استمع إلى الملخص
- تسريب محادثات بين مسؤول في "الشاباك" وقائد الشرطة في الضفة الغربية، أفيشاي معلم، المتهم بالفساد، زاد من التوترات، خاصة بعد اكتشاف تسجيله للمحادثات.
- التوترات تتفاقم مع عدم تعاون الشرطة في كبح اعتداءات المستوطنين، وتدهورت العلاقات بعد تعيين داني ليفي مفتشاً للشرطة وتدخلات الوزير بن غفير.
بلغت أزمة الثقة بين جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" والشرطة ذروتها، خصوصاً عقب قرار الحكومة إقالة رئيس الجهاز رونين بار، بحسب ما أوردته صحيفة هآرتس، اليوم الثلاثاء، موضحةً أنه منذ الصيف الماضي تتعالى الشكوك في "الشاباك" حول قياديين في الشرطة، وتحديداً مسؤولي الأخيرة في منطقة الضفة الغربية المحتلة، الذين لا يطبّقون القانون على المستوطنين المشتبهين في التورط باعتداءات على الفلسطينيين وممتلكاتهم.
وتنسحب أزمة الثقة، وفق الصحيفة، على العلاقة بين المفتش العام للشرطة، داني ليفي، وبار؛ فيما يدعي مسؤولون في الشرطة أنّ عناصر "الشاباك" يمنعون معلومات استخبارية عن ضباط في الشرطة. وبحسب مسؤول في جهاز إنفاذ القانون، فإنه "لم يسبق أن كانت هناك فترة متوترة كهذه بين الأجهزة الأمنية، خصوصاً أنها تترافق مع انعدام ثقة وشكوك متبادلة قد تمسّ بالأمن".
وكجزء من العلاقات المتوترة، قدّم مسؤول يُشار إليه بالحرف "أ" استقالته من "الشاباك" أخيراً، بعدما سُرّبت محادثات مسجّلة بينه وبين أفيشاي معلم، قائد الوحدة المركزية للشرطة (اليمار) في قطاع الضفة الغربية. في المحادثات المسرّبة سُمع "أ" وهو يتحدث عن مستوطنين يُشتبه بارتكابهم أعمالاً إرهابية ضد الفلسطينيين، ويأمر باعتقالهم حتّى ولو من دون أدلة.
طبقاً لما تنقله الصحيفة عن مصادر في الشرطة وقسم التحقيقات مع عناصر الأخيرة، فإن مُعلّم هو نفسه من سرّب هذه المحادثات، مع العلم أنه مشتبه أساساً بالفساد، وتسريب معلومات لوزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، كما يُتهم في أنه لا يمنع الجرائم والاعتداءات من جانب المستوطنين على الرغم من تلقيه معلومات من "الشاباك" حول ذلك.
وحتّى قبل نشر المحادثات المسرّبة، ادعى "الشاباك"، أنّ مُلعم يعمل لصالح بن غفير، وأنه لا يقوم بعمل أي شيء لمنع الاعتداءات من جانب المستوطنين. وفي الأثناء، وفقاً للصحيفة، بعدما تبيّن أنّ معلّم واظب على تسجيل محادثاتهم معه، "تصاعدت شكوك الشاباك أكثر فأكثر حول الشرطة".
وحتّى بعدما أوقف مُعلّم، ولم يعد يقود فعلياً الشرطة في الضفة الغربية، يدّعي مسؤولو "الشاباك" أنّ الشرطة لا تقوم بواجبها للجم اعتداءات المستوطنين. وكما تنقل "هآرتس" عن مصدر مطلع على حيثيات العلاقة المتوترة بين الجانبين، فإنه "بسبب عدم تعاون شرطة قطاع الضفة الغربية في هذه المسألة، فإن الشاباك يتصرّف بأيدٍ مكبّلة"، مضيفاً "ما يحدث في جنوب جبل الخليل، يشكّل دليلاً على ذلك، حيث توقفت الشرطة عن اعتبار ما يحدث هناك (من اعتداءات المستوطنين) جرائم إرهابية. وهذا ليس مصادفة".
تجدر الإشارة إلى أنّ "الشاباك" لا يتهم الشرطة بالتراخي مع إرهاب المستوطنين حباً بالفلسطينيين أو دفاعاً عنهم، بل لأن جزءاً من مهامه يقوم على ضرورة حفظ الاستقرار الأمني الذي تقوّضه اعتداءات المستوطنين وجرائمهم. وبحسب الصحيفة، فإن "الشاباك والنيابة العامة يهاجمون بشدة تراخي الشرطة في تطبيق القانون على هذه المناطق".
وقد قال مسؤول في جهاز إنفاذ القانون إنّ "الشرطة تتصرف وكأن الأمر لا يعنيها"، في إشارة إلى أن الوحدة المركزية في شرطة الضفة لم تتدخل إطلاقاً في حادثتين بارزتين وقعتا في الفترة الأخيرة، من بينها اعتداءات المستوطنين على منطقة جنوب جبل الخليل جنوبي الضفة، واقتحام عشرات الملثمين منهم قرية دوما في نابلس شمالي الضفة، وحرق مبانٍ وتخريب ممتلكات ومهاجمة فلسطينيين فيها.
ويحمّل مسؤولون في سلطات تطبيق القانون قائد الشرطة في منطقة الضفة، موشيه بنتسي، المسؤولية عن جزء كبير من التدهور في العلاقات بين الجهازين، ويعتبرون أنه "لا يتعاون في مكافحة الجرائم القومية". وكمثال على أزمة العلاقات هذه، هو ما حدث مطلع العام، خلال جلسة في مقر القيادة الوسطى ضمّت بينتسي، ومسؤولاً في "الشاباك" عن قطاع فلسطينيّ 48، فضلاً عن قائد القيادة الوسطى اللواء آفي بلوط.
الجلسة التي بحثت في الوضع الأمني، والعمليات الفلسطينية، وفي هامشها جرائم المستوطنين، شهدت، بحسب الصحيفة، مواجهة صوتية بين بينتسي والمسؤول في "الشاباك"، حيث هدد الأول الثاني بأن "الشرطة ستعمل من دونكم"، وفي نهاية المطاف تدخل بلوط بنفسه ليضع حداً للنقاش قائلاً إن "الجيش هو المسؤول هنا، لا يمكنكم التصرف بشكل مستقل". يُذكر أن بينتسي، المقرّب من بن غفير وسكرتيره الأمني سابقاً، استُدعي في الفترة الأخيرة للنظر في وحدة التحقيق مع عناصر الشرطة، في إطار التحقيق الذي فتح ضد مُعلّم.
ووفقاً لمصدر في سلطات تطبيق القانون، فإن تدهور العلاقات بدأ "مع سماح الشرطة لليهود بأداء الصلاة في باحات المسجد الأقصى في 9 أغسطس / آب العبري، فيما تصدّعت العلاقات أكثر مع تعيين داني ليفي مفتشاً للشرطة، ومن ثم التغييرات التي أُجريت على قادة الأخيرة". وتفجّرت العلاقات مؤخراً، بعدما ادعى بن غفير أنّ "الشاباك" يجمع معلومات عن ليفي، في إطار فحص تدخل الوزير ومكتبه في الشرطة وتسييس الجهاز.
"الشاباك" من جهته، نفى هذه الادعاءات، وبحسب مصادر أوردتها الصحيفة فإن "هذه القضية أضرت بشكل كبير في العلاقات بين الجهازين". وبحسب مسؤول في "الشاباك" فإن "العلاقات بين بار وليفي باردة وتقريباً ليست قائمة، خلافاً للعلاقات التي سادت بين سلفه وبار". وقد عبّرت عن ذلك تصريحات أدلى بها قائد شرطة منطقة تل أبيب، حاييم سيرغروف، قبل شهرين عقب العثور على عبوات ناسفة في حافلات بتل أبيب؛ حيث قال إن "الشاباك هو المسؤول عن منع العمليات، والشرطة تتعامل مع هذه العمليات بعد حدوثها".
وهذا الأمر عكس بحسب الصحيفة ما يشعره ليفي تجاه بار، "فهذه الأقوال أظهرت الشرطة متنصلة من مسؤولياتها عبر إلقاء اللوم على الشاباك". ومؤخراً، أرسل ليفي رسالة عاجلة وشديدة اللهجة إلى بار، ادعى فيها أنّ "الشاباك لا يوفر الحماية المطلوبة لمنزل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في شارع غزة بالقدس، عندما تُنظّم مقابله تظاهرات".
وفي الرسالة التي نشرتها "القناة 14" أضاف ليفي أنّ "الشرطة لن تتمكن من تأمين أحداث صعبة قد تحدث في المكان، وخصوصاً كتلك التي حدثت مؤخراً، وهي لن تضمن ألا تنزلق بطريقة قد تشكل خطراً على منزل نتنياهو". وقد "فاجأت" الرسالة "الشاباك"؛ حيث اعتبرها الأخير "محاولة من ليفي لإرضاء رئيس الحكومة ودائرته"، وفق الصحيفة.