"نيران صديقة" داخل الائتلاف الحكومي في المغرب: تسخين انتخابي مبكر؟

18 يناير 2025
خلال إعلان التحالف الحكومي بقيادة أخنوش (وسط)، 22 سبتمبر 2021 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الساحة السياسية المغربية انتقادات داخلية لحكومة عزيز أخنوش من قبل أحزاب الائتلاف، حيث انتقد نزار بركة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع البطالة، مما يعكس أزمة تؤثر على الشباب والنساء.
- مع اقتراب انتخابات 2026، تعيد أحزاب المعارضة بناء تحالفاتها، بينما تواجه الأحزاب الحكومية توترات. حزب الأصالة والمعاصرة انتقد وزير التربية الوطنية، مما يعكس تحولًا في المواقف.
- التحركات السياسية تأتي في إطار الاستعداد المبكر للانتخابات، حيث تسعى الأحزاب لكسب الأصوات عبر انتقاداتها، مما قد يؤدي إلى تصويت عقابي ضد الحكومة الحالية.

دشنت أحزاب الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب (التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال) في الآونة الأخيرة تحركات سياسية أثارت أكثر من علامة استفهام حول دواعيها وتوقيتها، حيث شهدت الساحة السياسية في المغرب جدالاً لافتاً بعد تكرار حوادث تعرض حكومة عزيز أخنوش ووزراء فيها إلى "نيران صديقة" من داخل مكونات التحالف الحكومي نفسه.

وفي وقت بدأت فيه أحزاب المعارضة إعادة بناء علاقاتها وتحالفاتها لتحسين موقعها في الخريطة السياسية كما كان الشأن مع إعلان تشكيل "التكتل الشعبي" (مكوّن من الحركة الشعبية والحزب المغربي الحر والحزب الديمقراطي الوطني) كان لافتاً تقمص الأمين العام لحزب الاستقلال (ثالث أحزاب الأغلبية الحكومية ) نزار بركة، دور المعارض للحكومة، بعدما انتقد بشكل قوي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المغرب، على خلفية ما تعرفه البطالة في البلاد من مستويات مرتفعة جداً خلال السنوات الأخيرة، وصلت حسب الإحصاءات الرسمية إلى 21.3%، مع تسجيل معدلات أعلى لدى الشباب بنسبة 39.5%، والنساء بنسبة 29.6%.

وجاءت تصريحات بركة الذي يشغل منصب وزير التجهيز والماء في حكومة أخنوش، خلال كلمته في مهرجان خطابي نظم السبت الماضي بمناسبة الذكرى الحادية والثمانين لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، وقد أكّد أنّ هذه الأرقام تعكس أزمة مركبة متعدّدة الأبعاد تعاني منها البلاد، وتؤدي إلى تزايد شعور الشباب بالقلق وفقدان الثقة في المستقبل.

وبينما أعادت انتقادات زعيم حزب الاستقلال السؤال من جديد حول مدى التماسك والانسجام بين الأحزاب الثلاثة المكونة للأغلبية الحكومية والبرلمانية في المغرب، لم يتردد القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار (قائد الائتلاف الحكومي) ووزير العدل السابق محمد أوجار، في توجيه انتقادات لاذعة لوزراء الحكومة التي يقودها حزبه، داعيا إياهم، خلال استضافته في برنامج "نقطة إلى السطر" على قناة "الأولى" الرسمية في السابع من يناير/ كانون الثاني الحالي، إلى تحمل مسؤولياتهم بشكل أكبر في مواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.

بالمقابل، اختار حزب الأصالة والمعاصرة، الذي لا تخفي قيادته طموحها الجارف للظفر بانتخابات عام 2026 وإزاحة حليفه التجمع الوطني للأحرار من رئاسة الحكومة، فتح مواجهة برلمانية مثيرة للجدل مع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة، حيث تحول الحزب الثاني في الائتلاف الحكومي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) الاثنين الماضي، من الأغلبية إلى المعارضة بتوجيه انتقادات لاذعة أحرجت الوزير المنتمي إلى الحزب الذي يقود التجربة الحكومية الحالية منذ انتخابات سبتمبر/أيلول 2021 والمقرب جدا من رئيس الحكومة الحالية.

عين على الانتخابات المقبلة في المغرب

وربط الباحث في العلوم السياسية، محمد شقير، تبادل رسائل سياسية قوية فجأة بين مكونات الأغلبية الحكومية في المغرب من خلال إصدار تصريحات تفيد بممارسة المعارضة من داخل التحالف الحكومي الثلاثي نفسه باقتراب الاستحقاقات الانتخابية المنتظرة في 2026. وقال شقير، في تصريح لـ"العربي الجديد": "يبدو من الطبيعي أن نشهد بعض التسخينات السياسية لمكونات المشهد السياسي سواء داخل المعارضة من خلال إنشاء الحركة الشعبية مع حزبين من المعارضة لتكتل انتخابي جديد أو الأغلبية، حيث تتبعنا على شاشة القناة الأولى عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار الوزير السابق محمد أوجار يقر بتفشي غلاء المعيشة وفشل الحكومة في التخفيف من موجة هذا الغلاء الذي شمل مختلف المواد الاستهلاكية خاصة أسعار اللحوم على الرغم من الدعم الحكومي".

وأوضح أن "استغلال أمين عام حزب الاستقلال مهرجاناً خطابياً بالدار البيضاء بمناسبة ذكرى تقديم وثيقة الاستقلال لتوجيه انتقادات للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي أضرت بالطبقة الوسطى التي تشكل إحدى أهم قواعد هذا الحزب العريق وكذا بطالة الشباب التي استعجلت وتفاقمت بشكل متصاعد، في انتقاد مبطن لوزارة الإدماج التي يتقلدها أحد ممثلي حزب الأصالة والمعاصرة، يعكس استعداداً مبكراً للحزب للاستحقاقات القادمة"، مضيفا: "وهي الانتخابات التي سبق للأمين العام للاستقلال أن تحدث عن طموح حزبه في أن يحتل خلالها مراكز متقدمة عبر استقطاب أصوات الفئات الشبابية خاصة".

من جهته، رأى الباحث في الدراسات السياسية والدولية، حفيظ الزهري، أن اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية بدأ يلقي بظلاله على المشهد السياسي المغربي، مما سيؤدي إلى ظهور المزيد من الانتقادات الصادرة عن قيادات الأحزاب السياسية في التحالف الحكومي، مشيرا إلى أن الانتقادات التي وجهها أوجار إلى الحكومة التي يقودها حزبه بسبب غلاء المعيشة "تظهر أنه حتى الحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي ليس على قلب رجل واحد".

واعتبر الزهري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الحوادث الثلاثة التي عاشها الائتلاف الحكومي الحالي وكان عنوانها البارز ممارسة المعارضة من داخل التحالف تشير إلى أن التحالف دخل رسمياً في المنافسة حول من سيظفر بالانتخابات المقبلة التي تحظى بأهمية كبرى بالنظر إلى طبيعة الاستحقاقات التي تنتظر المغرب، ما يجعل التدافع السياسي ما بين الأحزاب خاصة المكونة للتحالف الحكومي و3 أحزاب في المعارضة يتسم بنوع من العنف اللفظي".

وتبعا لذلك، توقع الزهري أن يشهد المغرب "الكثير من الخرجات السياسية لقيادات حزبية في التحالف الحكومي من أجل التبرؤ والتنصل من المسؤولية عن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية التي أصبحت تعيشها البلاد في عهد حكومة أخنوش بالرغم من كونهم مشاركين فيها ولهم سلطة القرار واليد في اتخاذ القرارات والسياسات". وخلص إلى أن "إطلاق نيران صديقة على الحكومة يدخل في سياق التنافس السياسي ومحاولة كسب الأصوات قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة"، معتبرا أن الانتقادات الموجهة من داخل مكونات التحالف الحكومي إلى الحكومة لن تلقى صدى لدى الجماهير، مما قد يجعلها عرضة بشكل كبير لتصويت عقابي خلال محطة انتخابات 2026.