نزع سلاح حزب الله يفجّر خلافاً داخل الحكومة اللبنانية.. اعتراضات وتحفّظات

18 مارس 2025
خلال ترؤس الرئيس عون اجتماعاً للحكومة اللبنانية في قصر بعبدا، 11 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصاعد الخلافات حول سلاح حزب الله داخل الحكومة اللبنانية، حيث يطالب وزراء من "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية" بجدولة تسليم الأسلحة، بينما تعترض وزيرة البيئة تمارا الزين، مشيرة إلى أن الأولوية هي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

- مواقف متباينة بين الوزراء، حيث يعتبر وزير الخارجية يوسف رجّي أن سلاح حزب الله يبرر الاعتداءات الإسرائيلية، بينما تؤكد الزين أن المقاومة تحمي الشعب في ظل الاحتلال.

- الحكومة اللبنانية تلتزم بتنفيذ القرار 1701، مشددة على سيادة لبنان وضرورة إقرار استراتيجية أمن وطني تشمل الجوانب العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية.

بدأت ملامح الخلاف تظهر داخل الحكومة اللبنانية حول ملف سلاح حزب الله، وذلك بعدما طالب عددٌ من الوزراء، ولا سيما من حصّة حزبي "القوات اللبنانية" (يرأسه سمير جعجع) و"الكتائب اللبنانية" (يرأسه النائب سامي الجميّل)، بجدولة التسليم ووضع روزنامة واضحة لنزع جميع أسلحة المجموعات المسلحة اللبنانية وغير اللبنانية، فيما واجه هذا الطرح تحفظات واعتراضات في الجلسات الوزارية، خصوصاً في ظلّ استمرار الاحتلال الإسرائيلي للتلال الخمس جنوبي البلاد، وانتهاكاته اليومية، جواً وبراً.

ولعلّ الموقف الأبرز صدر عن وزيرة البيئة تمارا الزين لقناة الحرة أمس الاثنين حيث شددت على أنّ "السياسة هي ابنة الظروف، ولا يمكن القول اليوم بوضع روزنامة لنزع سلاح حزب الله، ولا نعرف بعد ما إذا كان الإسرائيلي سيخرج من النقاط الخمس أو لا". الزين، المحسوبة على حركة أمل (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) في الحكومة اللبنانية برئاسة نواف سلام، ذكرت أن "الموضوع طُرح في مجلس الوزراء ولكل شخص وجهة نظره"، مضيفة: "خلال جولتي على بلدة الخيام، مع رئيس الحكومة ووزيري الطاقة والأشغال، طرح مواطنون سؤالين علينا: الأول: متى سينسحب الإسرائيلي؟ والثاني: هل الحكومة جدية بموضوع إعادة الأعمار، وماذا سيكون الثمن السياسي؟ وحقنا كمواطنين بوجود احتلال وتصريح واضح من قبل الإسرائيلي بعدم الخروج، أن يكون همّنا الأول الانتهاء من الاحتلال، وبحث موعد بدء الإعمار ثم نعمل على ترتيب أمورنا الداخلية"، مشددة على أنّ "الخارج لم يتحدث علناً عن ربط إعادة الإعمار بنزع السلاح، بل تحدث عن ضرورة القيام بإصلاحات".

وأشارت الزين التي تولّت الأمانة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلمية، وعملت على متابعة تداعيات العدوان الإسرائيلي على لبنان، قبل تعيينها وزيرة في الحكومة الجديدة، إلى أنّ "الجيش ينتشر في الجنوب، والتوجه واضح من عند رئيس الجمهورية جوزاف عون، بأن التوقيت لتنفيذ القرارات الدولية تفرضه الوقائع الداخلية، وضمن استراتيجية الأمن القومي"، مشددة على أن "الاستراتيجية لا تحدد على توقيت أحد في الخارج".

ورداً على موقف وزير الخارجية يوسف رجّي (محسوب على حزب القوات اللبنانية)، بأنّ "حزب الله يعطي الذريعة للإسرائيلي باعتداءاته"، قالت الزين: "من حقه أن يقول ما يريد، ويمكن هذه وجهة نظره، لكن حالياً، هذه ليست وجهة نظهر، وليس هناك من ذريعة، حتى طلقة رصاص واحدة لم تخرج من الجانب اللبناني، فكيف تكون الذريعة؟"، مشيرة إلى أن "الإسرائيلي يحرج الجيش والدولة بهذه الطريقة، وهناك فئة كبيرة من الشعب تعتبر أن حمايتها كانت من خلال المقاومة وآمنت ببسط الدولة سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، وهي طبعاً مؤمنة بالجيش من دون أي نقاش بذلك، ولكن عندما تجد أنّه رغم الانتشار الاحتلال مستمرّ والاعتداءات، فهي تزيد هذا التوافق (حول السلاح)".

وردّت أوساط "القوات اللبنانية" على كلام الزين، بالقول: "من غير المقبول قول إحدى الوزيرات إنّ وجود الاحتلال يعطي تلقائياً الحق بالمقاومة، فعن أي مقاومة تتحدث، وماذا أنجزت هذه المقاومة سوى قتل الناس وتهجيرها وتدمير البلد؟ ما على هذه السيدة سوى التزام البيان الوزاري الذي يقول بصراحة إن من يستعيد الأرض هو الدولة". وأضافت: "إذا كان هناك من يريد الانتحار، فهذا شأنه، ولكن إذا كان انتحاره هذا يؤدي إلى نحر البلد، فهذا ليس من شأنه، ويجب منعه بالقوة، وقد أثبتت الوقائع أن خيار ما يسمّى المقاومة هو انتحار للبنان"، مشددة على أنّ "وجود المقاومة أدى إلى الاحتلال واستجرّ الحروب، وزوالها سيؤدي حتماً إلى تحرير لبنان وإنهاء الحروب".

وتعتبر الأوساط المعارضة لحزب الله والممثلة بالحكومة، أهمها على مستوى وزارتي الخارجية والعدل، أنّ "نزع السلاح أمر أساسي ومرتبط بموضوع مساعدة لبنان في إعادة الإعمار، ويجب أن يحصل سريعاً وضمن مهلة زمنية واضحة، وأي تأجيل للبت بهذا الملف يرتدّ سلباً على لبنان وليس من مصلحته"، في حين أنّ أوساط حزب الله تشير إلى أن البيان الوزاري لم يتطرّق إلى أي مهلة زمنية، كذلك فإنّ السلاح سيبقى طالما أن الاحتلال مستمرّ والاعتداءات والانتهاكات متواصلة يومياً، ولا يمكن للخارج أن يضغط ويملي ويضع شروطاً لإعادة الإعمار لتحقيق مكاسب له.

وقبل موقف الزين، تعرّض نائب رئيس الحكومة، طارق متري، لهجوم من معارضي حزب الله، نتيجة موقفه من السلاح، بحيث أكد أولوية تمكين القوى الأمنية، واستحالة وجود حالياً روزنامة لسحب السلاح، علماً أنه لم يعترض على مسألة نزع السلاح، لكن وضَعها ضمن النقاش باستراتيجية الأمن القومي.

وشددت الحكومة، في بيانها الوزاري، على التزامها تعهداتها، ولا سيما لجهة تنفيذ القرار 1701 كاملاً من دون اجتزاء ولا انتقاء، معيدة تأكيد ما جاء في القرار نفسه وفي القرارات ذات الصلة، عن سلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً، حسب ما ورد في اتفاق الهدنة بين إسرائيل ولبنان في 23 مارس/آذار 1949، وتؤكد التزامها الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية، كما وافقت عليه الحكومة السابقة بتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وضُمِّن البيان إشارة إلى أن الدفاع عن لبنان يستدعي إقرار استراتيجية أمن وطني على المستويات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية، وبدولة تملك قرار الحرب والسلم، وتأكيد حق لبنان بالدفاع عن النفس في حال حصول أي اعتداء، وذلك وفق ميثاق الأمم المتحدة، مع العمل على تنفيذ ما ورد في خطاب قسم الرئيس جوزاف عون حول واجب الدولة في احتكار حمل السلاح.

المساهمون