نصر الله يعلن عن سفينة نفط إيرانية نحو لبنان: أزمة الوقود "مفتعلة"

نصر الله يعلن عن انطلاق سفينة نفط إيرانية نحو لبنان: أزمة الوقود "مفتعلة"

19 اغسطس 2021
اعتبر نصر الله السفينة أرضاً لبنانية (محمود زيات/فرانس برس)
+ الخط -

تنطلق أول سفينة من إيران إلى لبنان، اليوم الخميس، محمّلة بالأطنان من المحروقات، بعدما أنجزت كل الترتيبات والمعاملات الإدارية المطلوبة، وفق ما أكده الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله في كلمته خلال ذكرى عاشوراء، وسط تفاقم أزمة الوقود.

ويُخشى أن تؤدي هذه الخطوة إلى تفجير الأوضاع في البلاد اقتصادياً ومعيشياً ودولياً، وثانياً نعي الحكومة الجديدة قبل ولادتها، خصوصاً في ظلّ ما يُسرَّب عن خلاف جدي بين الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي، قد يُترجم اعتذاراً قريباً، واتهام أوساط الأخير رئيس الجمهورية بأنه متمسك بالثلث المعطل وتسمية الوزراء المسيحيين منفرداً.

وقال نصر الله، الذي شهد سعر صرف الدولار في السوق السوداء ارتفاعاً كبيراً بالتزامن مع كلمته، إنّ "السفينة ستبحر من إيران خلال ساعات، وفي هذا اليوم إلى لبنان وستتبعها سفن أخرى، حيث إن المسألة ليست مسألة سفينة واحدة". وأكد أنّ "الأولوية ستكون للمازوت، نظراً للأهمية الحياتية القصوى"، محذراً الأميركيين والاحتلال الإسرائيلي من المسّ بها، بتأكيده أنّ "السفينة التي ستبحر من إيران هي أرض لبنانية"، في استباق لما قد يترتب على هذه الخطوة من تداعيات في ظل العقوبات المفروضة على إيران.

واعتبر الأمين العام لـ"حزب الله" أنّ "أزمة الوقود في لبنان مفتعلة ومصطنعة، وتهدف إلى إذلال اللبنانيين، وكان يمكن معالجتها لو بادرت الدولة بالحزم"، مشيراً بقوله هذا إلى المداهمات التي يقوم بها الجيش والأجهزة الأمنية، وعثورها على ملايين الليترات من البنزين والمازوت، رامياً كرة المسؤولية في ملعب الدولة "التي عليها أن تزجّ المحتكرين في السجون".

حكومياً، نأى نصر الله بحزبه عن مسؤولية الإخفاق في تأليف الحكومة، مشدداً في الوقت نفسه على أنّ "الاتهامات بعرقلة إيران تشكيل الحكومة في لبنان باطلة. هناك دول إقليمية معروفة تتدخل في التشكيل عبر سفاراتها"، غامزاً بذلك في الدرجة الأولى من قناة السفارة الأميركية، التي خصّها بهجومٍ مركّز في كلمته. واتهم الأمين العام لـ"حزب الله"، سفارة الولايات المتحدة في بيروت بإدارة الحرب الاقتصادية والإعلامية على لبنان، والوقوف وراء التحريض، معتبراً أنّ "السفارة الأميركية في لبنان ليست تمثيلاً دبلوماسياً، بل هي سفارة تواطؤ على الشعب اللبناني"، متوجهاً إلى الإدارة الأميركية بالقول، إنّ "سفارتكم في بيروت ستفشل كما فشلت في السابق".

وفي ظلّ صمتٍ رسميٍّ على كلام نصر الله، أتى الردّ أولاً من جانب رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري، الذي سأل، "هل ما سمعناه هذا الصباح عن وصول السفن الإيرانية هو بشرى سارة للبنانيين أم إعلان خطير بزجّ لبنان في وحول صراعات داخلية وخارجية؟".

وأشار الحريري، في تغريدات على "تويتر"، إلى أنّ "اعتبار السفن الإيرانية أراضي لبنانية يشكل قمة التفريط بسيادتنا الوطنية، ودعوة مرفوضة للتصرف مع لبنان كما لو أنه محافظة إيرانية، ونحن بما نمثل على المستوى الوطني والسياسي لن نكون تحت أي ظرفٍ غطاءً لمشاريع إغراق لبنان في حروب عبثية تعادي العرب والعالم".

واتهم الحريري إيران بتعطيل تأليف الحكومة، ومن خلفها "حزب الله"، وقال: "نعم المواقف التي سمعناها قبل قليل تقول للبنانيين إنهم لا يريدون حكومة. فأي حكومة هذه التي يريدونها أن تفتتح عملها باستقبال السفن الإيرانية والاصطدام بالمجتمع الدولي، في وقت أحوج ما يكون فيه لبنان إلى حكومة تحظى بدعم الأشقاء والأصدقاء".

وشدد الحريري، الذي كان يحظى بدعم كبير من "حزب الله" حكومياً، على أنّ "حزب الله يستطيع أن يحصل على تأشيرة تواطؤ مع العهد، وأن يغطي نفسه بصمت الفريق الرئاسي، لكنه لن يحصل من أكثرية اللبنانيين على إجازة مرور لتسليم لبنان للسطوة الإيرانية، وهذه مواقف ستضاعف من معاناة الناس المعيشية والاقتصادية، وتشق الطريق السريع إلى جهنم".

ويقول العميد الركن خالد حمادة، لـ"العربي الجديد": "تجب علينا أولاً معرفة أين مكان وجود السفينة الآن، هل في بانياس السورية أم في عرض البحر؟ ثم لجهة اعتبار السفينة أنها أرض لبنانية، فهذا بمثابة إعلان مواجهة بالدرجة الأولى مع المجتمع الدولي والداخل اللبناني".

ويشير حمادة إلى أنّ "نصر الله يريد أن يأتي بهذه السفينة ليقول للبنانيين إنه يقدّم لهم خشبة الخلاص، على الرغم من أن الحرب السورية والتهريب عبر الحدود، ولا سيما للبضائع المدعومة، وإفلاس الخزينة العامة، هي من العوامل الأساسية التي تسببت بإرهاق الاقتصاد اللبناني كما فعل أيضاً الفساد الداخلي الذي يُعدّ حزب الله جزءاً منه".

وبانتظار ردود الفعل، يضيف العميد حمادة أنّ "الإتيان ببضائع إيرانية رغم العقوبات على إيران، هو رسالة موجهة أيضاً للأميركيين والعالم، على الرغم من التدابير الدولية التي اتخذت بموجب قانون قيصر ضد سورية". في المقابل، تطرح هذه الخطوة الكثير من علامات الاستفهام والإشكالات، "فطالما أنّ إيران قادرة على إيصال المشتقات النفطية إلى لبنان، فلماذا إذاً يهرّب النفط اللبناني إلى سورية؟ وهل إيران عاجزة عن تزويد سورية بالمشتقات بينما يمكنها فعل ذلك للبنان؟".

كذلك يسأل حمادة: "هل سنكون أمام شبكة تزويد دائمة للبنان، خصوصاً أنه ستتبعها سفن أخرى؟ هل هي مجانية؟ ومن يدفع ثمنها؟ أليس من احتياطي مصرف لبنان لتكون رافداً مالياً لإيران في ظلّ الضيق الاقتصادي الذي تعيشه؟ بما يعني استخدام احتياطي الودائع لتغذية الاقتصاد الإيراني وإلزام مصرف لبنان بفتح اعتمادات لصالح الدولة الإيرانية؟ ثم إذا لم تكن هناك من قدرة للبنان على تغطية نفقات المشتقات النفطية من دول الخارج، فكيف له ذلك على صعيد تلك المستوردة من إيران؟".

ويحذر حمادة من "أننا مقبلون على مرحلة تفجير لبنان من الداخل، تحت عنوان تزويده بالمازوت، ثانياً والموضوع الأهم الذي تجب الإشارة إليه، هو آلية توزيع هذه الكميات، هل ستوزع في أماكن يسيطر عليها "حزب الله" أمنياً؟ أي ستصبح محطات الوقود تحت حراسة وتدابير أمنية ينفذها الحزب ولا سيما لعدم ثقته بالأجهزة الأمنية والدولة اللبنانية؟ هل سنكون أمام 7 أيار جديد بعنوان نفطي هذه المرة، أي ليس بواسطة دراجات نارية بل على صهاريج الوقود؟ أرى أننا ذاهبون إلى مرحلة متقدمة من الصراع تقول فيها طهران إنها قبضت أكثر على لبنان وحاضرة للمواجهة".

وفقاً لذلك، يقول حمادة: "سنكون إما أمام تحلّل للأجهزة الأمنية تحت تأثير الضغط الاقتصادي، وربما ينهار آخر أمل للبنانيين بتلك الأجهزة وننتقل إلى إدارات مدنية واقتتال داخلي وقوى أمن مناطقية، أم يتم تلقف ذلك من مكانٍ ما كي لا نصل إلى الانفجار. للأسف إن التشاؤم يخيّم على المشهد".

المساهمون