هكذا دفعت الحرب على غزة أستراليا للاعتراف بالدولة الفلسطينية

22 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 15:45 (توقيت القدس)
مظاهرة في سيدني تطالب بوقف الحرب على غزة، 3 أغسطس 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- جاء اعتراف أستراليا بالدولة الفلسطينية نتيجة لتحول داخلي بسبب الحرب على غزة، مما أدى إلى توتر في العلاقات مع إسرائيل، حيث ألغت إسرائيل تأشيرات دبلوماسيين أستراليين.
- أثار القرار قلق الجالية اليهودية في أستراليا، مع دعوات للتهدئة، وأظهرت استطلاعات الرأي زيادة في التعاطف مع القضية الفلسطينية، حيث ارتفعت نسبة المؤيدين للاعتراف إلى 45%.
- تاريخياً، دعمت أستراليا إسرائيل، لكن التحولات السياسية دفعت رئيس الوزراء ألبانيزي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، رغم انتقادات نتنياهو.

جاء قرار أستراليا الاعتراف بالدولة الفلسطينية بعد أن استشعرت الحكومة تحولاً كبيراً في الموقف الداخلي تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة، وأظهر أنّ كانبيرا لا تخشى إثارة غضب إسرائيل التي كانت تاريخياً من أوثق حلفائها. أعلنت أستراليا نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية في 11 أغسطس/ آب بعد أيام من خروج عشرات الآلاف في مسيرة عبر جسر هاربور الشهير في سيدني، مطالبين بالسلام وإيصال المساعدات إلى غزة.

وقال مارتن كير، وهو أكاديمي في جامعة سيدني متخصّص في القضية الفلسطينية: "أصبح من غير المقبول سياسياً الاستمرار في الدفاع عن إسرائيل وإلقاء اللوم كلّه على حماس"، وأدى هذا القرار إلى توتر العلاقات بين إسرائيل وأستراليا لدرجة لم يسبق لها مثيل منذ عقود. وتبادل كبار السياسيين الانتقادات اللاذعة، وشن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هجوما شخصياً على نظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي. وألغت إسرائيل تأشيرات دبلوماسيين أستراليين لدى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ومُنع نائب إسرائيلي من دخول أستراليا.

ودعت جماعة يهودية بارزة في أستراليا إلى التهدئة، ووجهت توبيخاً نادراً لنتنياهو. ويقول بعض اليهود في أستراليا إن التوتر يجعلهم يشعرون بعدم الأمان بعد موجة من الهجمات شهدتها البلاد العام الماضي. وتشير استطلاعات الرأي في أستراليا حول الحرب على غزة، وهي قضية مثيرة للانقسام في بلد يضم أقليات مسلمة ويهودية كبيرة، إلى زيادة التعاطف مع القضية الفلسطينية.

وأظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة "ديموس إيه.يو" في أغسطس أن 45% يؤيدون قرار أستراليا الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل التوصل إلى اتفاق سلام ارتفاعاً من 35% العام الماضي، بينما بلغت نسبة المعارضة 23 %. وقالت صحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد"، إحدى أبرز الصحف في أستراليا، في مقالة افتتاحية هذا الشهر، إنّ التعاطف الشعبي مع إسرائيل في أستراليا بدأ "يتآكل بسرعة بمجرد أن حلَّ شبح المجاعة المروّع في غزة".

وذكر تشارلز ميلر، المحاضر في مجال العلاقات الدولية بالجامعة الوطنية الأسترالية، أن الصور القادمة من غزة قوّت عزيمة المشرّعين، وأضاف: "أعتقد أنها غيرت تفكير الكثير من صناع السياسات في أستراليا ودول أخرى".

"قلق" بين اليهود

أثارت التداعيات السياسية قلق "المجلس التنفيذي ليهود أستراليا"، وهو منظمة تضم أكثر من 200 جماعة يهودية، والذي بعث برسائل إلى ألبانيزي ونتنياهو يوم الأربعاء، يحثهما فيها على تخفيف حدة التوتر، وجاء في الرسائل "إذا كان لا بدّ من التحدث علناً، فيجب أن تقال الأمور بلغة مدروسة تليق بزعماء دول".

"حليف تاريخي"

كانت أستراليا من أوائل المؤيدين لإنشاء دولة يهودية ودافعت دائماً عن إسرائيل في النزاعات الدولية، على الرغم من أن كلا الحزبين السياسيين الرئيسيين هناك يدعمان حل الدولتين من حيث المبدأ. وكان ألبانيزي شخصياً يؤيد قيام دولة فلسطينية منذ فترة طويلة، إلّا أن نزعته السياسية الواقعية جعلته يتردّد في دعم الاعتراف الرسمي.

وقالت الأكاديمية في جامعة فلندرز المتخصصة في النزاعات الدولية، جيسيكا جيناور، إن ذلك تغير مع التحول في المزاج العام وبعد فوزه الساحق في الانتخابات العامة التي جرت في مايو/ أيار، ما قلص من خطر ردات الفعل المحلية. وأوضح محللون أن حلفاء رئيسيين، مثل المملكة المتحدة وفرنسا وكندا، قالوا جميعاً إنهم سيعترفون بالدولة الفلسطينية قبل أستراليا بأسابيع، ما سهل مهمة ألبانيزي.

وقالت جيناور: "لا يريدون أن يقودوا عملية تشكيل مسارات جديدة في ما يتعلق بسياساتهم في هذا الشأن، ولكن من ناحية أخرى لا يريدون أن يتخلفوا عن الحلفاء الرئيسيين في العالم"، وأضافت "لا يزال ألبانيزي شخصاً براغماتياً وحذراً بطبيعته". وانتقد نتنياهو مراراً ألبانيزي في سلسلة من المقابلات والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي منذ 11 أغسطس، واصفاً رئيس وزراء أستراليا بـ"الضعيف"، ومتهماً إياه بـ"خيانة" إسرائيل.

وبينما قلّل ألبانيزي من أهمية الخلاف، لم يظهر نتنياهو أي علامة على التراجع، إذ واصل انتقاد ألبانيزي في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز أستراليا" بثت في وقت متأخر من أمس الخميس. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي: "أنا متأكد من أنه يتمتع بسمعة طيبة كمسؤول عام، ولكنّني أعتقد أن سجله سوف يلطّخ إلى الأبد بسبب الضعف الذي أظهره في مواجهة هؤلاء الوحوش الإرهابيين من حماس"، وفق زعمه.

(رويترز، العربي الجديد)