نواف سلام يتسلّم مهامه رئيساً لحكومة لبنان: لست من أهل الإقصاء ويداي ممدودتان للجميع

14 يناير 2025
نواف سلام يصل إلى قصر بعبدا لتسلم مهامه، 14 يناير 2025 (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أكد نواف سلام على أهمية الوحدة والشراكة الوطنية، مشددًا على ضرورة التصدي لنتائج العدوان الإسرائيلي والأزمة الاقتصادية، وإعادة بناء القرى، وتنفيذ القرار الأممي 1701، وبسط سلطة الدولة اللبنانية.

- دعا سلام إلى وضع برنامج لبناء اقتصاد حديث يرتكز على تحفيز النمو وتأمين فرص العمل، مع التركيز على دولة عادلة وشفافة، وتنفيذ الإصلاحات السياسية وفق اتفاق الطائف، وتحقيق العدالة لضحايا انفجار مرفأ بيروت.

- أعلن الإليزيه عن زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى لبنان لدعم الإصلاحات الضرورية وإنعاش البلاد، وتعزيز قوات الأمن اللبنانية، في إطار دعم فرنسا المستمر للبنان.

أكد رئيس الحكومة اللبنانية المكلّف نواف سلام، في أول تصريح له بعد تولّيه مهامه رسمياً، اليوم الثلاثاء، أنه "ليس من أهل الإقصاء والاستبعاد، بل من أهل الوحدة والتفاهم والشراكة الوطنية"، قائلاً: "يداي ممدودتان للجميع للانطلاق معاً في مهمة الإصلاح". وأتى تصريح سلام من قصر بعبدا الجمهوري بعد لقاء ثلاثي جمعه برئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

وجاء تصريح سلام في ردّ مبطّن على كلام رؤساء بعض الكتل النيابية، وخصوصاً رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد من دون تسميتهم، قائلاً: "أصغيت أمس إلى بعض الهواجس التي أثيرت، ومنها ما أثير من هذا المنبر بالذات، وجوابي أني بفطرتي وتكويني وممارستي السياسية لست من أهل الإقصاء، بل من أهل الوحدة، ولست من أهل الاستبعاد، بل التفاهم والشراكة الوطنية، وهذه دعوتي الصادقة".

وأضاف سلام: "بعد المعاناة والأحزان والآلام بسبب العدوان الإسرائيلي الهمجي الأخير على لبنان، وبسبب أسوأ أزمة اقتصادية وسياسات مالية أفقرت اللبنانيين، آن الأوان لنقول كفى، حان الوقت لبدء فصل جديد، فصل نريده متجذراً بالعدالة والأمن والتقدّم، والفرص ليكون لبنان بلد المواطنين الأحرار المتساوين بالحقوق والواجبات".

وشدد سلام على أن "أهم التحديات التي نواجهها اليوم هو التصدّي لنتائج العدوان الإسرائيلي الأخير، حيث إن جزءاً كبيراً من شعبنا لا تزال منازله مهدمة، ومؤسساته التجارية مدمرة، وصروحه التربوية معطلة، وواجب علينا أن نحفظ كرامتهم بالعمل أولاً على تأمين شروط إعادة بناء القرى والمنازل المهدمة في الجنوب والبقاع وبيروت، من أجل عودة كريمة لأهلنا إليها، وإعادة الإعمار ليس مجرد وعد، بل التزام، وهذا يتطلب العمل الجاد على التنفيذ الكامل للقرار الأممي 1701 وبنود اتفاق وقف إطلاق النار كافة، وفرض الانسحاب الكامل للعدو من آخر شبر محتل من أراضينا، فلا أمن ولا استقرار لبلادنا دون ذلك، وهذا يقتضي العمل أيضاً على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بواسطة قواها الذاتية كما جاء حرفياً بنصّ اتفاق الطائف".

وأضاف: "بالنسبة إلى الأزمة المالية والاقتصادية المستمرة، سيكون على الحكومة التي سأعمل على تشكيلها وضع برنامج متكامل لبناء اقتصاد حديث ومنتج، يرتكز على تحفيز نمو شامل ومستدام، وتأمين فرص العمل للأجيال الطالعة، والشرط الأساس لذلك قيام دولة قادرة وعادلة، ذات إدارة شفافة وفاعلة، دولة تقوم على مبدأ المواطنة الجامعة، ومفهوم سيادة القانون، وتجسّد في جميع الحقول والمجالات دون استثناء المبادئ العالمية لحقوق الإنسان، كما نصت عليه أيضاً مقدمة الدستور المعدل بالاستناد إلى اتفاق الطائف".

وأكد سلام أن "الأساس للإصلاحات السياسية التي طال انتظارها هو العمل في آن واحد على تنفيذ أحكام الطائف التي لم تنفذ بعد وعلى تصحيح ما نفذ منه خلافاً لنصه أو روحه وعلى سد ثغراته، وهذا لا يتحقق من دون العمل على تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة، ومن دون سلطة قضائية مستقلة ومؤسسات أمنية فاعلة"، مشيراً إلى أننا "عشنا في ظل إدارة مترهّلة حكمتها الزبائنية ونخرها الفساد، فآن الأوان لنفضها ووضعها في خدمة الناس، وهذا كلّه لا يمكن الحديث عنه قبل أن نعمل بكل طاقاتنا لإنصاف ضحايا انفجار مرفأ بيروت، وتحقيق العدالة لهم وذويهم، وإنصاف المودعين في المصارف".

وتوجه سلام إلى الشباب "الذين هم طاقة هذا البلد ومهندسو غده، الشباب الذين غادروا لبنان مقهورين أو بقوا هنا محبطين"، قائلاً: "لبنان الذي سنعمل من أجله هو لبنان الذي يحتضنكم لتعيشوا فيه بأمان". وتابع سلام كلمته التي حددت عناوين المرحلة المقبلة بالقول إنه "فصل جديد. كان لكلّ منا رهان على خارج ما، والتجربة علّمتنا أن الرهان الصحيح الوحيد هو الرهان على وحدتنا وتعاوننا، فلنراهن على بعضنا البعض، وعلى بناء المؤسسات القوية"، مشدداً على أننا "ضيعنا الكثير من الفرص لبناء الدولة السيدة المدنية المستقلة، ولا حاجة للتذكير بها من قبل الطائف وبعده".

وكُلّف نواف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى أمس الاثنين، بعد حصوله في الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها الرئيس عون، على غالبية الأصوات النيابية التي بلغت 84 صوتاً (من أصل 128)، ليُكلَّف بالتالي تشكيل الحكومة الجديدة، مقابل نيل رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي نجيب ميقاتي 9 أصوات، بينما لم يسمِّ 35 نائباً أحداً، على رأسهم نواب حزب الله وحركة أمل. وحال وجود سلام خارج لبنان دون حضوره أمس إلى قصر بعبدا لتكليفه رسمياً، فيما حضر رئيس مجلس النواب نبيه بري وتبلّغ من الرئيس عون حصيلة الاستشارات. وأعلنت محكمة العدل الدولية، الثلاثاء، أن سلام استقال من عضوية المحكمة. وكان من المقرر أن تنتهي ولاية سلام رئيساً للمحكمة في أوائل فبراير/ شباط 2027.

من جانبه، قال الرئيس اللبناني: "لدينا اليوم فرص كبيرة جداً علينا استغلالها معاً، ولا وقت لتضييعه"، مشدداً على "وجوب عدم وضع أية عراقيل في وجه تشكيل الحكومة لأنه يجب استغلال هذه الفرص وإرسال رسائل إيجابية إلى الخارج، بأن لبنان قادر على أن يحكم نفسه وعلى تنفيذ إعادة الإعمار بشفافية، وعلى بناء دولة ننادي بها جميعاً". واعتبر عون خلال استقباله قبل ظهر اليوم نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، أنه "لا يمكن لمكوّن أن ينكسر وغيره ألا ينكسر، فإذا انكسر مكون، ينكسر لبنان بأسره"، مشيراً إلى أن "ما حصل أمس عملية ديمقراطية أوصلت إلى نتيجة معينة، وهناك مراحل أخرى. قد نضطر مرات إلى التراجع خطوة إلى الوراء، ولكن هناك مصلحة عامة هي الأهم".

ولفت إلى أنّ "أي اعتداء على أي بقعة في لبنان هو اعتداء على كل لبنان، ونحن نضغط باتجاه الانسحاب الإسرائيلي وانتشار الجيش في الجنوب". ورأى رئيس الجمهورية أنه "لو كان هناك دولة وجيش في الماضي لما انبرى أحد إلى المقاومة. اليوم تختلف المرحلة، الدولة مسؤولة وليس فئة واحدة فقط. الدولة بمجملها، والشعب اللبناني بمجمله هما المسؤولان". وشدد على أنه "ليس مسموحاً أن تحمل فئة واحدة عبء الصراع مع إسرائيل، بل يتشارك جميع اللبنانيين في تحمّل عبء هذا الصراع".

من جهته، قال الخطيب بعد اللقاء: "نأمل أن يحمل الانتخاب مواصفات الإرادة لتطبيق خطاب القسم، وتحقيق الوحدة الوطنية الحقيقية لحماية لبنان وسيادته، وتحريره من العدو، والبناء والإعمار للمناطق التي تعرضت للتهديم والتخريب". وأضاف: "نحن بعهد جديد مع الرئيس جوزاف عون لمرحلة جديدة من تاريخ لبنان يجب أن نخرج فيها من العصبيات الطائفية، وعلينا أن نتعلّم أن لبنان لا يبنى بالعداوات التي تخلق بين الطوائف، ونأمل ألا تخرب القوى السياسية على العهد مساره". واكتفى بالقول حول الميثاقية وعدم تسمية المكون الشيعي للرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام، إنّ "موضوع الحكومة سياسي".

وكان عون قد قال، في دردشة مع الصحافيين، أمس الاثنين، إنّ "التكليف هو قرار النواب، وإنه يحترم هذا القرار". وأضاف: "انتهينا من الخطوة الأولى، والخطوة الثانية هي التأليف"، متمنياً أن يكون التأليف سلساً وفي أسرع وقت، "لأننا نملك فرصاً كبيرة جداً، من خلال مساعدة الخارج لنا". ورداً على سؤال، أعرب الرئيس اللبناني عن أمله في أن يكون التشكيل سريعاً، طالباً ترك الحديث عن عقبات وغيرها إلى حينه. 

ماكرون إلى لبنان الجمعة

وفي سياق آخر، قال الإليزيه، في بيان، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور لبنان يوم الجمعة القادم، وأضاف أن ماكرون يسعى في هذه الزيارة لـ"تأكيد التزام فرنسا الراسخ بدعم لبنان وسيادته ووحدته، وأيضاً لتهنئة جوزاف عون على انتخابه، وكذلك رئيس مجلس الوزراء المكلف نواف سلام". وأشار إلى أنه "في هذا الظرف التاريخي الذي يعيشه لبنان، سيجدد رئيس الدولة تمنياته لهما بالنجاح التام في مهمتهما المتمثلة في تشكيل حكومة قوية بأسرع وقت ممكن، قادرة على جمع لبنان بكل تنوعه، من أجل تنفيذ الإصلاحات الضرورية لإنعاش البلاد، واستعادة الازدهار لجميع اللبنانيات واللبنانيين، وكذلك استعادة الأمن والسيادة في جميع أنحاء لبنان. واليوم، يتعين الاستجابة لتطلعات الشعب اللبناني، الذي وقفت فرنسا إلى جانبه في جميع الظروف".

وختم البيان: "ستكون هذه الزيارة أيضاً فرصة للعمل على التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار الذي أعلن عنه في 26 نوفمبر رئيس الجمهورية والرئيس الأميركي جو بايدن، ولتجديد التزام فرنسا في هذا الصدد ضمن إطار قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) وآلية التحقق. وفي أعقاب مؤتمر 24 أكتوبر والاتصالات التي أجراها رئيس الدولة مع شركاء لبنان الأساسيين، ستتناول هذه الزيارة التحديات التي تواجه لبنان، بما في ذلك تعزيز قواته المسلحة وقوات الأمن الداخلي لصالح سيادته، بالإضافة إلى الجهود الإنسانية وإعادة الإعمار اللازمة لإنعاش البلاد".

المساهمون