هاجس الخسارة يشعل سباق رئاسيات أميركا

هاجس الخسارة يشعل سباق رئاسيات أميركا

19 أكتوبر 2020
+ الخط -

قبل أكثر من أسبوعين على الانتخابات الرئاسية الأميركية، المقررة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لا يبدو الرئيس دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، مقتنعين بالتسليم بالنتائج التي تفرزها استطلاعات الرأي المختلفة. لا ترامب يتقبّل فكرة تراجعه شعبياً، ولا بايدن مسحور بتقدمه المريح نسبياً. الحملتان تعملان بكثافة في الأيام الأخيرة، سواء عبر استنهاض قواعد عدة في أنحاء مختلفة من البلاد، أو في استمالة المشاركين في التصويت المبكر، الذين ناهز عددهم حتى يوم أمس الأحد، نحو 26 مليون شخص، بحسب موقع مشروع الانتخابات الأميركي، الذي كشف أن 239.247.182 مليوناً يحق لهم التصويت في الرئاسيات. مع العلم أن عدد المقترعين في انتخابات 2016، بلغ نحو 137 مليونا. وعشية المناظرة الرئاسية الأخيرة، المقررة يوم الخميس المقبل، توجه ترامب أمس الأحد إلى ولاية نيفادا التي أدلى فيها مائة ألف ناخب بأصواتهم بالفعل وفقاً لبيانات الولاية. وقرر ترامب المشاركة في فعاليات انتخابية يومياً، حتى موعد المناظرة في فلوريدا، إذ سيتوجه بعد نيفادا إلى أريزونا ونورث كارولاينا، حسبما أفاد المتحدث باسم حملته تيم ميرتو. أما بايدن فتوجه أمس إلى نورث كارولاينا، التي أدلى فيها 1.2 مليون ناخب بأصواتهم، وفقاً لبيانات الولاية. ويرجع السبب في هذا الإقبال على التصويت المبكر إلى مخاوف بشأن السلامة بسبب فيروس كورونا الذي أودى بحياة أكثر من 218 ألف أميركي في حين أصاب 8.1 ملايين آخرين. ويتقدم الديمقراطيون بشكل ملحوظ في الانتخابات المبكرة عن طريق البريد.


عقد كوشنر اجتماعاً لتوجيه إنفاق أموال الحملة المتبقية

وتوجه ترامب، أول من أمس السبت، إلى ميشيغن وويسكونسن، في إطار حملته، وهما ولايتان فاز فيهما بفارق ضئيل في انتخابات 2016. وأثناء تجمع انتخابي في ميشيغن، هاجم ترامب حاكمة الولاية الديمقراطية، غريتشن ويتمر، مرات عدة، منتقداً القواعد التي تفرضها الولاية للحد من انتشار فيروس كورونا. ووصف ويتمر بأنها "غير أمينة". وألقى الضوء على مؤامرة من التيار اليميني لخطفها، كشفها مكتب التحقيقات الاتحادي "أف بي آي"، قائلاً للحشد: "آمل أن تطالبوها بالرحيل قريباً للغاية"، مما دفع الجماهير لترديد "احبسوها". وردت ويتمر على هذا الهتاف على "تويتر" قائلة "مثل هذا الأسلوب هو ما يضع حياتي وحياة أسرتي وغيري من المسؤولين بالولاية في خطر ونحن نحاول حماية حياة الأميركيين". وهاجم الرئيس منافسه، معتبراً أن الديمقراطيين يريدون "محو التاريخ الأميركي وتدمير القيَم الأميركية وأسلوب الحياة الأميركي". وأضاف أمام أنصاره: "جو بايدن سياسي فاسد"، و"عائلة بايدن تمثّل مشروعاً إجرامياً". وتعكس الوتيرة المحمومة التي وضعها ترامب لنفسه وحقيقة اضطراره لتكريس وقت لولايات على غرار جورجيا وفلوريدا، اللتين منحتاه الفوز عام 2016، القلق المتزايد في أوساط الحزب الجمهوري، وإن كان معاونوه يسعون الى إظهار الثقة بالنفس. وقالت المتحدثة باسمه كايلي ماكيناني على فوكس نيوز إن "استراتيجية الرئيس ترامب تتمثل بالعمل جاهداً لكسب أصوات الشعب الأميركي". أما بايدن، الذي زار ميشيغن، يوم الجمعة الماضي، فقرر البقاء في بلدته ويلمينغتون في ديلاوير. لكنه أصدر بياناً للناخبين في ويسكونسن قبل ساعات من موعد وصول ترامب المرتقب إليها، ركّز فيه على موضوعه المفضل: طريقة تعاطي ترامب مع أزمة كورونا. وقال إن "استجابته (ترامب) للوباء سحقت اقتصاد ويسكونسن"، مشيراً إلى أن 150 ألفاً من سكان الولاية خسروا وظائفهم منذ تولى ترامب السلطة عام 2016. ومع اقتراب موعد الاستحقاق، يبدو ترامب في وضع صعب، إذ تظهر نتائج الاستطلاعات تقدم خصمه الديمقراطي، بينما أعرب أعضاء جمهوريون في مجلس الشيوخ علناً عن شكوكهم حيال زعيم حزبهم. وحذّر السناتور عن نبراسكا بن ساس أهالي ولايته من أن الجمهوريين يواجهون "مذبحة في مجلس الشيوخ"، بعدما أخفق ترامب في استجابته للوباء، وأحدث شرخاً بين واشنطن وحلفائها في العالم وأساء معاملة النساء. وكعادته، رد ترامب عبر "تويتر"، مساء السبت على "أساليب (ساس) الغبية والبغيضة".

بدوره، حذّر السيناتور الجمهوري عن تكساس تيد كروز، وهو من أبرز حلفاء ترامب، من "مذبحة للجمهوريين بمقاييس ووترغيت (فضيحة تجسس الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون على الحزب الديمقراطي عام 1972)". ولعل الديمقراطيين، والكثير من الأميركيين، لا يثقون في الاستطلاعات منذ الهزيمة المفاجئة لهيلاري كلينتون التي كانت تشير الاستطلاعات إلى تقدمها عام 2016. مع ذلك، فإن الاستطلاعات تشير إلى أن ترامب في وضع أصعب هذه المرة. ويظهر معدل استطلاعات وطنية على موقع "ريل كلير بوليتيكس" أن بايدن يتقدّم بتسع نقاط واضحة ويتفوّق على الرئيس في ولايات أساسية، رغم أن المعدل في هذه الولايات أقل عند 4.5 نقاط. ولمحاولة تضييق الفجوة مع ترامب، عقد مستشاروه جلسات عدة في الأيام الأخيرة، لدراسة كيفية إنفاق الأموال في الأسبوعين الأخيرين. وذكر الكاتبان مايكل شيرر، جوش داوزي في صحيفة "واشنطن بوست"، أن "المستشارين يسعون لرسم مسار يفضي نحو تكرار انتصارهم الدراماتيكي في 2016". ونوّها إلى أن "كبير مستشاري البيت الأبيض (صهر ترامب) جاريد كوشنر، يقود جهود إعادة انتخاب ترامب، وعقد اجتماعاً شاملاً صباح الخميس الماضي في مقر الحزب (الجمهوري) في واشنطن، لجمع كبار مستشاري اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري والحملة. وكان الخلاف هو كيف وأين يجب إنفاق أموال الحملة المتبقية". وأشار الكاتبان إلى أن المستشارين أبدوا خشيتهم من نقص التنسيق بين مجموعات الحزب، وهو ما دفعهم إلى البحث عن المسارات الأفضل لتحقيق النصر، والتفتيش عن الناخبين المترددين لكسبهم. مع العلم، وبحسب شيرر وداوزي، فإن حملة بايدن اعتمدت بشكل كبير على الإعلانات المدفوعة، بينما ركز فريق ترامب أكثر على توظيف الأحداث العامة لخدمة الرئيس، تحديداً الأرقام الاقتصادية المرتفعة، قبل كورونا، والكلام المتكرر عن إمكانية توزيع لقاح ضد الفيروس قريباً. ولا يقتصر الأمر عند هذا الحدّ، بل يواجه الجمهوريون معركة ضارية على مجلس الشيوخ، مع تخلّف شاغليه في مواقع عدة عن المنافسين الديمقراطيين. وللدلالة على خشية فريق ترامب، ذكر الكاتبان في "واشنطن بوست" أن أحد الاستراتيجيين الجمهوريين المطلعين قال: "خلاصة القول: الجميع غاضبون من الجميع". مع ذلك، فإن حملة بايدن تخشى الهزيمة في اللحظات الأخيرة، وهو ما تطرق إليه الكاتبان بيتر دوسي وماريزا شولتز في موقع قناة "فوكس نيوز". وذكرا أن حملة بايدن وجّهت مذكرة من ثلاث صفحات إلى أنصارها أول من أمس السبت، تحذّر من أن بإمكان ترامب الفوز وأن السباق محموم في بعض الولايات الحاسمة، بما في ذلك أريزونا ونورث كارولاينا. وطلبت جين أومالي ديلون، مديرة حملة بايدن، من المؤيدين عدم التراخي، مشيرة إلى أن استطلاعات الرأي غير مؤكدة، داعية إلى الاستفادة من دروس فوز ترامب المفاجئ في عام 2016. وأوضحت أنه في حين أنفقت حملة بايدن أكثر من أي حملة رئاسية في التاريخ على الإعلانات، يمكن محو المزايا على الفور، وفقاً لها، إذا قام المزيد من المليارديرات بتحرير شيكات إلى لجان العمل السياسي المؤيدة لترامب. وكان هذا على الأرجح إشارة إلى الملياردير الجمهوري شيلدون أديلسون وزوجته ميريام، اللذين ساهما بمبلغ 75 مليون دولار الشهر الماضي، لدعم لترامب. وشدّدت ديلون على حاجة الحملة إلى "مضاعفة قدرتها" على توعية الناخبين في 17 ولاية ساحلية وجمع 234 مليون دولار بحلول 3 نوفمبر. وبرأيها، فإنه إذا تم تجاوز هذا المبلغ، يمكن حينها لبايدن تعزيز الجهود في ولاية تكساس، وهي ولاية ذات ميول حمراء (اللون المعتمد لدى الجمهوريين) تقليدياً يحاول الديمقراطيون قلبها منذ سنوات.


تخشى حملة بايدن من تدفق الأثرياء لدعم ترامب في اللحظة الأخيرة
 

وفي "واشنطن بوست" تطرقت الكاتبتان آني غوين، جينا جونسون، إلى دور الأرياف في الرئاسيات. وفي تحقيق مشترك لهما، في جنوب غربي ولاية آيوا، تطرقا إلى نية إحدى الناخبات اللاتي صوّتن لترامب في 2016، إلى التصويت لبايدن. واعتبرت الناخبة أن ترامب كان "شيئاً جديداً"، وملتصقا بـ"الأميركيين العاديين" مثلها. لكنه، وفقاً لها، يحب أن "يدور كل شيء حوله". وأفادت غوين وجونسون بأن ترامب حصل على 56 في المائة من أصوات الريف في ميشيغن عام 2016، في مقابل 38 في المائة لهيلاري كلينتون. كما حصل على 62 في المائة من الأصوات الريفية في ويسكونسن، في مقابل 35 في المائة لكلينتون. إلا أن استطلاعات الرأي أظهرت تراجعه بشكل كبير، في ظلّ تركيز الديمقراطيين على استقطاب ناخبي الرئيس السابق، باراك أوباما، الذين يترك نحو 25 في المائة منهم على ضفاف نهر الميسيسيبي، في ويسكونسن ومينيسوتا وأيوا وإيلينوي. مع ذلك كانت رئيسة الحزب الديمقراطي في ولاية نبراسكا، جاين كليب، وهي مؤلفة كتاب "حصاد التصويت: كيف يمكن للديمقراطيين الفوز مجدداً في أميركا الريفية؟"، واقعية بقولها "لا أعتقد أن بايدن سيفوز بأغلبية الأصوات الريفية، لكنه يسد الفجوة". من جهتهما، حذّر جيم راتنبورغ، ريبيكا رويز، في صحيفة "نيويورك تايمز"، من استغلال ترامب لمحاكم الاستئناف في الولايات، والتي تناقض قرارات المحاكم الفيدرالية، التي تميل عادة للحكم لصالح الديمقراطيين. وهو ما يطرح معضلة بالنسبة لهما، حول احتمال تقديم شكاوى من الحزب الجمهوري، بشأن التصويت بالبريد. وكشف الكاتبان أن حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت، سمح بصندوق واحد للاقتراع البريدي في كل مقاطعة من مقاطعات الولاية الـ254، ما يعني أن على الغالبية الساحقة من الناخبين الحضور إلى مراكز الاقتراع للتصويت، أي كما يرغب ترامب.

(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)

ذات صلة

الصورة

سياسة

يعتزم مجلس النواب الأميركي التصويت على مجموعة من العقوبات على إيران بعد الهجوم الذي شنّته على إسرائيل ليل السبت، فيما سيحاول تمرير مساعدات عسكرية لإسرائيل.
الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.
الصورة
تظاهرات تقطع طريق بايدن إلى الكونغرس قبل خطاب حالة الاتحاد (العربي الجديد)

سياسة

قطع مئات المتظاهرين طريق موكب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الكونغرس، للمطالبة بوقف الحرب على غزة. ولهذا السبب، تأخر حطاب بايدن عن حالة الاتحاد لنحو نصف ساعة.
الصورة

سياسة

قال البروفيسور كورنيل ويست، الذي أعلن ترشحه مستقلاً لانتخابات الرئاسة الأميركية، إن على الرئيس جو بايدن أن "يشعر بالعار لأنه يسمح بالجرائم ضد الفلسطينيين".

المساهمون