نذر حراك انتخابي إسرائيلي بدخول المحكمة العليا على الخط

نذر حراك انتخابي إسرائيلي بدخول المحكمة العليا على الخط

14 نوفمبر 2020
قال غانتس إن نتنياهو لا يعتزم تنفيذ اتفاقية التناوب معه (أرييل شاليت/فرانس برس)
+ الخط -

دخلت المحكمة الإسرائيلية العليا، أول من أمس الخميس، على خط قانونية اتفاق الائتلاف الحكومي بين "الليكود" و"كاحول لفان"، المؤسس لحكومة الطوارئ الوطنية التي تشكلت في إسرائيل في مايو/ أيار الماضي بعد انتخابات مارس/ آذار الأخيرة. وزاد تدخل المحكمة من وتيرة الحراك الحزبي والسياسي الداخلي في إسرائيل الذي قد يفضي إلى انتخابات جديدة، هي الرابعة من نوعها في أقل من عامين.
فقد أمهلت المحكمة الإسرائيلية العليا، الخميس، الحكومة 21 يوماً لتوضيح قانونية تعديل قانون "أساس الحكومة"، الذي مكّن من تعيين الجنرال بني غانتس، في منصب رئيس حكومة بديل، وذلك بعد أن كانت المحكمة قد رفضت في الماضي التدخل في هذا الملف. وفي حال أقرت المحكمة، بعد تلقي جواب الحكومة، صحة الالتماس الذي رفعته في إسرائيل "جمعية نزاهة الحكم" في هذا الشأن، وأبطلت اتفاقية الائتلاف الحكومي، فسيمنح ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فرصة للتخلص من اتفاقية التناوب مع غانتس والذهاب لانتخابات جديدة، على الرغم من أن حزب "الليكود" هاجم قرار المحكمة العليا واعتبره تدخلاً بقرار الناخب الإسرائيلي وتجاوزاً لصلاحيات المحكمة.


اتصالات وخطوات تنسيق بين حزب "كاحول لفان" وأحزاب المعارضة

وتأتي هذه التطورات لتزيد من حالة عدم اليقين بشأن مدة بقاء الحكومة الحالية، لا سيما في ظلّ إقرار زعيم "كاحول لفان" الجنرال بني غانتس، بأنّ نتنياهو لا يعتزم عملياً تنفيذ اتفاقية التناوب معه، وتسليمه مقاليد الحكم في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام المقبل، بحسب الاتفاق المبرم بين الطرفين.

ويزيد من حدة هذا التوتر رفض نتنياهو حتى الآن إقرار ميزانية رسمية للدولة حتى عام 2021 بما يضمن تنفيذ اتفاقية التناوب، وإصراره على إقرار ميزانية فقط للعام الحالي. ووفقاً للوضع الراهن في إسرائيل، فإنه تبقّت للحكومة الحالية 39 يوماً لإقرار الميزانية العامة، أو حلها في 23 ديسمبر/ كانون الأول والاتجاه لانتخابات جديدة خلال تسعين يوماً.

وشهدت الحلبة الحزبية في إسرائيل تحركات مختلفة، كان أبرزها قول غانتس، يوم الأربعاء الماضي، متوجهاً لنتنياهو، إنه وافق على الانضمام إلى حكومة طوارئ وطنية لمواجهة فيروس كورونا وليس لحكومة ترتكب جرائم اقتصادية بحق المواطنين، وهو ما فُسر على أنه تلويح بالاتجاه لحل الحكومة، والتوجه للتنسيق مع المعارضة ولا سيما حزب "ييش عتيد تيلم"، والقائمة المشتركة للأحزاب العربية، لجهة تقديم اقتراح قانون لتبكير موعد الانتخابات.

في موازاة ذلك، نشرت الصحف الإسرائيلية في الأيام الأخيرة تقارير وأنباء مختلفة عن اتصالات وخطوات تنسيق من جديد بين حزب "كاحول لفان" وبين أحزاب المعارضة الأخرى، ولا سيما حزب "ييش عتيد تيلم" الذي كان الشريك الأساسي لتحالف "كاحول لفان" في الانتخابات الأخيرة، قبل أن ينسحب غانتس ويتجه إلى تشكيل حكومة وحدة طوارئ وطنية مع "الليكود" بزعامة نتنياهو.

إلى ذلك، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أمس الجمعة، أنّ "الليكود" يعد مقترح قانون جديد لتغيير صلاحيات وتشكيلة لجنة الانتخابات المركزية في إسرائيل، بما يتيح سيطرة الأحزاب السياسية عليها، ومن ضمن ذلك تعيين ممثلي الأحزاب في مراكز الاقتراع بلا مراقبين من الموظفين الرسميين. كذلك ينصّ الاقتراح الذي كشفت عنه "يديعوت أحرونوت" على بنود تتعلق بتصوير مراكز الاقتراع، ووضع ختم بالحبر الذي يظهر فقط بالأشعة فوق البنفسجية على كف الناخبين، بحجة مكافحة محاولات تزييف الانتخابات.

وكان نتنياهو، وعلى مدار الحملات الانتخابية الأخيرة، قد شنّ حملات تحريض عنصرية ضدّ العرب في الداخل، متهماً إياهم بأنهم يخرقون قوانين الاقتراع ويزيفون النتائج في اللجان الانتخابية المحلية. وحاول نتنياهو خلال انتخابات سبتمبر/ أيلول من العام الماضي تزويد مراقبي "الليكود" في مراكز الاقتراع في البلدات العربية بكاميرات سرية، لكن اللجنة المركزية للانتخابات حظرت ذلك بعد وقوع صدامات ومواجهات مع ناخبين عرب في مراكز الاقتراع العربية.

ويرى مراقبون أنّ نتنياهو لم يتخذ قراره النهائي بعد؛ هل يتجه لانتخابات جديدة أم يستمر بالحكومة الحالية، وأن هذا القرار سيكون مرتبطاً بالتطورات الداخلية، وما تظهره نتائج الاستطلاعات المتواترة حول فرص نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة، وبالأساس تمرير ما يعرف في إسرائيل بالقانون الفرنسي، الذي يحظر محاكمة رئيس حكومة ما دام في منصبه، وذلك مع اقتراب استئناف محاكمة نتنياهو في يناير/ كانون الثاني المقبل، وبدء جلسات الاستماع للشهود والأدلة ضده في ثلاث لوائح اتهام تتهمه بتلقي الرشاوى، وخيانة الأمانة العامة، والاحتيال.


بدء ما يبدو أنه تنسيق بين "الليكود" وزعيم "الحركة الإسلامية"

وفي هذا السياق، شهد الأسبوعان الأخيران تطورات داخلية تتصل ببدء ما يبدو أنه تنسيق بين "الليكود" بقيادة نتنياهو، وزعيم "الحركة الإسلامية" في القائمة المشتركة للأحزاب العربية، النائب منصور عباس، وتواتر الحديث عن الأمر، ومن ضمن ذلك تصريحات صدرت عن عباس لم يستبعد فيها احتمال التعاون مع نتنياهو، بما في ذلك بشأن إقرار القانون الفرنسي، ولو عبر الامتناع عن التصويت (للحركة الإسلامية 4 نواب) مما يوفر لنتنياهو أغلبية لتمرير القانون الذي يجنّبه المحاكمة. وقد ترجم نتنياهو ذلك مطلع الأسبوع عندما شارك للمرة الأولى منذ عامين في جلسة لجنة برلمانية، هي لجنة مكافحة العنف والجريمة التي يرأسها النائب منصور عباس، مقابل إعلان الأخير أنه لا يرى ضرراً في التعاون مع الحكومة لتحقيق مكاسب للعرب في الداخل.

وأثار هذا الموقف وما سبقه من عمليات تنسيق عاصفة في القائمة المشتركة للأحزاب العربية، التي ردت على تصريحات عباس بأنها ترى هذا النهج مناقضاً لنهج معارضة نتنياهو، وفق ما كتبه رئيس القائمة النائب أيمن عودة على صفحته في "فيسبوك". وأدت هذه التطورات إلى تراشق الاتهامات بين أطراف القائمة المشتركة للأحزاب العربية، واتهام أحزاب من داخلها، نتنياهو بأنه يسعى لتفكيك القائمة خدمة لمصالحه الانتخابية، لا سيما بعد تقديم "الليكود" مقترح قانون لخفض نسبة الحسم من جديد وإعادتها إلى 2 في المائة، على أمل أن يشجع ذلك على تفكيك القائمة المشتركة للأحزاب العربية، وخوض "الحركة الإسلامية" بقيادة عباس الانتخابات بشكل منفرد. علماً بأن الأخير، كباقي أقطاب الأحزاب العربية، يعلن تمسكه بالقائمة المشتركة.