هاكان فيدان من الاستخبارات إلى الدبلوماسية: أيام أفضل تنتظرنا

06 مارس 2025
هاكان فيدان وأحمد الشرع، دمشق 22 ديسمبر 2025 (أردا كوتشوكايا/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على أهمية توحيد أوروبا وتصميم مركز ثقل أمني خاص بها، مشيراً إلى رغبة تركيا في الانضمام لأي بنية أمنية أوروبية جديدة في حال انهيار الناتو، مع التركيز على التحديات الأمنية بسبب السياسات الأميركية المتغيرة.

- لعب فيدان دوراً محورياً في السياسة الأمنية التركية، حيث قاد الاستخبارات الوطنية وساهم في تشكيل استراتيجية تركيا في سورية والشرق الأوسط، مع التركيز على قطع العلاقات مع الجماعات المتطرفة وتعزيز السيطرة في إدلب.

- تناول فيدان التحديات في سورية، بما في ذلك مصير "قوات سوريا الديمقراطية"، مؤكداً على ضرورة حلها وطرد المقاتلين غير السوريين، مع اقتراح تحالف إقليمي لمحاربة داعش واستعداد تركيا للسيطرة على معسكرات وسجون "قسد".

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز، اليوم الخميس، إن تصرفات الرئيس الأميركي دونالد ترامب "دعوة إلى الاستيقاظ لنا (أوروبا) لكي نتحد ونصمم مركز ثقل خاص بنا"، مضيفاً أن بلاده تريد أن تكون جزءاً من أي بنية أمنية أوروبية جديدة بحال انهيار حلف شمال الأطلسي. وعن الأمن الأوروبي، أضاف فيدان: "لقد خرج الجني من القمقم، ولا توجد طريقة لإعادته"، مشيراً إلى أنه "حتى لو قرر ترامب عدم الانسحاب من أوروبا في هذا الوقت، فمن الممكن أن يفكر شخص ما في المستقبل لديه وجهات نظر وأفكار سياسية مماثلة في تقليص مساهمات أميركا في الأمن الأوروبي".

وتعتبر الصحيفة أن زيارة فيدان لدمشق في 22 ديسمبر/كانون الثاني الماضي، جسدت لحظة انتصار لرجل المخابرات التركي ذائع الصيت، الذي تحول لواجهة تركيا الدبلوماسية مع توليه وزارة الخارجية في يونيو/حزيران 2023، ويرى البعض أنه خليفة محتمل للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

يقول فيدان في حوار مع صحيفة فايننشال تايمز، في إشارة إلى انتقاله من عالم الاستخبارات إلى الدبلوماسية: "كنت أدير منظمة كبيرة، والآن هي تديرني"، ويُعتبر الرجل أحد المهندسين الرئيسيين للسياسة الأمنية التركية الحديثة على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية بصفته رئيس وكالة الاستخبارات الوطنية التركية (MIT) من عام 2010 إلى عام 2023، حيث لعب دوراً محورياً في تشكيل استراتيجية بلاده في سورية والشرق الأوسط ككل، وفيما أصبح فيدان الممثل لدور أنقرة في المساعدة على استقرار سورية ما بعد الأسد، فهو يدير بالوقت ذاته علاقات أنقرة مع الجيران الإقليميين المتوجسين من النفوذ التركي المتزايد.

وتشير الصحيفة إلى أن فيدان استطاع خلال السنوات الماضية تحقيق توازن في علاقات أنقرة بروسيا من جهة، وبحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) من الجهة الثانية. وتملك تركيا ثاني أكبر جيش بعد الولايات المتحدة في الناتو، وتقول فايننشال تايمز إن تركيا كباقي حلفائها تجد نفسها بمواجهة الاضطرابات التي أحدثها قدوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحلف، ولا سيما مع الموقف الأميركي من أوكرانيا ومن علاقة واشنطن بالحلف ككل.

هاكان فيدان وأحمد الشرع

كان فيدان، الجندي السابق، لفترة طويلة أحد أكثر مساعدي أردوغان ثقة، وظل في منصبه الاستخباري خلال الأوقات المضطربة، بما في ذلك محاولة الانقلاب في عام 2016 التي أُطلقت خلالها النار على مقر جهاز المخابرات التركي بالرصاص. وتمتع فيدان باعتباره رئيساً للاستخبارات باحترام نظرائه الغربيين حتى مع اتباع أردوغان سياسة خارجية حازمة بشكل متزايد أدت إلى تدخلات عسكرية تركية في سورية وليبيا ومشاحنات منتظمة مع الولايات المتحدة والقوى الأوروبية، وفق ما تقول الصحيفة. وعندما تدخلت إيران وروسيا عسكرياً في سورية لدعم الأسد، ساعد فيدان في إدارة العلاقات المعقدة مع طهران وموسكو. وفي أعقاب رحيل الأسد، برزت تركيا باعتبارها الفاعل الأجنبي الأكثر نفوذاً في سورية، مع إجبار إيران على الانسحاب المهين، وخسارة روسيا لحليف مهم (سورية) في قلب الشرق الأوسط.

نفى فيدان لصحيفة "فايننشال تايمز" معرفته المسبقة بهجوم هيئة تحرير الشام في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ذلك الهجوم الذي أدى إلى إسقاط نظام الأسد، لكن الخبراء يعتقدون أنّ من غير المرجح أن تكون "تحرير الشام" قد تصرفت دون موافقة أنقرة، بحسب الصحيفة التي تقول إن فيدان عقد اجتماعاً سرياً مع الشرع في عام 2017، وكانت هيئة تحرير الشام وقتها تعزز قبضتها على إدلب، حيث نصحه "بقطع جميع العلاقات مع الجماعات المتطرفة"، بما في ذلك القاعدة وداعش. وعبّر فيدان للصحيفة عن اعتقاده بأن الشرع حالياً "لديه فهم أفضل للمجتمع الذي يتعامل معه. سمحت له خبرته في تقديم الخدمات في إدلب برؤية أن الحياة ليست مجرد حرب".

وتشير الصحيفة إلى أن الدور المتنامي لتركيا في سورية يعتبر هبة كبيرة للقوة الناعمة لأنقرة من جهة، حيث يوفر فرصاً كبيرة للشركات التركية وللتجارة، لكنه من جهة أخرى يجلب أعباءً ومخاطر وتهديدات لأنقرة. ففي الوقت الذي يسعى فيه الشرع لترسيخ السيطرة وإقناع الفصائل المسلحة العديدة بالاندماج في جهاز أمن وطني جديد، تبرز الهجمات الإسرائيلية بكونها أكبر المخاطر على مساعي السوريين لبناء بلدهم، ويقول فيدان إن "الهجمات المستمرة على الأرض وتحركات القوات الجديدة تشكل استفزازاً واضحاً"، مضيفاً أن "إسرائيل ترى كل دولة عربية وإسلامية تهديداً، وهذا أمر خطير للغاية. فهي تتبنى استراتيجية إبقاء جميع الدول المحيطة بها ضعيفة غير قابلة للدفاع عنها".

ومن بين مخاوف فيدان الرئيسية مصير "قوات سوريا الديمقراطية (قسد)" التي تعتبرها تركيا امتداداً لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً في أنقرة، ونبّه فيدان مراراً إلى أن "قسد" يجب أن تُحل وأن يُطرد مقاتلوها غير السوريين من البلاد، أو تواجه عملاً عسكرياً تركياً جديداً، وقال فيدان "إن هؤلاء الناس هم العدو اللدود لتركيا"، مضيفاً أن تركيا لا يمكن لها السماح بوجود نحو 2000 مقاتل من حزب العمال الكردستاني، وما يصل إلى 5000 من فروعهم السورية، على حدودها، مشيراً إلى رغبة بلاده حالياً في منح حكومة أحمد الشرع الوقت لحل المواجهة مع "قسد".

وعن الرواية القائلة بأن المسلحين بقيادة الأكراد ضروريون لمنع عودة تنظيم داعش، يدفع فيدان بخطة لتطوير تحالف إقليمي لمحاربة التنظيم، يكون بديلاً للمهمة التي تقودها الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن القوات التركية قد تسيطر أيضاً على معسكرات وسجون تديرها "قسد" في شمال شرق سورية، وتضم عشرات الآلاف من مقاتلي داعش وأقاربهم إذا لزم الأمر، وقال فيدان: "إنها مسألة استخبارات وقوة جوية. ولا يزال بإمكاننا القتال ضد داعش حتى لو قررت الولايات المتحدة الانسحاب". وأضاف: "في يوم من الأيام، قررت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا سحب دعمها للمعارضة السورية ضد الأسد والحد من دورها بمحاربة داعش من خلال دعم حزب العمال الكردستاني. إن استخدام منظمة إرهابية في محاربة أخرى لم تكن فكرة صحيحة".

المساهمون