استمع إلى الملخص
- تعرضت المناطق الحدودية للقصف السوري، مما أدى إلى استشهاد وجرح العديد من المواطنين، بينما انسحب الجيش السوري من منطقة حوش السيد علي، وبدأت عودة النازحين بعد الاتفاق.
- تضاربت الروايات حول مقتل ثلاثة سوريين، حيث نفت السلطات اللبنانية وحزب الله الاتهامات السورية، وتم تسليم الجثث عبر الصليب الأحمر، واستنفر لبنان دبلوماسيًا لضبط الأوضاع.
يسيطر الهدوء على الحدود اللبنانية السورية منذ ساعات صباح اليوم الثلاثاء، بعد الاتفاق الذي حصل ليل أمس الاثنين على وقف إطلاق النار، على أن يستمر التواصل بين مديرية المخابرات في الجيش اللبناني والمخابرات السورية، للحؤول دون تدهور الأوضاع.
وقال مصدرٌ في الجيش اللبناني لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع هادئ منذ صباح اليوم الثلاثاء، ولم تسجّل أي اشتباكات أو عمليات بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار بين لبنان وسورية، الذي أعلنه وزير الدفاع اللبناني ميشال منسّى، بعد اتصال أجراه مع نظيره السوري، مرهف أبو قصرة". وأشار المصدر إلى أنّ "الجيش اللبناني على تنسيق مستمرّ مع المخابرات السورية، من أجل ضبط الوضع والحؤول دون تدهوره، وهو يسيّر دوريات في المنطقة، والتعزيزات العسكرية لا تزال قائمة، فالحذر يبقى ضرورياً، ونأمل أن يستمرّ الوضع بالهدوء الذي هو عليه في المنطقة الحدودية".
في الإطار، قال رئيس بلدية القصر محمد زعيتر لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع هادئ ولم يسجّل أي إطلاق نار، والأمور كلها تحت سيطرة الجيش اللبناني"، لافتاً إلى أننا "بدأنا نسجّل عودة للنازحين الذين غادروا منازلهم في المناطق التي تعرّضت للقصف والنيران، منذ ساعات الصباح، بعد إعلان الاتفاق بين الجانبين، اللبناني والسوري"، مشيراً إلى أنّ "الجيش السوري انسحب من منطقة حوش السيد علي في الهرمل بعدما كان قد سيطر على أجزاء منها أمس".
واستقدم الجيش اللبناني، مساء أمس، تعزيزات من الوحدات الخاصة إلى منطقة الهرمل عند الحدود اللبنانية السورية، بعد استهداف عددٍ من مراكزه من جهة الأراضي السورية، وركّزت الوحدات العسكرية المنتشرة نيرانها على أهداف ضمن قطاعات الرمي لوقف الاعتداءات على الأراضي اللبنانية. وتعرّضت قرى وبلدات لبنانية حدودية للقصف من جهة الأراضي السورية، خصوصاً منطقة حوش السيد علي في الهرمل، فردّت الوحدات العسكرية على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة، وعملت على تعزيز تمركزها الدفاعي لوقف الاعتداءات، علماً بأنّ الجيش السوري سيطر ليلاً على الجانب السوري من منطقة حوش السيد علي.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية في بيان مساء أمس الاثنين، أنّ حصيلة الاشتباكات على الحدود اللبنانية السورية أدت إلى "استشهاد سبعة مواطنين، وجرح اثنين وخمسين آخرين"، داعية جميع المستشفيات، ولا سيما القريبة من مناطق الاعتداءات، إلى "ضرورة استقبال جميع الجرحى بالسرعة القصوى"، مشيرة إلى تأمين العلاج على نفقة وزارة الصحة العامة.
وسُجّلت الحصيلة الأكبر من القتلى والجرحى من الجانب اللبناني يوم أمس، بعدما ارتفعت حدّة الاشتباكات في ساعات بعد الظهر، ما أدى إلى مقتل ستة وجرح 42 آخرين، وعمل الجيش اللبناني على الردّ على مصادر النيران بناءً على التوجيهات الرسمية بذلك، مع تسجيل عمليات أيضاً قامت بها بعض عشائر المنطقة في قصف مصادر النيران من الجانب السوري.
تضارب في الروايات
وتضاربت الروايتان، اللبنانية والسورية، في مقتل ثلاثة سوريين يوم الأحد، حيث أعلنت وزارة الدفاع اللبنانية أمس، أن القتلى الثلاثة هم من المهرّبين السوريين، وقد سلمت جثثهم للسلطات السورية بواسطة الصليب الأحمر، من دون أن تذكر كيفية تعرّضهم للقتل، فيما قالت وزارة الدفاع السورية، الأحد، إنّ مجموعة تتبع حزب الله اختطفت بكمين على الحدود السورية اللبنانية ثلاثة عناصر من الجيش السوري، واقتادتهم إلى داخل الأراضي اللبنانية وعملت على تصفيتهم.
وتحدثت مصادر محلية سورية من جانبها، عن أن العناصر الثلاثة تعرضوا للاختطاف على الحدود، ونُقلوا إلى داخل الأراضي اللبنانية، حيث قُتلوا ميدانياً بعد تعرضهم للتعذيب، وقد سُلّمت جثامينهم لاحقاً عبر الجيش اللبناني. من جانبه، صرّح العقيد عبد المنعم ضاهر، قائد اللواء الأول في الفرقة 25، لـ"العربي الجديد"، أن الحادثة وقعت في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم 16 مارس/ آذار الحالي، في أثناء قيام مجموعة من القادة الميدانيين بمهمات استطلاعية لضبط الحدود. وأوضح أن المجموعة تعرضت لهجوم من عناصر حزب الله، الذين أقدموا على اختطافهم ونقلهم إلى داخل الأراضي اللبنانية، حيث تعرضوا للتعذيب قبل تصفيتهم.
وأكد العقيد ضاهر أن القوات السورية أطلقت حملة أمنية عقب الحادثة، بهدف استعادة المناطق التي تقدمت إليها تلك العناصر، مشدداً على أن هذه الخطوة جاءت لردع أي اعتداءات مستقبلية، واستعادة السيطرة على الأراضي السورية. وأكد المكتب الإعلامي في وزارة الدفاع السورية، عبر وكالة الأنباء الرسمية "سانا"، مساء الاثنين، توصل وزارة الدفاع السورية ونظيرتها اللبنانية إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار على الحدود، وتعزيز التنسيق والتعاون بين الجانبين.
وبينما نفى حزب الله الوقوف وراء أي أحداث تحصل وحصلت على الأراضي السورية، أكد رئيس بلدية القصر محمد زعيتر، أنّ مسلحين سوريين حاولوا سرقة أغنام من منطقة حدودية تقع في الجانب اللبناني، تصدّى لهم راعٍ، ومن ثم تسلّم الجيش اللبناني الجثث وسلّمها عبر الصليب الأحمر للجهات السورية. واستنفر لبنان أمس عسكرياً وكذلك دبلوماسياً، من أجل ضبط الوضع على المنطقة الحدودية، بحيث طلب الرئيس جوزاف عون من وزير الخارجية يوسف رجّي الموجود في بروكسل، التواصل مع الوفد السوري المُشارك في المؤتمر التاسع لدعم مستقبل سورية، للعمل على معالجة المشكلة القائمة بأسرع وقت ممكن، بما يضمن سيادة الدولتين، ويحول دون تدهور الأوضاع. وأكد عون أنّ "ما يحصل على الحدود الشرقية والحدود الشمالية الشرقية لا يمكن أن يستمرّ، ولن نقبل أن يستمرّ، وهو أعطى توجيهاته لقيادة الجيش للردّ على مصادر إطلاق النار".