هدم منازل العريش لإنشاء طرق ومحاور: غضب ومخاوف أمنية

هدم منازل العريش لإنشاء طرق ومحاور: غضب ومخاوف أمنية

06 مارس 2021
لم تتم مناقشة أهالي العريش بشأن المشروع الجديد (Getty)
+ الخط -

بعد سنوات طويلة من ترك البنى التحتية في شمال سيناء بلا اهتمام، بما فيها الطرق العامة والفرعية في مدن المحافظة، ما أدى لوقوع حوادث سير وتهالك المركبات، ومشقة على المواطنين، أفاق سكان مدينة العريش، منذ أيام، على نبأ مفاده أن عشرات المنازل على ساحل البحر ومناطق وسط البلد ستجرف، ضمن خطة حكومية لإنشاء محاور جديدة، خلال الفترة المقبلة.
وستنفذ المحاور من قبل الهيئة الهندسية للقوات المسلحة كجزء من خطة تطوير الطرق والمحاور في كافة محافظات مصر، في حين اعتاد المواطنون في شمال سيناء أن تكون منازلهم ضحية للمشاريع الحكومية، سواء كان ذلك بإقامة منطقة عازلة في رفح، أو توسيع المطار والميناء في العريش.

لم تتم استشارة مهندسي مدينة العريش بشأن المشاريع الجديدة

وأدى الإعلان عن تفاصيل المحاور الجديدة إلى حالة من الغضب في أوساط المواطنين، لا سيما المتضررين منهم، بإزالة منازلهم لتوسعة الطرق، وإنشاء المحاور الجديدة. وقال أحمد عيسى، المتضرر من إنشاء أحد المحاور على طريق البحر: "كنا ننتظر تكريماً من الدولة على صبرنا طيلة السنوات الماضية على أذى الإرهاب، والضرر المادي والنفسي الذي وقع علينا نتيجة هجمات تنظيم داعش الإرهابي على مواقع الجيش والشرطة، لنفاجأ بخلاف ذلك، إذ قررت الدولة إزالة بيوتنا التي تمثل لنا كل شيء، من دون أي مراعاة للارتباطات المعنوية والمادية في مناطق السكن التي نوجد بها حالياً، وإذ يمكن للمشروع أن يغير وجهته وحجمه بما لا يضر بالمواطن، في حال كان هدف الدولة إفادة المواطن". وأشار إلى أنه لم تتم مناقشة الأهالي بشأن المشروع الجديد، ولم يتم الحديث مع أي طرف محلي، بخلاف الجهات الحكومية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وهذا بخلاف ما يروجه محافظ شمال سيناء محمد عبد الفضيل شوشة.

في السياق، أعربت مصادر قبلية في سيناء، تحدثت لـ"العربي الجديد"، عن تخوفها من أن هدم منازل المواطنين من شأنه أن يمنح تنظيم "ولاية سيناء"، التابع لـ"داعش"، فرصة أكبر في الضغط على الأهالي، ومحاصرتهم، والتضييق عليهم من جهة، ومن جهة أخرى محاولة استثمار غضب الأهالي في دفع من يتعاونون مع الجيش وقوات الأمن المصرية، للامتناع عن ذلك.

وتعقيباً على ذلك، قال مصدر في نقابة المهندسين بالعريش، لـ"العربي الجديد"، إنه لم تتم استشارة مهندسي المدينة بشأن المشاريع الجديدة، نظراً إلى أنهم الأدرى بتفاصيل المدينة والمشاريع التي تحتاجها من حيث الحجم والاتجاه والمكان، إلا أن تجربة النقابة مع الجهات الحكومية لا تبشر بخير، إذ تم مسبقاً التنسيق مع النقابة في إنشاء بعض الميادين وسط مدينة العريش، بما يحقق المصلحة العامة من دون إيذاء المواطنين، إلا أنه تم تجاهل مخططات النقابة بعد إنجازها. وأوضح أن هذا يعني أنه لا يتم تنفيذ شيء بخلاف ما تراه المحافظة والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، حتى وإن كان الإنجاز على حساب المواطن، بهدم منزله ومصدر رزقه، كما جرى مسبقاً في مناطق متعددة من شمال سيناء، على مدار السنوات الماضية، بتقديم رؤية الجيش والحكومة على أي رؤية أخرى، وإن كانت أفضل منها، بينما لا يتم عمل حساب للمواطن وتضرره من المشاريع، والاكتفاء بالحديث عن التعويض المادي فقط.

شوشة: هناك بعض الجهات الحكومية والمنازل تعوق التنفيذ ويتطلب الأمر إزالتها

وفي تفاصيل المشروع، قال شوشة إن هناك مخططاً كاملاً لتطوير العريش، في مرحلته الثانية، يتضمن إنشاء 3 محاور رئيسية طولية على ساحل البحر، ومحاور عرضية ليتم الربط وتيسير التحرك بينها، بكلفة 500 مليون جنيه (نحو 32 مليون دولار). وأوضح أن المحور الأول، وهو من المحاور الرئيسية المقرر إنشاؤها، يشمل شارع الفاتح، من البوابة الغربية بمدخل العريش وصولاً إلى المدخل الشرقي للمدينة عند الريسة على طول الساحل، ليتضمن 4 حارات للذهاب و4 أخرى للعودة. والمحور الثاني يضم شارع الجيش، من أمام مديرية الأمن مروراً بجسر ضاحية السلام ومستشفى العريش العام، ليقطع شارع 23 يوليو ويتجه إلى شارع الساحة الشعبية وميدان العتلاوي وشارع أسيوط وصولاً إلى حي المساعيد، بطول 3 حارات للذهاب و3 أخرى للعودة. أما الثالث، فهو الطريق الدائري خلف المناطق السكنية وصولاً إلى ميناء العريش البحري، ويضم 4 حارات للذهاب و4 للعودة.

وأكد شوشة، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن هناك بعض الجهات الحكومية والمنازل تعوق التنفيذ، ويتطلب الأمر إزالتها، وهي عبارة عن محطة مياه الصرف الصحي ومسجد الخلفاء الراشدين و23 منزلاً على المحور الأول، نظراً للكثافة السكانية بالمنطقة، إلى جانب أجزاء من مستشفى العريش العام، ومبنى شركة النظافة، ومبنى المطافئ القديم، واستراحة المحافظ القديمة وبعض المنازل وجزء من مركز شباب مدينة العريش (الساحة الشعبية). وأشار إلى أنه لن يتم إخراج أحد من منزله إلا بعد حصوله على التعويض المناسب، من خلال لجنة خبراء ومعتمدين، وستتم دراسة قيمة التعويضات المقررة واختيار الأعلى منها لصالح المواطن، لتشمل المُلّاك من أصحاب الأراضي والمنشآت والمستأجرين، ويتم صرف تعويض مادي للمُلّاك، وتعويض مادي أو مساكن بديلة للمستأجرين في منطقتي السبيل والمساعيد.

وكان وزير النقل المصري، لواء الجيش السابق كامل الوزير، قد أعلن تخصيص 1522 مليار جنيه (نحو 97 مليار دولار)، لتنفيذ 2173 مشروعاً في كافة قطاعات النقل، خلال الفترة من 2014 حتى 2024، مشيراً إلى الانتهاء من تنفيذ 1273 مشروعاً منها، بإجمالي كلفة 355.6 مليار جنيه، ويجري استكمال 760 مشروعاً بكلفة 495 مليار جنيه، ومن المخطط البدء في تنفيذ 140 مشروعاً بكلفة 671.4 مليار جنيه خلال السنوات الثلاث المقبلة. ومررت الحكومة المصرية، مع مجلس النواب، موازنات الدولة السنوية بصورة مخالفة للدستور، منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم في العام 2014، إذ لم تف أي منها بنسبة الـ10 في المائة من الناتج القومي الإجمالي المخصصة لقطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي، الواردة في المواد 18 و19 و21 و23 من الدستور، مقابل إهدار مئات مليارات الجنيهات على مشاريع الطرق والجسور غير المطابقة للمواصفات القياسية، والمنفذة بواسطة الهيئة الهندسية للجيش بـ"الأمر المباشر" وسط اتهامات بالفساد، وفقاً لمراقبين.

يشار إلى أن محافظة شمال سيناء تعاني من ضعف في البنى التحتية، ويشمل ذلك قطاع الطرق والنقل والمواصلات والاتصالات والصرف الصحي والمياه والكهرباء والإنترنت. وعلى مدار السنوات السبع الماضية انطلقت عشرات المناشدات والمطالبات من السكان بضرورة تحسين الأوضاع المعيشية، والظروف البيئية، خصوصاً في ظل الهدوء النسبي للأوضاع الأمنية في المحافظة، مع تراجع حدة هجمات تنظيم "ولاية سيناء"، خصوصاً في نطاق مدينة العريش، التي تعتبر عاصمة لمحافظة شمال سيناء، في مقابل تجاهل حكومي لكل هذه المناشدات، إلى أن أطلت الحكومة والجيش أخيراً بمشروع المحاور الجديدة.

تقارير عربية
التحديثات الحية