نهر السند.. رمز الصراع الأعمق بين الهند وباكستان

28 مايو 2025   |  آخر تحديث: 08:03 (توقيت القدس)
صيادون في نهر السند، باكستان 24 مايو 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يُعتبر نهر السند محوراً للنزاع الجيوسياسي بين الهند وباكستان منذ تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947، حيث لم تُنهِ اتفاقية سند طاس عام 1960 التوترات بين البلدين، وازدادت حدتها بعد إعلان الهند إنهاء الاتفاقية في مايو 2023.

- يمتد النهر على مسافة 3200 كيلومتر، ويغذي ملايين البشر بالمياه العذبة، ويُعد شريان الحياة لأربعة أقاليم باكستانية، مما يجعله مصدراً رئيسياً للزراعة والاقتصاد.

- يشكل النهر أهمية بالغة لباكستان، حيث يغذي ملايين الهكتارات من الأراضي الزراعية ويحتوي على سدود رئيسية تلعب دوراً حيوياً في توفير المياه العذبة.

منذ استقلال باكستان عن الهند عام 1947 وتقسيم شبه القارة الهندية بين الدولتين، لم يعد نهر السند مجرد مجرى مائي يفصل بين أراض جغرافية، وتستفيد منه الدولتان بأشكال مختلفة، مثل الزراعة والاقتصاد والبيئة، بل أصبح رمزاً للصراع الأعمق بين الجارتين النوويتين. وعلى الرغم من توقيع اتفاقية بين الدولتين بوساطة البنك الدولي عام 1960، وبموجبها منحت باكستان حق التحكم في المياه الشرقية، والهند حق التحكم في المياه الغربية، إلا أنّ الصراع على النهر متواصل منذ الفصل بين الدولتين وحتى الآن، قبل أن يشتد على أثر إعلان الهند إنهاء الاتفاقية في السادس من مايو/ أيار الجاري، وهو ما اعتبرته باكستان إعلان الحرب ضدّها.

يُعتبر نهر السند واحداً من أطول وأقدم أنهار العالم، إذ يمتد على مسافة تقدر بنحو 3200 كيلومتر (2000 ميل)، ويغطي مساحة تقدر بـ1.165 مليون كيلومتر مربع. يتدفق النهر العريق من مرتفعات التبت في الصين على ارتفاع 5500 متر، ويمرّ عبر الشطر الهندي من إقليم كشمير قبل أن يدخل الأراضي الباكستانية، ليستفيد منه ملايين البشر في أربعة أقاليم باكستانية، هي: جلجت، وخيبربختونخوا، والبنجاب، والسند.

الصورة
أحد السدود الهندية في نهر السند / 16 إبريل 2025 (Getty)
أحد السدود الهندية في نهر السند، 16 إبريل 2025 (Getty)

ووفق كتب التاريخ، فإن نهر السند كان يعرف قديماً بـ"السندو" في اللغتين السنسكريتية والتبتية، ومنها أخذ اسم الهند (المنافسة لباكستان)، والسند (أحد أقاليم باكستان، ويعد العاصمة الاقتصادية لباكستان، وقد زاد ميناء كراتشي أهمية هذا الإقليم). وذُكر اسم النهر في الكتاب المقدس الهندي ريغويدا الذي يرجع تاريخه إلى 1500 قبل الميلاد. من أجل ذلك لم يعد النهر مصدر مياه لكل من الهند وباكستان بل أصبح رمزاً ثقافياً وتاريخياً عريقاً، ونقطة مهمة من الناحية الجيوسياسية.

أهمية نهر السند لباكستان

يعتبر نهر السند العمود الفقري والركيزة الأساسية للنظام المائي في باكستان المعروفة من بين الدول الزراعية المهمة في المنطقة، حيث تعد الزراعة من بين أهم مصادر دخل المواطن. ويجري النهر من شمال البلاد إلى جنوبها مارّاً في أربعة أقاليم من أصل خمسة، هي إقليم جلجت بلتستان، وإقليم خيبربختونخوا، وإقليم البنجاب، وأخيراً إقليم السند، ومنه يدخل إلى بحر العرب ليربط باكستان بالعالم.

ويمرّ نهر السند في معظم المدن الكبرى في باكستان، بدءاً من إقليم كشمير الهندي، إلى مدينة سكردو وجلجت، ثم يدخل عبر منطقة كوهستان الجبلية إلى إقليم خيبربختونخوا مروراً بمدينة داسو قبل أن يصل إلى سد تاربيلا، وهو أكبر السدود الباكستانية وأحد أكبر السدود في العالم، ثم يلتقي في الإقليم ذاته بنهر كابول. ومن منطقة كالاباغ يدخل إلى إقليم البنجاب ليمرّ عبر مدينة ميانوالي ومدينة رحيم يار خان، كبرى المدن في إقليم البنجاب، وهو أكبر الأقاليم الباكستانية.

من هنا بات نهر السند يشكّل أهمية بالغة لباكستان من النواحي المختلفة، الزراعية والاقتصادية والبيئية والجيوسياسية، فعلى صعيد الزراعة يغذي النهر ملايين الهكتارات من الأراضي الزراعية، ويُعدّ المصدر الرئيسي لري أنواع من المزروعات مثل القمح والرز وقصب السكر، وتلك وغيرها تشكّل العمود الفقري لاقتصاد باكستان. كما أنّ النهر يوفّر المياه العذبة لأكثر من تسعين في المائة من سكان المناطق التي تمر مياهه عبرها. علاوة على ذلك يحتوي النهر على العديد من السدود، أهمها: سد مانغلا وسد تاربيلا.

أما من الناحية الجيوسياسية، فقد باتت لنهر السند أهمية كبرى بالنظر إلى النزاع بين باكستان والهند على إقليم كشمير، ما جعل البلدان يوقعان اتفاقية سند طاس في عام 1960 بوساطة البنك الدولي. وبالنظر إلى كل ما سبق سارعت الهند إلى إنهاء الاتفاقية في جولة التصعيد الأخيرة، وكان ردّ باكستان هو أنّ الخطوة بمثابة شنّ حرب. ويرى الكثير من الخبراء أنّ الهند، مع كونها غير قادرة على منع المياه بشكل كامل عن باكستان، إلا أنها حتى ولو منعت جزءاً منها فإنّ باكستان ستخسر كثيراً، بالتالي قد تعمّق المياه في المستقبل، إلى جانب ملفات أخرى، الصراع بين الدولتين، وقد تؤدي إلى نشوب حرب تغرق المنطقة بأسرها.

المساهمون