نهج جديد للرئاسة الجزائرية لتفسير قرارات تبون.. حملة انتخابية مبكرة؟

نهج جديد للرئاسة الجزائرية لتفسير قرارات تبون.. حملة انتخابية مبكرة أم رد على المعارضة؟

17 ابريل 2023
يرى بعض المتابعين أن التطور الجديد عبارة عن حملة انتخابية مبكرة لتبون (Getty)
+ الخط -

تنشر هيئة الإعلام في الرئاسة الجزائرية في الفترة الأخيرة سلسلة تقارير مثيرة للجدل عبر وكالة الأنباء الجزائرية، تدافع عن قرارات الرئيس عبد المجيد تبون، من دون أن يُعرف ما الهدف من وراء ذلك.

ويرى متابعون أن هذه التقارير عبارة عن حملة انتخابية مبكرة لصالح تبون، فيما يرى آخرون أنها تأتي ردا على مزاعم قوى ونشطاء المعارضة الجزائرية، التي تتحدث عن قلق اجتماعي من الأوضاع وغلاء الأسعار وارتباك الخيارات الاقتصادية والتضييق السياسي.

وكانت أحدث هذه التقارير بعد قرار اتخذه الرئيس تبون أمس الأحد في اجتماع مجلس الوزراء، يخص رفعا جديدا لمنح التضامن التي يستفيد منها المعوزون والعائلات معدومة الدخل، وعددهم قرابة مليون شخص.

وقالت الرئاسة الجزائرية، اليوم الاثنين، إن القرار الجديد هو تأكيد من قبل الرئيس تبون أن "صون كرامة المواطن يعد برنامجا لوحده، يعمل بلا هوادة على تجسيده، وفاء للتعهدات التي قطعها مع الشعب الجزائري، والحرب لاسترجاع كرامة المواطن قد بدأت بوصوله إلى سدة الحكم ولن تتوقف حتى التخلص، بحزم وعزم وبفضل المخلصين، من كل مظاهر الغبن والمظاهر المسيئة للوطن".

وأشار التقرير إلى أن "الرئيس يضع صون كرامة المواطنين على اختلاف فئاتهم، وحماية قدرتهم الشرائية، فوق كل اعتبار واهتمام، إلى جانب الحفاظ على مناصب الشغل والرعاية الاجتماعية، فيرصد لها ما أمكن من موارد مالية، لا سيما لصالح الطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود والفئات الهشة، وتلك حقيقة لا يمكن إخفاؤها أو إنكارها".

وذكّر التقرير بسلسلة قرارات سابقة تصب في نفس المنحى، كإلغاء الضريبة على الدخل لأصحاب الرواتب التي تساوي وتقل عن 30 ألف دينار (200 يورو)، والتي مست قرابة مليوني عامل، ورفع الأجر القاعدي إلى 20 ألف دينار (140 يورو)، واستحداث منحة البطالة التي انتقلت قيمتها من 13 ألفا إلى 15 ألف دينار (105 يوروهات)، وزيادة الرواتب على مدى السنتين 2023 و2024 بنسبة 47 بالمائة، وإدماج 600 ألف جزائري من أصحاب العقود المؤقتة في مناصبهم بالقطاعات العمومية، بحيث حدد تاريخ ديسمبر/ كانون الأول المقبل كآخر أجل لطي هذا الملف.

وكانت الرئاسة قد نشرت قبل أسبوع تقريرا مماثلا تطرق إلى قضية حبس وزير المؤسسات المصغرة نسيم ضيافات، وأدرجتها ضمن التزام الرئيس تبون بمحاربة الفساد، وردت على مزاعم وتسريبات بوجود لائحة أخرى لمسؤولين تحت الرقابة القضائية وبصدد إحالتهم إلى القضاء.

وسبق ذلك تقرير آخر أشاد بما وصفه بمنجز إعادة الاستقرار الذي تحقق في الجزائر الجديدة تحت قيادة الرئيس عبد المجيد تبون، رغم بعض العثرات "هنا وهناك".

وفي 29 مارس/ آذار الماضي، نشرت الرئاسة عبر وكالة الأنباء الرسمية تقريرا آخر، عن "غضب الرئيس حقا من وتيرة معالجة الحكومة للعديد من الملفات، وتحفظه على قرارات حكومية تحدث الاختلال والارتباك على يوميات المواطنين وعلى المتعاملين الاقتصاديين بمنع الاستيراد، وهدم البنايات".

وقال متابعون إن توالي هذه التقارير الرئاسية بالصورة التي تفسر قرارات الرئيس وتوضح خياراته وتربطها بالتزاماته الانتخابية، تعبر عن حاجة الرئاسة إلى إغراق الفضاء الإعلامي والسياسي بالتحليلات الرسمية التي تصب في صالح الرئيس تبون، ووضع محددات أساسية للنقاش الاعلامي المرتبط بإنجازات تبون.

ويؤكدون أنها "تعطي أيضا فكرة عن عدم اقتناع الرئاسة بقدرة كتلة كبيرة من المحللين الموالين للسلطة على تقديم قراءة أكثر إقناعا للرأي العام".

بدوره، قال أستاذ الإعلام والاتصال في جامعة الجزائر حسين دوحاجي، في تصريح لـ"العربي الجديد": إن "القائمين على شؤون الإعلام والاتصال في الرئاسة هم نخبة من الشباب، الذين يدركون أن أدوات صناعة التأثير في الرأي العام لم يعد أبطالها أمثال هؤلاء المحللين الموالين في القنوات، في ظل طغيان مواقع التواصل الاجتماعي والتواصل الشبكي المفتوح، ولذلك يحاولون كسر هذا التقليد، في محاولة لتجاوز إرث الجزائر القديمة وابتكار أساليب جديدة تتماهى مع مسمى الجزائر الجديدة".

وأضاف: "لا يمكن فصل هذه التقارير عن حملة انتخابية مبكرة تصب في صالح تحصيل منجزات الرئيس تبون"، وتابع: "قبل أشهر، ظهرت الكثير من المؤشرات التي تدل على انطلاقة التحضير للعهدة الثانية، ثم سرعان ما خفتت، وها هي تعود بعض تلك المؤشرات التي تدل على حملة انتخابية مسبقة عودنا عليها النظام منذ عقود على الأقل على عهد الرئيس السابق بوتفليقة".

لكن المحلل السياسي قاسم حجاج يعتبر ظاهرة التقارير الرئاسية أنها نهج اتصال سياسي، اختارته الرئاسة، مع الرأي العام.

وقال في تصريح لـ"العربي الجديد" إنها "تأتي في سياقات مختلفة، بعضها يأخذ طابع تصحيح المعطيات والرد على إشاعات أو حملات مضادة، على غرار التقرير المتعلق بحبس وزير المؤسسات المصغرة، وبعضها يأخذ طابع جرد حساب سياسي  تذكير الجزائريين بمنجزات الرئيس، لكنها تأخذ في نفس الإطار طابع الرد على تحليلات وأفكار تروجها قوى معارضة ونشطاء يستغلون وسائط التواصل الاجتماعي وأحداثا بعينها".