نهاية ألاعيب عقيلة صالح

نهاية ألاعيب عقيلة صالح

23 سبتمبر 2021
يعرف صالح كيفية خلق ثغرات في أي قانون لاستثمارها (جلال المرشدي/الأناضول)
+ الخط -

يبدو أن السحر انقلب على الساحر، فلم تجد التمائم القانونية لرئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، التي كانت يستحضرها من ثغرات لوائح مجلس النواب، قبولاً هذه المرة، فلم تمر ساعات على إعلانه سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية حتى تصاعدت تصريحات النواب أنفسهم لتكشف عن انتهاء صلاحية تمائمه القانونية التي مرر عبرها عشرات القوانين والقرارات من دون تصويت، ومنها قانون انتخاب رئيس الدولة، قبل أيام.

لطالما استخدم نشطاء ومدونون ليبيون وصف "التمائم" للتعبير عن كيفية تمرير عقيلة صالح لقوانين وقرارات تتطلب تصويتاً وسط صمت النواب، لكن الحقيقة أن صالح مارس العمل القانوني في فترات سابقة، ويعرف كيفية خلق ثغرات في أي قانون لاستثمارها، وهو ما فعله، إذ أشرف على طرح لائحة التنظيم الداخلي لعمل المجلس ثماني مرات، حتى أصبح يعبّر عنها باللوائح الداخلية لكثرتها، والإعلان الدستوري 11 مرة. أما الاتفاق السياسي الموقّع في الصخيرات المغربية عام 2015، وخريطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فلا يزالان ضمن بنود أعمال مجلس النواب المعلّقة، ولم يصادق عليهما النواب حتى الآن، وكلها التفافات خلقت ثغرات سمحت لصالح بالمناورة وتمرير القرارات والقوانين من دون أن يصطدم بأي نص قانوني.

عندما أعلن 38 نائباً عن عدم اعترافهم بقرار سحب الثقة من الحكومة أمس الأول الثلاثاء، خرج صالح بعدها بساعات، ليعلن أنه استند في قراره إلى القانون رقم 4 لسنة 2014، والرسالة كانت واضحة وإن أشار إليها ضمناً. فمقابل مطالبة النواب الـ38 بضرورة تفعيل الدائرة الدستورية المجمّدة بقرار من المحكمة العليا، فإن صالح أراد تذكيرهم بأن الدائرة الدستورية هي من حكمت عام 2014 بعدم دستورية انعقاد مجلس النواب من أساسه، وبالتالي إذا تخلوا عنه فسيتخلى عن الجميع ويُسقط الجميع.

لكن ما لم يتفطن له صالح وحلفاؤه، ولم يكن في حساباتهم، الموقف الشعبي الذي عكسته وقفات احتجاجية من قِبل أهالي طرابلس في الغرب، وسبها في الجنوب، المعارضة لقرار سحب الثقة من الحكومة، بل والمطالبة بإسقاط مجلس النواب. أما في الشرق فكان الوضع صادماً بشكل أكبر، إذ تجمهر العشرات من طبرق، التي تحتضن مقر مجلس النواب، في ساحة المدينة ليعلنوا عن الموقف نفسه، بل ويهددوا بالتصعيد في حال عدم تراجع صالح عن قراره، قبل أن ينضم للرافضين 65 عميداً من عمداء بلديات البلاد من مختلف مناطقها. وعلى الرغم من أن الوضع لا يزال غامضاً ومرتبكاً حتى الآن، إلا أن الحقيقة التي لا تحتاج لتوضيح هي أن عقيلة صالح سحب ثقة الليبيين من مجلس النواب وكشف عن حقيقة تلاعبه بالقرارات والقوانين طيلة سنوات.