجمات على قوات الحوثيين في اليمن دليلاً على نهجها العسكري الأوسع في المنطقة.

ويسلط التقرير الضوء أيضًا على العلاقات الاقتصادية التي تدعم هذا التعاون، كون المملكة المتحدة تعد شريكًا رئيسيًّا في برنامج إف-35 الذي تقوده الولايات المتحدة، حيث تنتج أكثر من 15% من كل طائرة، وفقًا لشركة "لوكهيد مارتن". وتساهم في هذا البرنامج نحو 80 شركة بريطانية، بما في ذلك شركة "بي إيه إي سيستمز" و"مارتن بيكر".

وقال التقرير إنه في حين ساعد الجيش البريطاني في إمداد الاحتلال الإسرائيلي، فإنه يشتري أيضًا أسلحة من الصناعة العسكرية الإسرائيلية مما يدعم هذه الشراكة ثنائية الاتجاه، فالشركات الإسرائيلية تساهم في تطوير التكنولوجيا المستخدمة لقتل الفلسطينيين وتعميق التعاون بين الجيشين البريطاني والإسرائيلي.

توصيات وتحذيرات

وطالبت اللجنة الفلسطينية البريطانية البرلمانيين البريطانيين والمجتمع المدني الأوسع بالضغط على حكومة المملكة المتحدة من أجل إنهاء تعاونها مع الأنشطة العسكرية الإسرائيلية على الفور، من خلال "فرض حظر كامل على الأسلحة في الاتجاهين، ووقف تقديمها لجميع أشكال الدعم العسكري".

كما طالبت اللجنة بإسقاط خريطة الطريق لعام 2030 للعلاقات الثنائية بين المملكة المتحدة وإسرائيل، وفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية من أجل "الضغط على إسرائيل للتقيد بالتزاماتها الدولية كما هو منصوص عليه في الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي المطول".

وأوصى تقرير اللجنة بدعم مذكرة جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية ضدّ إسرائيل، والدفع نحو "اعتقال وملاحقة المسؤولين الإسرائيليين من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية". وقال التقرير إنه إذا فشلت المملكة المتحدة في اتخاذ مثل هذه الخطوات، فيجب أن تواجه "العواقب القانونية المناسبة، بما في ذلك الإدانة من قبل الهيئات الدولية، والعقوبات، وملاحقة السياسيين والمسؤولين الأفراد".

المساهمون