هجوم أربيل: توافق أميركي كردي على محاسبة المنفذين

هجوم أربيل: توافق أميركي كردي على محاسبة المنفذين ولا ثقة بتحقيقات بغداد

16 فبراير 2021
بدء التحقيق بهجوم أربيل (يونس كيليس/الأناضول)
+ الخط -

زيارات عسكرية إلى سنجار وأربيل من بغداد

إيران: لا علاقة لنا بقصف أربيل ونرفض الإشاعات

نفذت طائرات أميركية عمليات مراقبة طيلة ليل أمس حتى صباح اليوم الثلاثاء، في أربيل عاصمة إقليم كردستان شمالي العراق، وأطراف محافظتي نينوى وكركوك والتي توجد فيها فصائل تابعة لـ"الحشد الشعبي"، لتأمين قاعدتها التي تعرّضت لهجوم صاروخي أودى بحياة متعاقد مدني وإصابة آخرين في أربيل.

وبينما تبنت مليشيا موالية لإيران الهجوم، فإنّ مسؤولين توقعوا رداً أميركياً قريباً، وعبّروا عن عدم ثقتهم بالتحقيقات والوعود التي أطلقتها حكومة بغداد.

وكان التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة قد أعلن مقتل متعاقد مدني أجنبي وجرح خمسة آخرين بالإضافة إلى جندي أميركي في هجوم صاروخي استهدف، في وقت متأخر من مساء الاثنين، قاعدة جوية في كردستان العراق. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني، إن الولايات المتحدة "غاضبة" بسبب الهجوم، متوعداً بمحاسبة الجهات المسؤولة.

ووفقاً لمسؤول رفيع في حكومة كردستان، فإنّ "طائرات مراقبة واستطلاع أميركية نفذت طيلة الليل عمليات مراقبة في أربيل، لتأمين المنطقة وتتبع أثر الجهات المنفذة"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أنّ "رئيس حكومة كردستان مسرور البارزاني أجرى اتصالاً مع الجانب الأميركي، وأنّ الطرفين لا يثقان بوعود حكومة بغداد بالتحقيق في الملف، لا سيما أنها حققت سابقاً في القصف الذي تعرض له المطار العام الفائت، لكن لا نتائج للتحقيق".

وبيّن المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته أنّ "حكومة أربيل اتفقت مع الجانب الأميركي على التنسيق والتعاون لتحديد الجهة المنفذة ومحاسبتها، وسيكون هناك رد قريب"، مشدداً على أنّ "الرد هذه المرة سيكون مناسباً لنوع الهجوم، فلا يمكن التهاون بأمن أربيل"، مشيراً إلى أن "القيادات الأمنية والحكومية ستعقد اليوم اجتماعاً طارئاً لبحث الملف".

وأعلنت الحكومة العراقية أن رئيسها مصطفى الكاظمي وجّه بتشكيل لجنة تحقيقية مشتركة مع الجهات المختصة في إقليم كردستان، لمعرفة الجهة التي تقف وراء حادث سقوط عدد من الصواريخ على مطار أربيل الدولي ومقترباته.

زيارات عسكرية إلى سنجار وأربيل من بغداد

وقد أفادت مصادر سياسية من إقليم كردستان بأنّ أربيل تستعدّ لاستقبال وفد أمني وعسكري رفيع من بغداد، لبدء عمليات التحقيق بملابسات الهجوم الصاروخي.

وقالت المصادر لـ"العربي الجديد" إن "وفداً عراقياً سيصل إلى أربيل قادماً من بغداد، من أجل التحقيق بشأن الهجوم الصاروخي الذي استهدف المدينة وأصاب مطار أربيل وقاعدة حرير المجاورة له، والتي توجد فيها قوات التحالف الدولي، وسيشترك الأميركيون كطرف ثالث ضمن إجراءات التحقيق"، مبينة أن "جميع الدلائل تشير إلى أن الجهة المنفذة لهذا الهجوم الإرهابي هي من الجماعات المسلّحة الموالية لإيران، وعلى الرغم من إعلان مليشيا (سرايا أولياء الدم) تبني الهجوم، إلا أن المتهمة الأساسية هي مليشيا (كتائب حزب الله)".

وقبل ذلك، وصل رئيس أركان الجيش العراقي عبد الأمير يار الله إلى قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى. وعلم "العربي الجديد" أن "الزيارة تهدف إلى الوقوف على التحشيد الأخير لعدة فصائل مسلّحة ضمن (الحشد الشعبي) في المنطقة، وكذلك إعادة انتشار مسلّحي حزب (العمال الكردستاني) في جبل سنجار".

وقال مسؤول أمني في قيادة عمليات نينوى، لـ"العربي الجديد"، إن الزيارة لها علاقة أيضاً بمسألة الخط الأخضر الفاصل بين نقاط انتشار البشمركة ضمن حدود إقليم كردستان العراق ومناطق محافظة نينوى من جهة سنجار.

ولفت إلى أن هناك اتهامات، في الساعات الأخيرة، من قبل أربيل بشأن تسهيل فصائل ضمن "الحشد الشعبي" في سنجار مهمة استهداف مناطق في الإقليم، موضحاً أن هناك ترقباً لرد فعل أميركي على الهجوم، لكن لا أحد في العراق يعلم طبيعته، خصوصاً أن التنسيق بين بغداد وواشنطن أقل بكثير مما هو عليه مع أربيل، التي تحظى بعلاقة أكثر ثقة بين الجانبين"، وفقاً لقوله.

وكان رئيس حكومة كردستان مسرور البارزاني قد أكد أنه تم البدء بالتحقيق في القصف، وسيتم تحديد الجهات المسؤولة عنه، وقال في تغريدة له على "تويتر"، أمس الاثنين، "ندين بشدة الاستهداف الصاروخي الذي طاول أربيل"، داعياً المواطنين إلى الطمأنينة". 

وأشار إلى أن "القوات الأمنية بدأت تحقيقاً دقيقاً بهذا الصدد، وأنا على اتصال مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، للتعاون والتنسيق للعثور على الواقفين خلف هذا العمل الإرهابي".

الرئيس العراقي برهم صالح اعتبر بدوره، أنّ القصف "يمثل معركة الدولة ضد الخارجين عن القانون"، وقال في تغريدة له، أمس الاثنين، "استهداف أربيل الذي أوقع ضحايا يُمثل تصعيداً خطيراً وعملاً إرهابياً إجرامياً يستهدف الجهود الوطنية لحماية أمن البلاد وسلامة المواطنين. لا خيار لنا إلا تعزيز جهودنا بحزم لاستئصال قوى الإرهاب والمحاولات الرامية لزج البلد في الفوضى"، مؤكداً "أنها معركة الدولة والسيادة ضد الإرهاب والخارجين عن القانون".

في الأثناء، تبنت مليشيا موالية لإيران، تدعى "سرايا أولياء الدم"، الهجوم، متوعدة بهجمات لاحقة.

وقالت في بيان تناقلته وكالات أنباء عراقية محلية وصفحات التواصل الاجتماعي: ".... اقتربنا من قاعدة الاحتلال (الحرير) في أربيل لمسافة 7 كيلومترات، وتمكنا من توجيه ضربة قاصمة قوامها 24 صاروخاً، أصابت أهدافها بدقة بعد أن فشلت منظومة CRAM وقذائف الاحتلال من اعتراضها، ما أدى إلى أضرار جسيمة بآليات ومخازن وطائرات الاحتلال، وسقوط العديد من الإصابات في صفوف عناصرهم المحتلة".

وأشارت إلى أن "القذائف التي سقطت خارج قاعدة الاحتلال إنما هي قذائف أميركية حاولت اعتراض صواريخنا"، مشددة ".. لن يكون الاحتلال الأميركي بمأمن من ضرباتنا في أي شبر من الوطن، حتى في كردستان التي نعدكم بعمليات نوعية أخرى فيها".

إيران: لا علاقة لنا بقصف أربيل ونرفض الإشاعات

وعلّق المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة على اتهامات لبلاده بالوقوف وراء القصف الصاروخي للقاعدة الجوية في أربيل، معتبراً أنها "إشاعات" ترفضها طهران "بقوة".

وقال خطيب زادة في تصريح صحافي، اطلع عليه "العربي الجديد"، إن "المحاولات المشكوك في أمرها لنسب الحادث إلى إيران مرفوضة ومندد بها"، مؤكداً أن "إيران تعتبر استقرار العراق وأمنه أمراً محورياً للمنطقة والجيران، وترفض أي إجراءات لزعزعة الهدوء والأمن في هذا البلد".

وأضاف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن هذه الهجمات "مشبوهة"، داعياً الحكومة العراقية إلى ملاحقة ومحاسبة العناصر المتورطة فيها و"إصدار الأوامر اللازمة" بهذا الشأن.

بدورهم، دعا سياسيون أكراد إلى رد حازم على القصف الذي استهدف أربيل، محذرين من استمرار انفلات السلاح في البلاد.

ودعا القيادي في حزب البارزاني بنكين ريكاني إلى الرد على الهجوم، وقال في تغريدة له "آن الأوان لشن حملة بلا هوادة على السلاح المنفلت لينعم العراقيون بالأمن".

أما النائب السابق عن الحزب ماجد شنكالي، فقال إنّ "الهجوم الصاروخي على أربيل عمل إرهابي نفذته فصائل خارجة عن القانون لزج العراق في حالة من الفوضى، من أجل مصالح وأجندات خارجية"، مبيناً أنّ "تلك الفصائل، بعد سيطرتها على المحافظات المحررة ومقدراتها، تعمل على أن تكون محافظات الإقليم هي الهدف المقبل لها، ولكنها ستفشل في ذلك لا محالة".

النائب عن كتلة "التغيير" الكردية المعارضة هوشيار عبد الله عدّ الهجوم "تحدياً لفرض هيبة الدولة"، وقال، في تغريدة إنّ "القصف الصاروخي الذي استهدف أربيل هو تجسيد للإرهاب في أبشع صوره، هذه الجريمة تضع العراق أمام تحدٍ كبير بين فرض هيبة الدولة أو الإبقاء على الفوضى والسلاح المنفلت وهيمنة العصابات على الشارع"، داعياً إلى "وقفة جدية من قبل الكل، إما إنهاء الفوضى التي أسبابها واضحة أو نتجه للمجهول".

الخبير السياسي الكردي كفاح محمود اتهم "الحشد الشعبي" بتنفيذ الهجوم، وقال في تغريدة إنّ "المعلومات الأولية تكشف أن الصواريخ انطلقت من إحدى فصائل الحشد الشعبي في كركوك، وتحديداً من منطقة دبس"، مشيراً "تذكروا أكتوبر 2017 حينما حاولوا احتلال أربيل العصية على مطامعهم الخائبة".

ولفت محمود، في حديث إلى "العربي الجديد"، إلى أنّ "الحدود بين مدينتي أربيل وسنجار طويلة جداً، وغير مسيطر عليها من قبل أي تشكيل من تشكيلات القوات العسكرية، وإن الجماعات المتطرفة باختلاف مسمياتها تستغل هذه الحدود لتنفيذ هجمات على مناطق إقليم كردستان"، مبيناً أن "هذه الجماعات تعمل لتمزيق الوضع الأمني، كما أنها تسعى إلى اختبار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لمعرفة ردود الفعل الأميركية تجاه هذه الخروقات، ومعرفة مدى اهتمام واشنطن بإقليم كردستان".

وأشار إلى أن "الجماعات التي تستهدف المنطقة الخضراء في بغداد هي ذاتها استهدفت أربيل، وهي نفسها تمنع الكاظمي من الاستمرار بتطبيق برنامجه الحكومي الطموح، إضافة إلى منع تطبيق اتفاقية سنجار بين بغداد وأربيل، الذي يقضي بخروج قوات الحشد الشعبي والفصائل المنفلتة، إضافة إلى خروج حزب (العمال الكردستاني)".

أما الباحث في الشأن السياسي العراقي مجاهد الطائي فقد عدّ الحلول السلمية غير مجدية مع المليشيات، وقال في تغريدة له "كما نقول دائماً إن الحلول السلمية مع إرهاب المليشيات ستبقى فاشلة ولن تجدي نفعاً، فكروا بالانتقال لأربيل بدل بغداد، فقصفوا كردستان، في رسالة تقول إن صواريخنا حاضرة في كل مكان، وهذا مسار ممتاز، وصفعة للذين لا يزالون يفكرون بمحاباة الفاسدين وبيادق طهران بالحلول الدبلوماسية".