هكذا أشعلت تعليمات إدارة ترامب الاحتجاجات في لوس أنجليس
استمع إلى الملخص
- تسعى إدارة ترامب لترحيل أكثر من 11 مليون مهاجر، مما أدى إلى اعتقالات واسعة، خاصة بين الجالية اللاتينية، رغم التحذيرات من تأثيرها السلبي على الاقتصاد.
- أثار إرسال الحرس الوطني غضب حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم، الذي وصف القرار بغير القانوني وقرر مقاضاة الرئيس، مطالبًا بإلغاء القرار وإعادة السيطرة للولاية.
في 20 مايو/ أيار الماضي، عقد ستيفن ميلر، كبير مستشاري البيت الأبيض، اجتماعًا وُصف بـ"العاصف" مع كبار مسؤولي إنفاذ قوانين الهجرة، وجّه فيه انتقادات حادة وأصدر تعليمات جديدة تتعلق بعمليات الاعتقال اليومية للمقيمين من دون أوراق ثبوتية. كان هذا الاجتماع الشرارة التي أشعلت العنف والاحتجاجات في لوس أنجليس، ودفعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إصدار قرار بإرسال قوات الحرس الوطني إلى المدينة رغم اعتراض إدارة المدينة وحاكم ولاية كاليفورنيا. وفيما أكدت القيادة الشمالية للجيش الأميركي استعداد 500 من قوات المارينز للتوجه إلى لوس أنجليس، تصاعدت حدة التوتر على الأرض.
حدد ميلر، خلال الاجتماع الذي حضره عشرات من مسؤولي إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، عدد المهاجرين الذين يجب اعتقالهم يوميًا بنحو 3 آلاف شخص، بما يعادل أكثر من مليون مهاجر سنويًا. ووفقًا لموقع "أكسيوس"، صرخ ميلر بلهجة قاسية محفزًا الحضور، ما جعلهم يشعرون بأن وظائفهم مهددة، بينما كشفت لاحقًا صحيفة واشنطن إكسمينر تفاصيل موسعة عن الاجتماع، متحدثة عن تهديدات مباشرة طاولت المسؤولين، منها قول أحد المسؤولين: "نحن نطّلع على رسائلكم الإلكترونية ونصوصكم".
وبحسب المصادر، قال ميلر خلال الاجتماع: "أنتم سيئون، لا تقومون بعمل جيد"، وطالب بعدم الاكتفاء باعتقال المهاجرين الذين صدرت بحقهم أوامر ترحيل أو الذين يواجهون قضايا في المحاكم، بل اعتقال أي مقيم من دون أوراق قانونية، من دون مراعاة للإجراءات القانونية الواجبة. ورفع صوته متسائلًا: "لماذا لا تكونون في هوم ديبوت أو سيفن إليفن؟"، في إشارة إلى أماكن يتجمع فيها مهاجرون لاتينيون يعملون في قطاع البناء والبنية التحتية.
وتشعر إدارة ترامب بالإحباط من وتيرة عمليات الاحتجاز، وتطمح إلى تنفيذ أكبر عملية ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة تشمل أكثر من 11 مليون شخص، رغم تحذيرات من انعكاسات ذلك على الاقتصاد الأميركي. ورغم تنفيذ الإدارة حملات ترحيل موسعة، فإن الأعداد لا تزال مقاربة لما كانت عليه في العام الأخير من رئاسة جو بايدن. ووفق أحدث البيانات الحكومية، تحتجز دائرة الهجرة والجمارك الأميركية نحو 49 ألف شخص، وهو عدد يتجاوز ما خصصه الكونغرس من تمويل، وسط شكاوى من تردي الخدمات داخل مراكز الاحتجاز.
وكان العام الأخير من رئاسة بايدن قد شهد ترحيل 681 ألف شخص، وهو الرقم الأعلى مقارنة بالإدارات السابقة، يليه الرقم المسجل في عهد أوباما بنحو نصف مليون. لكنّ الفرق يكمن في أن الترحيلات السابقة كانت تحدث بمعظمها عند الحدود، بينما تركز إدارة ترامب حاليًا على الترحيل من داخل الولايات. ويعتزم الجمهوريون تخصيص 147 مليار دولار إضافية لأغراض الترحيل خلال عشر سنوات ضمن مشروع قانون "كبير" يدعمه ترامب وأقره مجلس النواب مؤخرًا.
ويُعد ستيفن ميلر من أبرز الشخصيات التي رافقت ترامب طوال فترة ولايته الأولى، وواصل دوره القيادي بعد فوز بايدن. وخلال السنوات الأربع الماضية، عمل على إعداد خطط موسعة للهجرة، وتولى حاليًا مسؤوليات تجعله أحد أكثر الشخصيات نفوذًا في البيت الأبيض. وبحسب تقرير نشرته نيويورك تايمز في يناير/ كانون الثاني، فإن تأثيره خلال ولاية ترامب الثانية سيكون أكبر بكثير، إذ يشرف على مشروع ترحيل جماعي يُعدّ الأضخم في تاريخ البلاد.
وبدأت أجهزة الهجرة والجمارك بالاستجابة لتعليمات ميلر، ففي 6 يونيو/ حزيران، نفذت قوات ICE عمليات دهم فجراً من دون أوامر قضائية، واعتقلت نحو 40 شخصًا كانوا في طريقهم إلى متاجر "هوم ديبو"، بعضهم أُخذ من أمام أطفاله. وتشكل الجالية اللاتينية نحو 45% من سكان لوس أنجليس، ما يجعلها أكبر تجمّع لاتيني في الولايات المتحدة. وقد شعر السكان بأنهم مستهدفون، فانطلقت التظاهرات رافعة أعلام المكسيك، وهتافات ضد العنصرية والترحيل الجماعي، مطالبة بوقف الاقتحامات والمداهمات.
ومع بدء استخدام الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، تحوّلت التظاهرات إلى فوضى، واندلعت اشتباكات عنيفة في كوبتون وباراماونت خلال اليومين الماضيين، خاصة بعد قرار ترامب إرسال الحرس الوطني من دون طلب من حاكم الولاية. وتُعد كاليفورنيا أكبر وأهم ولاية أميركية، وتصوّت تاريخيًا للحزب الديمقراطي، إذ لم يُنتخب فيها رئيس جمهوري منذ رونالد ريغان في ثمانينيات القرن الماضي. ومنذ وصوله إلى الحكم، يستهدف ترامب الولاية وسلطاتها المحلية، ويسعى إلى تغيير قوانينها التي تمنع تعاون الشرطة مع سلطات الهجرة. وترى إدارته أن فرض السيطرة على كاليفورنيا سيمنحها النفوذ للسيطرة على باقي الولايات. وقد هدّدت إدارة ترامب باعتقال حاكم المدينة، وزعم الرئيس أن المتظاهرين يتلقّون أموالًا مقابل مشاركتهم، واصفًا إياهم بـ"مأجورين متمردين" و"مجرمين يقومون بأعمال شغب".
من جهته، قال حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم إن ما يحدث "هو بالضبط ما أراده ترامب"، واصفًا قرار إرسال الحرس الوطني بـ"غير القانوني"، وكشف أن ولايته قررت مقاضاة الرئيس. وطالب نيوسوم رسمياً إدارة ترامب بإلغاء أمر نشر قوات الحرس الوطني في لوس أنجليس. وقدم نيوسوم الطلب عبر رسالة، ثم شاركها على منصة التواصل الاجتماعي (إكس)، موجهة إلى وزير الدفاع بيت هيغسيث. وكتب نيوسوم: "لم تكن لدينا مشكلة حتى تدخل ترامب. هذا انتهاك خطير لسيادة الولاية - يؤجج التوترات في حين يسحب الموارد من حيث هي في أمس الحاجة إليها". وتابع "ألغِ الأمر. أعد السيطرة إلى كاليفورنيا".