استمع إلى الملخص
- أعربت الصين عن أملها في تهدئة الوضع، مشددة على أهمية الحوار، بينما استعرضت باكستان أسلحتها الصينية، مما أثار تساؤلات حول مواجهة محتملة بين الأصول العسكرية الصينية وأسلحة الناتو.
- الخبراء يستبعدون اندلاع حرب شاملة، حيث تسعى الهند لتعزيز سيطرتها على كشمير، بينما ترغب باكستان في دور صيني للوساطة، مع بقاء احتمالات التصعيد الكامل منخفضة.
تصاعدت حدة التوترات بين الهند وباكستان في أعقاب حادثة إطلاق نار تسببت في خسائر فادحة في الأرواح في منطقة كشمير الخاضعة لسيطرة الهند في 22 إبريل/ نيسان الماضي. وكانت نيودلهي اتهمت إسلام أباد بدعم الإرهاب عبر الحدود، واتخذت سلسلة من الإجراءات الصارمة ضدها، بما في ذلك تعليق معاهدة مهمة لتوزيع المياه، وإغلاق المعابر الحدودية وطرد الموظفين الباكستانيين. في المقابل، أعلنت باكستان عن عدد من التدابير المضادة المتبادلة، واتخذت أيضاً إجراءات عقابية مثل إغلاق مجالها الجوي أمام الخطوط الجوية الهندية وتعليق التجارة كليا مع الهند.
ورداً على الاتهامات الهندية، انتقدت إسلام أباد ربط حادثة إطلاق النار بباكستان في غياب أي تحقيق موثوق وأدلة يمكن التحقق منها، ووصفت الخطوة الهندية بأنها متهورة وغير عقلانية وغير منطقية. وقال وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف، في تصريحات صحافية أخيراً، إن روسيا والصين يمكن أن تشاركا في التحقيق الدولي في الهجمات الإرهابية في كشمير. ورداً على ذلك قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قوه جيا كون، في إفادة صحافية الاثنين الماضي، إن بكين ترحب بكل الإجراءات التي من شأنها تهدئة الوضع الحالي، وتدعم إجراء تحقيق محايد في أقرب وقت ممكن. وأضاف: باعتبارها جاراً مشتركاً تأمل الصين أن تمارس الهند وباكستان ضبط النفس، وتلتقيا في منتصف الطريق، وتتعاملا بشكل صحيح مع الخلافات ذات الصلة من خلال الحوار والتشاور، وتحافظا بشكل مشترك على السلام والاستقرار الإقليميين.
ساحة لاختبار الأسلحة الصينية
جيانغ لي: بكين لا ترغب في خروج الاضطرابات عن نطاق السيطرة
ومنذ تصاعد الاضطرابات بين الهند وباكستان قبل أيام، استعرضت إسلام أباد أسلحتها الصينية في التدريبات العسكرية التي تهدف إلى ردع أي هجوم هندي. وفي حين أعربت بكين عن أملها ألا تتصاعد التوترات بين الخصمين النوويين إلى حرب شاملة، فإن وسائل إعلام صينية قالت إن العديد من المراقبين يتابعون عن كثب احتمال وقوع أول مواجهة على الإطلاق بين الأصول العسكرية الصينية وأسلحة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وإن ترسانة باكستان من الأسلحة المصنعة في الصين والمطورة بشكل مشترك، قد تتعارض مع مزيج الهند من المعدات العسكرية الفرنسية والروسية والمصنعة محلياً وسط تحذيرات متزايدة من صراع وشيك بين المتنافسين في جنوب آسيا.
وأضافت وسائل إعلام صينية أنه في حال اندلاع حرب بين الهند وباكستان فإن أداء أسلحتهما سوف يخضع لتحليل دقيق من قبل المخططين العسكريين في جميع أنحاء العالم، وسيتم دمج الدروس المستفادة في استراتيجيات الدفاع الوطنية، وخاصة في المسرح الاستراتيجي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث تنخرط الصين والولايات المتحدة في منافسة جيوسياسية شرسة. ولفتت إلى أن الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الهند ضد باكستان ترجع إلى مظالم تاريخية واعتبارات قومية داخلية، مشيرة إلى أنه لا يمكن استبعاد إمكانية تصعيد التوترات بين الهند وباكستان في المستقبل، ولكن من غير المرجح أن يتقاتل الجانبان في إطار حرب مفتوحة بسبب هذا الحادث.
الانخراط في الوساطة بين الهند وباكستان
وتعليقاً على التطورات الأخيرة، قال أستاذ العلاقات الدولية في مركز ونشوان للدراسات الاستراتيجية جيانغ لي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن بكين لا ترغب في خروج الاضطرابات عن نطاق السيطرة، لأن ذلك يعني مواجهة مفتوحة بين جارتين نوويتين. وأضاف بأن حديث وزير الدفاع الباكستاني عن إمكانية مشاركة الصين في تحقيق دولي في الهجمات الإرهابية في كشمير، ينم عن رغبة لدى إسلام أباد في دخول بكين على خط المواجهة للعب دور الوساطة، نظراً لوزنها الإقليمي والدولي وتجاربها السابقة في النزاعات والحروب، مشيراً إلى أن ذلك ينسجم مع موقف الصين الداعي إلى الحوار وحل الخلافات بين الهند وباكستان عبر القنوات الدبلوماسية.
استبعد لي تشونغ أن تتحول التوترات الراهنة إلى مواجهة مسلحة مفتوحة
من جهته، استبعد الباحث في الشؤون الدولية لي تشونغ، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تتحول التوترات الراهنة إلى مواجهة مسلحة مفتوحة، موضحاً أن هناك حدا لا يمكن للطرفين تجاوزه، مشيراً أن الهند قد تستخدم حادثة إطلاق النار ذريعة لتعزيز سيطرتها على منطقة كشمير، وقد يتخلل ذلك خفض العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وحتى توجيه ضربات جوية محدودة، لكن من دون أن تنزلق الهند وباكستان إلى حرب دامية.
ولفت لي تشونغ إلى أن السبب الرئيسي في تأزم الأوضاع وإلقاء اللوم على باكستان في إطلاق النار الذي وقع في 22 إبريل الماضي، هو تحويل السخط الداخلي في الهند نتيجة للقضايا الاقتصادية والاجتماعية الملحة، وانخفاض معدل الدعم الحالي لحكومة ناريندرا مودي، عبر توجيه أصابع الاتهام إلى باكستان، ما قد يخفف الضغوط المحلية. وأضاف: على الرغم من أن هذه الحادثة جعلت موقف الهند تجاه باكستان أكثر صرامة، إلا أن احتمالات التصعيد الكامل للصراع بين البلدين لا تزال منخفضة في هذه المرحلة.
يشار إلى أنه عبر التاريخ، كانت هناك العديد من المظالم بين الهند وباكستان، ومن بينها قضية ملكية منطقة كشمير التي تشكل تناقضاً كبيراً بين البلدين، ما أدى إلى صراعات وحتى حروب بين الجانبين مرات عديدة. وفي أغسطس/آب 2019، أعلنت الهند إلغاء الوضع الخاص الممنوح لمنطقة كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية بموجب الدستور. وتعتبر هذه الخطوة خطوة مهمة بالنسبة للهند لتعزيز سيطرتها الفعلية على المنطقة. في المقابل، أعربت باكستان عن استيائها الشديد من هذا الأمر واتخذت تدابير مضادة ضد الهند، بما في ذلك خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية وقطع التجارة الثنائية. وتبادل جيشا البلدين إطلاق النار عدة مرات بالقرب من خط السيطرة الفعلية في كشمير.