هجوم ميونخ... تأثير متراكم على انتخابات ألمانيا لمصلحة ميرز والبديل

14 فبراير 2025
الرئيس الألماني (وسط) يضع الزهور في موقع هجوم ميونخ، 14 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حادثة الدهس في ميونخ التي نفذها طالب لجوء أفغاني أثرت على النقاشات الانتخابية في ألمانيا، مما زاد من حظوظ معسكر التشدد في أوساط المحافظين واليمين القومي المتشدد، حيث يسعى فريدريش ميرز من الاتحاد الديمقراطي المسيحي إلى انتزاع المستشارية من أولاف شولتز.

- الحادثة أثرت على الانتخابات البرلمانية المقررة في 23 من الشهر الحالي، حيث دفعت مرشحي الأحزاب إلى اتخاذ مواقف متشددة تجاه سياسات الهجرة، مع دعوات لضبط النفس حتى اكتمال التحقيقات.

- تتزايد الدعوات لتغيير سياسات الهجرة في ألمانيا، حيث يطالب اليمين المتشدد بترحيل من رُفضت طلبات لجوئهم، مما يعزز من مواقف اليمين المتطرف ويثير قلقاً واسعاً في المجتمع الألماني.

أشعلت حادثة الدهس التي شهدتها تظاهرة لنقابات العمال في ميونخ جنوبي ألمانيا أمس الخميس، مرة أخرى، النقاشات الانتخابية الحادة حول الهجرة واللجوء. نقاشات لا تزيد فقط من حظوظ غلبة معسكر التشدد في أوساط المحافظين المتطلعين إلى انتزاع المستشارية من يد الاجتماعي الديمقراطي أولاف شولتز لمصلحة فريدريش ميرز، إنما ترفع أيضا أسهم أقصى اليمين القومي المتشدد في حزب البديل من أجل ألمانيا.

الانتخابات البرلمانية المقررة في 23 من الشهر الحالي تلقت صدمة صعبة، حينما صدم وجرح في نحو 36 شخصا، بينهم نساء وأطفال بحالة خطرة بهجوم على تجمع نقابي في الشارع، على يد طالب لجوء أفغاني يبلغ 24 عاما، مذكرا الألمان، من شتى الاتجاهات بتراكم حوادث يشعل جديدها الجدال والذاكرة، وقبل هذا وغيره البحث عن حلول جذرية لما يسمى محليا "كابوس" الهجمات التي لا تستثني أحدا.

في خدمة أقصى اليمين

سارع مرشح المعارضة في الاتحاد الديمقراطي المسيحي لمنصب رئاسة المستشارية ميرز إلى تشديد وعوده وعمله "على إنفاذ القانون والنظام. ويجب أن يشعر الجميع بالأمان في بلدنا مرة أخرى"، مشددا على أنه "يجب أن يتغير شيء ما في ألمانيا". ولم يتردد رئيس حكومة بافاريا من الاتحاد الاجتماعي المسيحي (الحزب الشقيق لحزب ميرز) ماركوس سودر في وصف الحادث في ميونخ بأنه "هجوم إرهابي محتمل"، محذرا من أن "ألمانيا لا تستطيع الاستمرار في الانتقال من هجوم إلى آخر دون اتخاذ إجراء". أما مرشح حزب الخضر لمنصب المستشار ووزير الاقتصاد روبرت هابيك، فعبر عن صدمته، داعيا إلى ضبط النفس حتى اكتمال التحقيق في "خلفية هذا العمل المروع".

وقد أعلنت الشرطة الألمانية ظهر اليوم الجمعة أنها تمكنت من "تحديد التوجه الإسلامي للمهاجم". وأضافت أنها وجدت من محادثات المهاجم قيامه "بتوديع أقاربه بقوله إنه ربما لن يكون هنا (حيا) في الغد". ذلك بالتأكيد لن يساهم في تخفيف تأثير حادثة الدهس الأخيرة على الانتخابات الألمانية للبرلمان الاتحادي، كما كان يجري في حوادث سابقة، بما فيها حادثة الدهس العنيفة في مدينة ماغديبورغ قبيل أعياد الميلاد (الكريسماس) بقليل.

ورغم أن هجوم ماغديبورغ نفذه طبيب نفساني ولاجئ من أصل سعودي، وهو ناشط معادٍ للإسلام ومتعاطف مع أفكار اليمين المتطرف في ألمانيا، إلا أن الأجواء مشحونة لناحية رد الهجوم إلى فشل سياسات اللجوء والهجرة في البلاد.

ذلك وسط استغلال واضح لليمين المتشدد في حزب البديل لأجل ألمانيا لتعزيز تقدمه في الاستطلاعات، ومحاولة فرض نفسه إذا وصل بالفعل فريدريش ميرز إلى الحكم. ويبدو واضحا أن استطلاعات الرأي لا تزال تزيح "الاجتماعي الديمقراطي" العريق عن المرتبة الثانية في البوندستاغ القادم (بنحو 16%) لمصلحة اليمين المتطرف "البديل" والذي ارتفعت نسبته من نحو 20 إلى 22%، وفقا لما نشرته "بوليتيكو" بعد هجوم ميونخ.

زعيمة الحزب، الذي لم يمض على اقتحامه الخريطة السياسية أكثر من 12 سنة، أليس فايدال، سارعت إلى استغلال الدهس في ميونخ بقولها إن "الإرهابي في ميونخ طالب لجوء أفغاني وكان معروفا لدى الشرطة". وأضافت: "مرة أخرى، أصيب العديد من الأشخاص بجروح خطيرة. هل سيستمر الأمر حقا على هذا النحو؟ سياسة الهجرة يجب أن تتغير الآن".

موقف فايدال يبدو متقاربا مع مواقف المرشح ميرز لناحية ضرورة تغيير سياسات الهجرة في البلد. وكان ميرز كرر في أكثر من مناسبة التطرق إلى فشل سياسات الائتلاف الحاكم السابق بزعامة شولتز بشأن ترحيل الأشخاص الذين رفضت طلبات لجوئهم، مذكرا بحوادث طعن وهجمات دهس بسيارات. وحاول على خلفية انتخابية تمرير تبني البرلمان الاتحادي في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي قانوناً متشدداً للجوء على الحدود الألمانية. وتعرض ميرز لانتقادات سياسية وفي الشارع، لتركه الباب مفتوحا أمام التعاون مع "البديل" على مستوى البرلمان إذا ما وصل إلى منصب المستشارية.

ورغم نفي ميرز ذلك التقارب، يواصل حصد المزيد من الشعبية التي من الممكن أن تقطع الطريق على شولتز، المتراجعة شعبيته لأسباب كثيرة. وبات واضحا أن مسألة ترحيل من رُفض لجوؤهم، والذين يعتبرهم ميرز واليمين المتشدد "مقيمين غير شرعيين"، من بين قضايا أخرى حول تشديد سياسة الهجرة، تتحول إلى قضية ساخنة في الوعود الانتخابية.

وإلى جانب تأثيرات تلك الهجمات على المزاج الانتخابي العام في ألمانيا فإن الصورة ليست أقل قتامة وتأثيرا على مستوى حوادث كراهية تشعلها أخبار انخراط "أجانب" فيها، ما يولد مواقف وتصرفات تستهدف بالتعميم ملايين الناس من أصول مهاجرة ولاجئة في المجتمع الألماني. ففي معسكر اليمين المتطرف لا يهدأ هتاف وشعار "ترحيل... ترحيل"، وخلفه يجري رصد العديد من الأحداث اللفظية والعملية بحق أناس يبدون غير ألمان.

هجمات في ألمانيا

إلى جانب حادثة أمس الخميس، تكرر في الأشهر الأخيرة قيام أشخاص "طالبي لجوء مرفوضين" أو لاجئين مقيمين بحوادث صادمة للألمان، وخصوصا خلال أقل من عام. ففي 24 مايو/أيار 2024 شهدت مانهايم في جنوب غرب البلاد في ولاية بادن فورتمبيرغ طعن طالب لجوء أفغاني شرطيا وخمسة أشخاص أثناء مظاهرة في المدينة.

في 24 أغسطس/آب من العام نفسه شهدت زولينغن في مقاطعة ديسلدورف بولاية شمال الراين-وستفاليا، قيام طالب لجوء سوري مرفوض بطعن ثلاثة وإصابة ثمانية في مهرجان بالمدينة. وفي 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي، شهد سوق الميلاد (الكريسماس) في ماغديبورغ دهس لاجئ سعودي مؤيد لأفكار اليمين المتطرف ومعادٍ للمهاجرين من أصول مسلمة، للمشاة، ما أسفر عن مقتل ستة وإصابة 299 على الأقل. وفي 25 يناير/كانون الثاني الماضي، قتل طالب لجوء أفغاني مرفوض في مدينة أشافنبورغ، طفلا في الثانية من عمره ورجلا أربعينيا طعنا بسكين.

المساهمون