استمع إلى الملخص
- قامت قوات الأمن السورية بعمليات مكثفة لاستعادة السيطرة على المنطقة، وواجهت اشتباكات مع مجموعات مسلحة، وتم تسليم المنطقة لإدارة الأمن العام لضمان استقرارها.
- دعا مفتي الجمهورية السورية إلى الوحدة ونبذ الفتن، محذراً من الانجرار وراء الثأر، وأكد على ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية.
وفد من السويداء ضم الجربوع والحناوي والحجار التقى مسؤولين حكوميين
طائرة إسرائيلية، حربية وليست مسيّرة، قصفت هدفاً لم يُعرف بعد
يسود هدوء حذر منطقة صحنايا جنوب العاصمة السورية دمشق، قطعه تجدد القصف الإسرائيلي بالطيران الحربي على أطراف المدينة، فيما وصل إلى دمشق وفد من مشايخ السويداء للمساهمة في جهود التهدئة، وسط نزوح ملحوظ للأهالي من المنطقة.
وقال الصحافي محمد علي، المقيم في المنطقة، لـ"العربي الجديد"، إن طائرة إسرائيلية، حربية وليست مسيّرة، قصفت عصر اليوم الأربعاء هدفاً لم يُتعرّف إليه بعد، على أطراف مدينة صحنايا، من دون أن تتضح نتائج هذا القصف. كذلك عمدت طائرات الاحتلال إلى إلقاء بالونات حرارية فوق منطقة أشرفية صحنايا بريف دمشق.
ويأتي ذلك بعد قصف إسرائيلي مماثل صباح اليوم الأربعاء، نُفّذ مرتين بواسطة طائرات مسيّرة، استهدف مواقع تابعة للأمن العام السوري في صحنايا ومحيطها، ما أدى إلى مقتل عنصر واحد على الأقل وإصابة آخرين، وفق ما أعلنت وزارة الداخلية السورية.
وأضاف علي أن الهدوء الحذر يسود المنطقة منذ عصر اليوم، يتخلله سماع رشقات نارية متقطعة، فيما شوهدت طوابير من سيارات المدنيين تغادر المنطقة باتجاه المناطق المجاورة فور انخفاض وتيرة الاشتباكات. كذلك عمد البعض، ممن لا يملكون سيارات، إلى المغادرة مشياً على الأقدام.
وأعلن مدير مديرية الأمن في ريف دمشق، المقدم حسام الطحان، انتهاء العملية الأمنية في منطقة أشرفية صحنايا، و"انتشار قوات جهاز الأمن الداخلي في أحياء المنطقة لضمان عودة الأمن والاستقرار". وقال الطحان: "تمكّنا من دخول كل أحياء أشرفية صحنايا، وسنبدأ إجراءات استعادة الأمن والاستقرار للمنطقة".
ونقلت وسائل إعلام محلية عن الطحان قوله إن قوات الأمن العام تلاحق الخارجين عن القانون في منطقة أشرفية صحنايا بهدف سحب السلاح غير القانوني، مشيراً إلى اتخاذ إجراءات مشددة لمنع إلحاق الأذى بالمدنيين. وأضاف أن مجموعات مسلحة في أشرفية صحنايا بقيادة ياسر أبو عمار غدرت بقوات جهاز الأمن الداخلي، وأن الجهاز والجيش دخلا المنطقة للقبض على مجموعة أبو عمار. وحثت وزارة الداخلية السورية المواطنين في أشرفية صحنايا على التزام المنازل والإبلاغ عن الخارجين عن القانون.
وانسحبت قوات وزارة الدفاع السورية، مساء اليوم الأربعاء، من المنطقة بعد استكمال عمليات التمشيط التي نفذتها. وقد سُلِّمَت المنطقة رسمياً لإدارة الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية، التي باشرت فوراً في الانتشار لضمان حفظ الأمن والاستقرار.
وقال خالد الأحمد، نازح من محافظة دير الزور ومقيم في أشرفية صحنايا، لـ"العربي الجديد": "نحن من البوكمال في دير الزور، ونقيم حالياً في أشرفية صحنايا. يوم أمس اندلعت اشتباكات بين مجموعات مسلحة خارجة عن القانون وقوات الأمن العام. وظهر اليوم دخلت قوات الأمن العام إلى المنطقة، وهي منتشرة حالياً في أشرفية صحنايا وصحنايا عموماً، وتعمل على تهدئة الأوضاع. نأمل أن تنتهي الأمور تماماً خلال هذا اليوم. لقد انتشرت عناصر الأمن العام بشكل واسع، واستُعيدت السيطرة، ولم يعد هناك أي وجود للمسلحين أو انتشار للسلاح بأيدي تلك المجموعات، وكل شيء عاد إلى سيطرة الدولة".
من جهته، قال محمود، أحد سكان مساكن أشرفية صحنايا، في حديث لـ"العربي الجديد": "نحن هنا في مساكن أشرفية صحنايا، وبعد العمل العسكري لقوات الأمن الداخلي وقوى الأمن العسكري ووزارة الدفاع، جرى الرد على مجموعات كانت تقاتل ضد الدولة من داخل المنطقة. وبعد تطهير المنطقة بالكامل، بدأت عمليات نزوح من المساكن في أشرفية صحنايا وصحنايا وأطرافها، بسبب قصف الطيران الإسرائيلي على المنطقة، الذي تسبب بحالة من الذعر بين الأهالي. هناك عدة ضربات تسببت في وقوع ضحايا مدنيين، وقد أُصيبت بناية في مساكن الأشرفية، جهة الطيارة، بعدد من الإصابات، بالإضافة إلى استهداف عسكري وقع في الموقع ذاته".
في غضون ذلك، وصل وفد من الطائفة الدرزية في السويداء إلى مدينة داريا بريف دمشق، على رأسه شيخا العقل يوسف جربوع (أبو أسامة) وحمود الحناوي (أبو وائل)، إضافة إلى قائد حركة رجال الكرامة يحيى الحجار (أبو حسن)، وليث البلعوس قائد فصيل "قوات شيخ الكرامة"، وذلك لعقد اجتماع مع مسؤولين في الحكومة، بهدف إيجاد حل سريع للأزمة في أشرفية صحنايا. وضم الوفد الحكومي، في المقابل، محافظ السويداء مصطفى بكور، ومحافظ دمشق محمد ماهر مروان، وعامر الشيخ، محافظ ريف دمشق.
وعقب الاجتماع مع الوفد الحكومي، زار وفد السويداء، برفقة سيارات تابعة للأمم المتحدة، منطقة أشرفية صحنايا، بهدف تهدئة الوضع والتوصل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار. وكان التوتر في صحنايا قد بدأ أمس، على خلفية الأحداث التي شهدتها مدينة جرمانا خلال اليومين الماضيين، وبعد التوصل هناك إلى اتفاق مع وجهاء المدينة يقضي بوقف إطلاق النار وتسليم جثامين الضحايا الذين قُتلوا داخل المدينة.
ووفق مصدر في وزارة الداخلية السورية، فإن مجموعات خارجة عن القانون تسلّلت ليل أمس إلى الأراضي الزراعية في منطقة أشرفية صحنايا، واستهدفت كل تحرك مدني أو أمني، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين ومن عناصر قوات الأمن العام. وأضاف المصدر أنّ "تلك المجموعات صعّدت من اعتداءاتها، حيث هاجمت نقاطاً وحواجز أمنية على أطراف المدينة، ما أدى إلى مقتل 11 عنصراً من قوات إدارة الأمن العام المكلّفة حفظ الأمن"، ليُعلن لاحقاً ارتفاع حصيلة قتلى الأمن العام في صحنايا إلى 16 شخصاً.
من جهته، وجّه مفتي الجمهورية في سورية، الشيخ أسامة الرفاعي، كلمة للشعب السوري على خلفية الأحداث الراهنة في جرمانا وصحنايا، محذراً من الفتن. وخاطب الرفاعي السوريين بقوله: "إياكم والفتن، فإن الفتن يُدرى أولها ولا يُعلم آخرها"، داعياً إلى عدم الالتفات إلى أصوات الثأر والانتقام. وقال: "دماؤكم محرّمة، كل دم سوري محرّم، قطرة دم واحدة من أي فرد من أفراد هذا البلد غالية على قلوبنا، لا ينبغي التفريط فيها بأي حال من الأحوال". وحثّ على الوحدة في وجه "الفتنة التي يشعلها أعداء الأمة والإنسانية والوطن"، داعياً إلى عدم الاستماع لأصوات "شياطين الإنس والجن"، بحسب تعبيره.