نيوزيلندا: مشروع قانون لمعاقبة إسرائيل على جرائم الحرب

16 مارس 2025   |  آخر تحديث: 09:59 (توقيت القدس)
تظاهرة في ولينغتون دعماً لفلسطين، 6 مارس 2024 (هاغين هوبكينز/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت نيوزيلندا تحولاً في مواقف أحزاب المعارضة تجاه القضية الفلسطينية، حيث أصبح حزب الخضر من أبرز الداعمين لحقوق الفلسطينيين، مطالباً بوقف إطلاق النار في غزة وسياسة خارجية متوازنة.

- قاد حزب الخضر مبادرة تشريعية لفرض عقوبات على إسرائيل بسبب احتلالها للأراضي الفلسطينية، وحظي المشروع بدعم المعارضة البرلمانية، ويحتاج إلى دعم إضافي من أحزاب الائتلاف الحكومي لتمريره.

- دعت منظمات المجتمع المدني الحكومة النيوزيلندية لدعم حقوق الإنسان وإنهاء الإفلات من العقاب، مشددة على أهمية القيادة والشجاعة الأخلاقية لتحقيق العدالة والسلام.

شهدت نيوزيلندا في السنوات الأخيرة تنامياً ملحوظاً في مواقف أحزاب المعارضة تجاه القضية الفلسطينية، حيث برزت هذه الأحزاب كأصوات ناقدة لانتهاكات إسرائيل في الأراضي المحتلة، لا سيما بعد تصاعد العدوان على غزة والضفة الغربية. وقد ازداد زخم هذه المواقف بشكل خاص عقب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث اتخذت بعض الأحزاب السياسية مواقف أكثر حزماً في إدانة جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل، ودعت حكومة نيوزيلندا إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الاحتلال الإسرائيلي. وفي هذا السياق، ظهر حزب الخضر النيوزيلندي كأحد أبرز القوى السياسية التي دفعت باتجاه مواقف أكثر وضوحاً في دعم حقوق الفلسطينيين، حيث ندد الحزب علناً بالعدوان الإسرائيلي، مطالباً بوقف إطلاق النار في غزة. كما سعت شخصيات من أحزاب معارضة أخرى إلى الدفع باتجاه سياسة خارجية أكثر توازناً، تدعم حقوق الشعب الفلسطيني وتنتقد ازدواجية المعايير في المواقف الدولية تجاه الاحتلال الإسرائيلي.

تطور في الخطاب السياسي داخل نيوزيلندا

هذه الجهود تُوجت بمبادرة تشريعية مهمة قادها حزب الخضر، تمثلت في تقديم مشروع قانون إلى البرلمان يهدف إلى فرض عقوبات على إسرائيل بسبب احتلالها غير القانوني للأراضي الفلسطينية وجرائم الحرب الوحشية التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني. وحظي هذا المشروع، الذي يعكس تطوراً لافتاً في الخطاب السياسي داخل نيوزيلندا بشأن القضية الفلسطينية، أخيراً بدعم كافة مكونات المعارضة البرلمانية في البلاد والمتمثلة بشكل رئيسي في حزبي "العمل" و"الماوري".

كلوي سواربريك: هناك نواب داخل الحكومة يدركون مسؤوليتهم في الدفاع عن حقوق الإنسان

من جهتها، ذكرت الرئيسة المشاركة لحزب الخضر، عضو البرلمان النيوزيلندي كلوي سواربريك، أن "مشروع القانون (الذي اقترحته) طُرح للتصويت عليه من قبل أعضاء البرلمان في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، ولم يُسحَب من التصويت بعد". وأوضحت، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "لائحة البرلمان تنص على أن مشروع القانون من الممكن أن يتجاوز التصويت والانتقال مباشرة إلى مجلس النواب لمناقشته إذا حظي بدعم 61 نائباً من أصل 123 عضواً في البرلمان"، مشيرة إلى أنه "على ضوء الدعم الذي أبداه جميع نواب أحزاب المعارضة، البالغ عددهم 55 عضواً، لمشروع القانون، فإننا بحاجة إلى ستة نواب فقط من أحزاب الائتلاف الحكومي لدعمه".

وعن توقعاتها لموقف الأحزاب الحاكمة، قالت سواربريك "أعلم أن هناك نواباً داخل الحكومة يدركون مسؤوليتهم في الدفاع عن حقوق الإنسان. وأعلم أيضاً أنهم سمعوا هذا بمنتهى الوضوح من المواطنين الذين يمثلونهم". وأضافت: "لا يجب أن ننسى، في هذا المقام، أن بلادنا صوّتت لصالح قرار في الأمم المتحدة يدعو الدول إلى فرض عقوبات على إسرائيل بسبب احتلالها فلسطين. هذا المشروع، من هذا المنطلق، يعتبر بداية لتنفيذ هذه العملية".

وتابعت: "في ديسمبر/كانون الأول، قال رئيس الوزراء (كريستوفر) لوكسون رداً على أسئلتي في البرلمان إنه سوف يطّلع بعناية على مشروع القانون الذي تقدمت به، إلا أننا لم نر بعد أي تحرك آخر من قبل وزراء الحكومة". وأوضحت أن "هذا الموقف كان بالغ الأهمية لتفسير المقاربة التي انتهجناها من خلال مشروع القانون المقترح، فنحن لا نحتاج في الواقع إلى أصوات وزراء الحكومة الذين يعطلون التحرك في الوقت الحالي. نحن فقط بحاجة للحصول على ضمانات منهم أنهم لن يقفوا حجر عثرة وأن نوابهم أحرار في التصويت بما تمليه عليهم ضمائرهم، وهذا هو، بطبيعة الحال، حقهم الديمقراطي".

وعن الجهود السابقة لحزبها لمناصرة القضية الفلسطينية، لفتت البرلمانية النيوزيلندية إلى أنه "علاوة على مشروع القانون الذي تقدّمت به، واصل حزب الخضر دعوته للحكومة من أجل دعم وقف إطلاق النار، ومنح تأشيرات إنسانية للفلسطينيين. كما أننا نضغط على الحكومة لسحب الاستثمارات المالية في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، ومضاعفة تمويل بلادنا لأونروا والاعتراف بالدولة الفلسطينية"، مضيفة أن "حزب ACT اليميني، أحد أحزاب الائتلاف الحكومي الحالي، سبق أن وقف حائلاً دون تمرير مقترح حزب الخضر في البرلمان للاعتراف بالدولة الفلسطينية". وختمت سواربريك بقولها إن "أي مواطن نيوزيلندي يرغب في رؤية تنفيذ مشروع القانون هذا عليه أن يتواصل على وجه الخصوص مع نواب حزبي "الوطني" و"نيوزيلندا أولاً" لحثهم على فعل الشيء الصحيح. ومع توحد المعارضة حول هذه القضية، فنحن بحاجة الآن إلى ستة فقط من أعضاء الائتلاف الحكومي في البرلمان لدعم مشروع القانون هذا ليصبح قانوناً".

هدفان للتحرك

من جهته، قال عضو مجلس النواب عن حزب الخضر ريكاردو مينينديز، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "ثمة هدفين محوريين لهذا التحرك: وضع أحزاب الحكومة تحت ضغط من أجل دعم مشروع القانون، والتأكد من استدامته وأنه من الممكن أن يتوافر لدينا نظام للعقوبات إذا غيرنا الحكومة".

ماهر نزال: هذا القانون يمثل خطوة ضرورية نحو تحقيق العدالة وإنهاء الإفلات من العقاب

أما المتحدث باسم منظمة "كلنا مع غزة"، ماهر نزال، فقال لـ"العربي الجديد" إن "إسرائيل استباحت القانون الدولي لعقود من دون أي مساءلة، بينما يختار العالم أن يغض الطرف. هذا القانون يمثل، في هذا السياق، خطوة ضرورية نحو تحقيق العدالة وإنهاء الإفلات من العقاب". وشدد على أن "على نيوزيلندا أن تتخذ موقفاً واضحاً في دعم حقوق الإنسان، وإلا فستكون شريكة في القمع. لا يمكننا الادعاء بأننا نناصر العدالة بينما نحافظ على علاقات مع نظام فصل عنصري. الصمت ليس خياراً، فهو تواطؤ. العالم يراقب، والتاريخ لن ينسى مع من وقفنا".

وفي سياق متصل، قالت المتحدثة باسم منظمة "يهود نيوزيلنديون ضد الاحتلال" جوستين ساكس: "في هذه اللحظة الحرجة، علينا مسؤولية التضامن مع الفلسطينيين والإسرائيليين المحبين للسلام والساعين إلى العدالة والسلام". وإذ أثنت "على حزب الخضر، وحزب الماوري، وحزب العمل، لدعمهم مشروع القانون المذكور"، حثت الحكومة "على السماح (لنوابها) بتصويت نابع من الضمير على هذه القضية"، موضحة أن "القيادة والشجاعة الأخلاقية مطلوبتان الآن أكثر من أي وقت مضى".

المساهمون