نزاع المحافظين والليبراليين يتجلّى في المحكمة الأميركية العليا

نزاع المحافظين والليبراليين يتجلّى في المحكمة الأميركية العليا

04 سبتمبر 2021
تساؤلات حول كيفية إصدار المحكمة مستقبلاً أحكامها في قضايا حساسة (Getty)
+ الخط -

تجلّى ميل المحكمة الأميركية العليا إلى المحافظين في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب بشكل واضح تماماً، الأسبوع الجاري، عبر قرار مثّل انتكاسة كبيرة في مجال حقوق الإجهاض. وباتت التساؤلات الأبرز في واشنطن حالياً ترتبط بالكيفية التي ستصدر المحكمة الأميركية الأعلى درجة من خلالها أحكامها بشأن قضايا حساسة أخرى، والطريقة التي سيرد من خلالها الديمقراطيون.

قرار بشأن قانون الإجهاض في تكساس

واستناداً إلى حجج إجرائية، رفضت المحكمة بغالبية خمسة أصوات مقابل أربعة حجب قانون في تكساس الخميس، يحظر فعلياً معظم حالات الإجهاض في الولاية.

وقال أستاذ القانون في جامعة إلينوي في شيكاغو ستفين شوين، إن الحكم يمثّل "تحوّلاً شديداً إلى اليمين في المحكمة". وحتى وإن لم تتطرق المحكمة إلى حيثيات قانون تكساس، فإن القرار يلتف تماماً على قضية "رو ضد ويد" التاريخية عام 1973، والتي كرّست حق المرأة في الإجهاض.

ويشير شوين إلى أن قراراً كهذا ما كان ممكناً قبل عام، عندما كانت الليبرالية روث بادر غينسبورغ، التي تُعدّ أيقونة في الدفاع عن حقوق المرأة، من بين القضاة.

وأفسحت وفاة غينسبورغ في سبتمبر/أيلول 2020 المجال لترامب لتعيين ثالث قاضٍ في المحكمة، معززاً هيمنة المحافظين عليها بأغلبية ستة قضاة مقابل ثلاثة. وفي تأكيد على استقلاليتهم، رفض القضاة الطعون التي تقدّم بها ترامب للمحكمة لإلغاء نتائج انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2020 الرئاسية. لكنّ القرار المرتبط بتكساس كشف النقاب عن حقيقتهم المحافظة.

وقالت مديرة مركز القانون الدستوري في جامعة آكرون في أوهايو تريسي توماس: "أزيحت الستارة نوعاً ما"، مضيفة: "تتأثّر قراراتهم بالسياسة وبيئة فقههم القضائي ومعتقداتهم".

ما الذي يمكن توقعه مستقبلاً؟

من المقرّر أن تنظر المحكمة العليا في قانون من مسيسيبي في وقت لاحق هذا العام، من شأنه أن يحظر الإجهاض بعد 15 أسبوعاً من بدء الحمل. وقال شوين: "أتوقع بأن تقلّص المحكمة حق الإجهاض بدرجة كبيرة بموجب "رو ضد ويد"، أو أن تنقضه تماماً". وكما ستستمع المحكمة إلى مرافعات بشأن قضية في نيويورك بإمكانها أن تحدّ من قدرة سلطات المدينة أو الولاية على فرض قوانين لضبط الأسلحة النارية.

وقالت توماس: "إضافة إلى التعديل الأول (في الدستور) والحرية الدينية وحقوق الإجهاض، نرى أيضاً قضاة ناشطين ويشككون في إجراءاتنا الإدارية بأكملها"، منوّهة إلى أن ذلك قد يؤثر على "القضايا التجارية والتنظيمية والبيئية". وأردفت "إنه نشاط واسع النطاق يطاول كل شيء". وتابعت: "إنها محكمة محافظة.. تريد ترك إرث في القانون. من الواضح أن المحافظين ناشطون قضائياً بشكل أكبر مما شهدناه في العقود الماضية".

كيف سيرد الديمقراطيون؟

وصدرت دعوات على مدى أشهر من اليسار الديمقراطي لزيادة عدد القضاة في المحكمة، في مسعى للتخفيف من نفوذ الجناح المحافظ. وبينما أكد الرئيس جو بايدن في البداية بأنه لا يحبّذ الفكرة، إلا أنه عيّن لجنة من الحزبين لاحقاً لبحث مسألة إصلاح المحكمة. ومن المقرّر أن ترفع اللجنة تقريرها قبل نهاية العام.

وأفادت توماس بأنه بينما يمكن أن يتم الإصلاح، إلا أن "السؤال يتعلق بما إن كان ذلك سيُعدّ حكمة سياسية".

وقد تؤدي خطوة كهذه إلى سيناريو يضع فيه كل حزب يصل إلى السلطة بصمته على المحكمة إلى ما لا نهاية. وهناك فكرة أخرى تتمثل بالحدّ من ولاية القضاة، الذين يتولون المنصب حالياً مدى الحياة. وقالت توماس: "في السنوات الأخيرة، لا أعتقد أن أحداً كان يفكّر حقاً بأن هذا خيار مجدٍ"، مشيرة إلى أنه "إذا كان هناك وقت على الإطلاق ينبغي التفكير فيه بذلك، فإنه بلا شك الآن".

وأصدر بايدن بياناً شديد اللهجة بعد قرار الإجهاض المرتبط بتكساس، معتبراً أنه "إهانة لسيادة القانون"، ومتهماً المحكمة بإطلاق العنان لـ"فوضى دستورية".

وأعاد بعض الديمقراطيين في الكونغرس إحياء دعواتهم لإصلاح أعلى محكمة في البلاد، لكن من شأن أي مساعٍ للقيام بذلك أن تقابَل بمقاومة شديدة من الجمهوريين في مجلس الشيوخ. وأكد شوين في هذا الصدد بأنه لا يتوقع أي تغيير كبير قريباً.

(فرانس برس)