استمع إلى الملخص
- شهدت الأيام الأخيرة انسحاباً تدريجياً للقوات الأميركية من قواعدها في سوريا، مع تحول مهم في الوجود العسكري الأميركي بعد التغيرات السياسية في البلاد.
- طالبت واشنطن دمشق بإعلان حظر على المليشيات ودعم عملية "العزم الصلب" ضد "داعش"، ضمن إعادة تقييم شاملة للسياسات الأميركية في المنطقة.
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الجيش الأميركي بدأ سحب مئات الجنود من شمال سورية ويستعد لإغلاق ثلاث من أصل ثماني قواعد عسكرية في المنطقة. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى أن وزارة الدفاع (البنتاغون) تستعد لإغلاق ثلاث من أصل ثماني قواعد عسكرية في شمال شرق سورية، ولفتت إلى أن هذه الخطة ستؤدي إلى خفض عدد الجنود الأميركيين في سورية من 2000 إلى 1400 جندي.
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن القواعد التي ستُغلق هي القرية الخضراء والفرات وقاعدة أخرى صغيرة، لافتة إلى أن المسؤولين العسكريين الأميركيين سوف يقيّمون إمكانية إجراء تقليص إضافي للقوات بعد 60 يوماً، وفق ما نلقت وكالة "الأناضول".
وشرعت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، فجر اليوم الجمعة، بسحب دفعة جديدة من قواتها ومعداتها من سورية، بالتوازي مع رسائل سياسية مباشرة وجهتها واشنطن إلى الحكومة السورية الجديدة تتعلق بإعادة ترتيب خريطة النفوذ في المنطقة. ووفق ما أفاد به الناشط جميل الحسن "العربي الجديد"، فقد غادرت نحو 100 شاحنة محملة بمعدات عسكرية ولوجستية قاعدة حقل "كونيكو" للغاز بريف دير الزور الشمالي، متجهةً نحو قواعد التحالف الدولي المنتشرة في إقليم كردستان العراق، عبر معبر الوليد الحدودي شمال شرقي سورية. وأكد الحسن أن هذه الخطوة تأتي بعد انسحاب مماثل قبل يوم واحد من قاعدة حقل "العمر" النفطي، حيث خرجت ما بين 40 إلى 50 شاحنة محمّلة بمعدات لوجستية وأسلحة باتجاه العراق. كما أشار إلى أن 200 شاحنة أُخرى كانت قد غادرت قبل ثلاثة أيام قاعدة كونيكو أيضاً، ما يعزز المؤشرات حول بدء مرحلة جديدة من الانسحاب التدريجي الأميركي من مناطق شرق سورية.
وأكدت مصادر مطلعة مقربة من قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، الثلاثاء، لـ"العربي الجديد"، أن أول قافلة غادرت قاعدة (كونيكو) قبل عشرة أيام، وضمت رتلاً مكوناً من أكثر من 70 آلية، بين معدات ثقيلة وناقلات لها.
وأضافت المصادر أنه في مساء الاثنين، غادرت القاعدة أكثر من 200 آلية، موضحاً أن منطاد المراقبة الذي كان يُستخدم لرصد محيط القاعدة لم يحلق فوقها منذ أكثر من أسبوع، مشيرة إلى أن القوات المغادرة اتجهت إلى أربيل في إقليم كردستان العراق. ولفتت المصادر إلى أن قاعدة حقل كونيكو خاصة بالجيش الأميركي في ريف دير الزور، ولا يوجد فيها أي تمركز لعناصر قسد.
وتُعد قاعدتا "كونيكو" و"العمر" من أكبر القواعد العسكرية للتحالف الدولي في المنطقة، ويشكل الانسحاب منهما تحولاً لافتاً في خريطة الوجود العسكري الأميركي بسورية، خصوصاً في ظل المتغيرات السياسية بعد سقوط نظام بشار الأسد وتولي الرئيس الجديد أحمد الشرع مقاليد الحكم.
ووفقاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أبلغ مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) نظراءهم الإسرائيليين بأن الولايات المتحدة تعتزم بدء الانسحاب التدريجي لقواتها من سورية خلال شهرين. ويقع حقل كونيكو شمال نهر الفرات، بمنطقة تُعرف محلياً بالجزيرة، إلى الشمال الشرقي من مدينة دير الزور، مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، بنحو 35 كيلومتراً.
شروط أميركية على سورية
في السياق نفسه، نشرت صحيفة "واشنطن بوست"، أمس الخميس، تصريحات عن مسؤول أميركي كبير في إدارة الرئيس دونالد ترمب، قال فيها إن واشنطن تخطط لتقليص وجودها العسكري في سورية، وإن ذلك يجري ضمن إعادة تقييم شاملة للسياسات الأميركية في المنطقة.
وبحسب الصحيفة، فإن واشنطن طالبت دمشق بإعلان حظر على جميع المليشيات والأنشطة السياسية المرتبطة بحركات فلسطينية، كما طالبت بترحيل أعضاء هذه المجموعات، في خطوة تهدف إلى تهدئة المخاوف الإسرائيلية.
كذلك، تضمنت المطالب الأميركية دعم دمشق عملية "العزم الصلب" التي يقودها التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، في مؤشر على رغبة واشنطن بمواصلة محاربة الإرهاب ضمن شراكة أمنية جديدة مع الحكومة السورية. وأشار المصدر الأميركي إلى أن الولايات المتحدة تنتظر من دمشق أفعالاً لا أقوالاً، في إشارة واضحة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة من قبل الحكومة السورية على الأرض. وتأتي هذه التطورات وسط تسارع في وتيرة الأحداث شرقي سورية، في ظل تغيّر التوازنات الإقليمية، وتصاعد التحركات السياسية والدبلوماسية بين دمشق والعواصم العربية والغربية.