هجوم للمستوطنين يرحّل أهالي تجمع المليحات بالضفة الغربية مجدداً
استمع إلى الملخص
- الأهالي، بدعم من هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، حاولوا العودة بتنظيم مسيرة، لكنهم واجهوا تهديدات من الاحتلال ومضايقات من الشرطة التي صادرت مركباتهم.
- تعاني العائلات المهجرة من ظروف صعبة في مناطق لجوئهم، وتفتقر للخدمات الأساسية، وتواجه مشاكل قانونية، مما يستدعي تحركاً عاجلاً لدعمهم.
لم يكن قرار محكمة الاحتلال الإسرائيلي العليا بالسماح بعودة أهالي تجمع عرب المليحات البدوي في منطقة المعرجات شمالي أريحا شرقي الضفة الغربية، سوى جزء من سلسلة إجراءات إسرائيلية تثبت واقع ترحيلهم مجددا تحت وطأة الهجمات العنيفة للمستوطنين، فعندما عادوا مساء أمس الخميس، تعرضوا لهجوم جديد من المستوطنين أدى لترحيلهم مرة أخرى.
وبحسب الأهالي، لا تريد مؤسسات الاحتلال ومنها القضائية أن تتبنى علنا تهجيرهم على يد المستوطنين. ويقول سليمان مليحات، من أهالي التجمع وناشطيه ضد الاستيطان، لـ"العربي الجديد"، "إن الأهالي توجهوا عبر محامين إلى محكمة الاحتلال العليا، وإن فريق الدفاع طالب بعودة الأهالي إلى تجمعهم الذي هجروا منه قسرا في الأسبوع الأول من يوليو/ تموز الماضي، كما طالب بتوفير الحماية للسكان من هجمات المستوطنين".
وبحسب مليحات، فإن محكمة الاحتلال أصدرت قرارا بالسماح للأهالي بالعودة، لكنها لم توافق أبدا على نص "ضرورة توفير الحماية للأهالي". وقرر الأهالي بدعم من هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية ومحافظة أريحا ونشطاء ومتضامنين العودة أمس الخميس، بتنظيم مسيرة عودة مسائية، لكن الاحتلال هدد الأهالي وكذلك المؤسسات الرسمية الفلسطينية ومنعهم، كما يقول المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة في فلسطين المحامي حسن مليحات لـ"العربي الجديد"، من تنظيم فعاليات رسمية، كما منع وجود الإعلام والصحافة وممثلين عن المؤسسات الرسمية الفلسطينية. وتبين للأهالي أن الهدف هو الاستفراد بهم.
ويؤكد سليمان أن الاحتلال طلب منه شخصيا تزويده بعدد وأنواع المركبات التي ستتوجه إلى المكان، إلا أن شرطة الاحتلال احتجزت مركبة وصادرت أخرى كانت تحمل بعض الأخشاب لاستخدامها لتعليق إنارة في التجمع، مدعية أنها أدوات بناء بينما يمنع البناء لأن المنطقة مصنفة "ج". كذلك، لاحقت عددا من المركبات للأهالي بحجة أن ترخيصها منتهٍ أو غير قانوني، وهذا يعني أنهم لا يستطيعون إعادة مساكنهم إلى أماكنها، والتي فككوها حين رحلوا المرة الأولى.
وعاد، أمس الخميس، الرجال من قرابة 25 عائلة، بحسب منظمة البيدر، تمهيدا لعودة النساء والأطفال، ولكن المستوطنين حاصروهم أولا، ومن ثم هجموا عليهم وأحرقوا بعض البركسات المتبقية من عملية الترحيل، وقد بدأ الهجوم عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليلة الماضية، وهجر الأهالي مرة أخرى على وقع هذا الهجوم، الذي شارك فيه قرابة 50 مستوطنا.
ويقول المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة حسن مليحات: "إن القرار الإسرائيلي جاء مع رفض وجود كلمة حماية للأهالي، بما يؤكد وجود نية للاحتلال بإظهار نفسه بأنه يسمح بعودة السكان، ولكن مع بقائه قرارا شكليا، فقط أمام الإعلام والمنظمات الدولية".
ويقول الناشط سليمان مليحات: "هناك نية مبيتة من الاحتلال لإبقاء المكان فارغاً بأي طريقة، لكن دون أن يكون هناك قرار رسمي أو حكومي بذلك". وليس أمام العائلات، كما يقول مليحات، خيارات كثيرة، ولا تعرف ما الذي ستفعله، خاصة وأنها في ظروف صعبة في الأماكن التي هجرت إليها، فهي صحراء خالية من أي خدمات.
ويضيف مليحات: "ما يزيد من صعوبة الأوضاع أنهم لم يتمكنوا من تفكيك كل مساكنهم ومضاربهم، حيث كانت هجمات المستوطنين الشهر الماضي، مكثفة ومتسارعة، وقاموا بإخراج ما يستطيعونه من ممتلكات وبركسات وخيام، وليس كل شيء". وتابع: "كانت عودة الأهالي إلى تجمعهم هامة جدا لكل مجتمع البدو والتجمعات البدوية، ولو استطاعوا تثبيت أنفسهم بعد العودة، لكانت سابقة لكل التجمعات الأخرى التي هُجرت، وأمل لكل هؤلاء، حيث قرر الأهالي العودة، رغم معرفتهم المسبقة بالمخاطر التي قد يلاقونها".
وبحسب الأهالي، فإنهم يعانون كذلك من مشكلة تتعلق بالأراضي التي ذهب إليها عدد منهم، فهم قد تشتتوا ولم ينتقلوا جميعا إلى مكان واحد، لكن جزءا منهم ذهب إلى أراضٍ في أريحا، وأقاموا مضاربهم فيها، لكنهم واجهوا إشكالية أن المؤسسات الرسمية أخبرتهم بأن جزءا من الأراضي وقفي وجزءا آخر لإحدى الشركات، وهو ما يعني تخوفهم من إخلائهم من تلك الأراضي التي لجؤوا إليها مضطرين.
وكانت اضطرت أكثر من 85 عائلة الرحيل من تجمع عرب المليحات على مدار أشهر في ظل اعتداءات المستوطنين، وكانت آخر دفعة قد رحلت الشهر الفائت، وكان في وسط التجمع مدرسة من أهم مدارس التجمعات البدوية التي تسمى مدارس التحدي، وهي بمثابة مدرسة مركزية لعدد من التجمعات، لذا كانت هدفا كذلك للهجمات الاستيطانية وملاحقة الطلبة في محاولة للتأثير عليهم للرحيل، حيث إن المدارس إحدى وسائل تثبيت التجمعات البدوية وإحدى وسائل صمودها، ولا يعلم الأهالي أين سيدرس أبناؤهم، كما يقولون خلال الفترة القادمة خصوصا وأن السنة الدراسية الجديدة على الأبواب.
وكان رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية مؤيد شعبان أصدر تصريحا صحافيا قال فيه، "إن إجبار العائلات في تجمع عرب المليحات شمال غرب أريحا على النزوح قسرا عن مناطق سكناها للمرة الثانية خلال شهر، يأتي ضمن خطة استعمارية أوسع، تنفذها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بتسلئيل سموتريتش (وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف) وإيتمار بن غفير(وزير الأمن القومي)، لتهويد منطقة المعرجات التي تعد منطقة استراتيجية، كونها الطريق الرئيسي بين أريحا والمحافظات الأخرى".
وأكد شعبان أن اضطرار العائلات إلى النزوح قسرا جاء تحت ضغط وإرهاب المستوطنين المسلحين وبحماية من جيش الاحتلال، خاصة أن الاعتداءات بحق التجمع تصاعدت بشكل كبير. وقال شعبان: "سبق أن حذرنا مرارا، ونؤكد اليوم أن على الجميع من فصائل ومؤسسات وعائلات، التحرك العاجل وعدم ترك التجمعات البدوية وحدها، وقد ارتفع منسوب الخطر على حياة المواطنين بفعل إطلاق النار والاعتداءات المتكررة".