استمع إلى الملخص
- رغم توقيع اتفاق لبدء مفاوضات المرحلة الثانية، أقر المتحدث باسم رئيس الحكومة الإسرائيلية بعدم وجود مفاوضات حالياً، مما يعقد الأمور ويهدد بتصعيد جديد.
- تشير التقارير إلى أن حكومة نتنياهو تعرقل الصفقة بعدم الالتزام بالشروط، مع ترويج لتمديد المرحلة الأولى دون نية حقيقية للتقدم.
حاولت أمس بعثة من ست عائلات محتجزين إسرائيليين نيل الاهتمام في مؤتمر ميونخ للأمن، حيث وقف روفي حِن، والد الجندي في جيش الاحتلال، المحتجز لدى حماس، إيتي حِن، متوجهاً إلى جميع المسؤولين الحاضرين ومن بينهم نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، ووزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، ووزيرة القضاء الأميركية، ورئيس المخابرات الأميركي، بالسؤال: هل في رأيكم الدُفعات المقبلة في إطلاق سراح المحتجزين ستكون أسهل أم أكثر صعوبة؟ أجمع المسؤولون بطبيعة الحال على أنها "ستكون أصعب".
حِن ألح بسؤاله: كيف تعتقدون أنه سيُطلق سراح من تبقى في الأسر، قتلى وأحياءً، في المرحلة الثانية أو الثالثة؟ لم يكن لأي من المسؤولين وفقاً لما نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم، عن والد الجندي المحتجز، أية إجابة. وبحسب ما أضافت على لسان محللها للشؤون الأمنية والاستخبارية، رونين بيرغمان، الذي حضر المؤتمر، فإن الأميركيين يقولون إن "جهات مختلفة تحاول العمل بقوّة من أجل إطلاق سراح المحتجزين الأميركيين (الذين حِن أحدهم)". ورغم ذلك، فإن مسؤولي المخابرات الإسرائيلية "يُشككون كثيراً" بأن تصنع حماس "معروفاً" لترامب الذي يتوّعدها مرّة تلو أخرى بالاستئصال.
خلال المؤتمر سألت إحدى الصحافيات وزير الخارجية الإسرائيلي، ساعر: "لقد ذكرت أهداف الحرب، التي إحداها بالتأكيد هي إعادة المحتجزين الإسرائيليين؛ والهدف الآخر هو إزالة أو تفكيك حماس. السؤال كيف بالإمكان تحقيق كلا الهدفين؟". ساعر تجاهل أسراه، واختار الإجابة عن سؤال واحد: "الراديكالية هي من أفضت إلى هذه الحرب. أعتقد أن هزيمة المحور الراديكالي الذي تقوده إيران سيجلب الاستقرار للمنطقة".
"إسرائيل تنتهك الاتفاق"
بخلاف كلام رئيس لجنة الخارجية والأمن، يولي أدلشتاين، فإن "إسرائيل لا تدير في هذه الأثناء مفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الصفقة"، وفقاً لما أقر به عومر دوستري، المتحدث باسم رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الذي اعترف عملياً، وفق الصحيفة، بأن إسرائيل تنتهك الاتفاق الموقع مع حماس.
مصدر أمني رفيع مطلع جداً على الصفقة قال إنه "في كل مرة تظن فيها أنه لا يمكن النزول أكثر، لا بمستوى الأكاذيب، ولا بمستوى سلم الأولويات، وبعد ذلك حياة المختطفين، يتبيّن أنك كنت على خطأ وأنه بالذات دائماً ثمة ما هو أكثر انحداراً في المستويات والأفعال التي يمكن أن يقوم بها هؤلاء الأشخاص (نتنياهو ودائرته) من أجل تحقيق غايات سياسية على حساب حياة المختطفين".
وعلى الرغم من أن الصحيفة لم تكشف عن هوية المصدر الأمني الرفيع، يُرجح أنه رئيس "الشاباك" رونين بار، الذي أقصاه نتنياهو أساساً من المفاوضات، وبعث بدلاً منه إلى الدوحة، نائبه الذي يُشار إليه بالحرف "ميم". وبحسب الصحيفة فإنه من المهم بمكان الالتفات إلى الصيغة التي تحدث بها دوستري، ففي حين أن إسرائيل ليس لديها مشكلة في اتهام حماس في كل مرة بأنها تخرق الاتفاق، أقر المتحدث أنه لا يوجد مفاوضات أساساً وهو "الحقيقة" وفق ما أكّده المسؤول.
ما قاله دوستري أتى على الرغم من أن إسرائيل وقعت على اتفاق بحسبه عليها أن تبدأ المفاوضات مع حماس حول المرحلة الثانية "من دون تأخير"، من اليوم الـ16 للاتفاق، أي قبل أسبوعين، على أن تكون هذه المفاوضات مُكثّفة وتنتهي عند اليوم الـ35 من الاتفاق، أي بعد أسبوع. وفي الوضع الناشئ، وفق المسؤول الأمني، "حتى لو لم تكن لدى الطرفين رغبة في استكمال المفاوضات، فإن التوصل إلى الاتفاق بشأن المرحلة الثانية، بات حالياً صعباً لأنه لا يمكن الوصول إلى ذلك في غضون أسبوع". أهمية المرحلة الثانية، تكمن في أن الاتفاق عليها يُعد استراتيجياً، وتاريخياً؛ إذ إن استكمال الصفقة قد يُحدد اتفاقيات أوسع، بشأن "اليوم التالي" في غزة، وفي الشرق الأوسط عموماً. ومن دون التوقيع على اتفاق شامل بين حماس وإسرائيل "فإنه لا يمكن التقدم إلى الأمام بشيء".
على المقلب الآخر، فإن عدم استكمال الاتفاق لن يفضي فحسب إلى توحّل وسط المخاطرة بحياة المختطفين، كما يصف كبار المجتمع الاستخباري الإسرائيلي الأمر، وإنما إلى "تراجع إلى الخلف وانحدار متجدد للقتال". وبحسب المصدر الأمني فإن نتنياهو ومكتبه ينفون وجود مفاوضات أساساً، وحتّى إنهم لم يُسارعوا ‘اى اتهام حماس بأنها تعرقل مفاوضات المرحلة الثانية، لأن إسرائيل عندئذٍ ستظهر كمن ترغب في البدء بمفاوضات، وفقط حماس من تعرقلها. وتابع المصدر ذاته، أن الدليل على أن نتنياهو يحاول إحباط الصفقة هي أقواله وأقوال المقربين منه، فضلاً عن وزراء حكومته، ومفادها بأن إسرائيل ستستأنف الحرب، أو توافق على التفاوض بشأن المرحلة الثانية، فقط إن خضعت حماس للشروط الموضوعة، وهي نزع سلاح الحركة، ونفي قادتها، وهو شرط سبق أن رفضته حماس. وكما حذّر "بكلمات قاسية، وتهديدات خطيرة بخرق الاتفاق، تتقدم إسرائيل نحو تفجير الصفقة وخطر العودة إلى القتال".
وفي الأثناء، يُروّج مكتب نتنياهو، أنه بالإمكان تمديد المرحلة الأولى من دون الاتفاق حول المرحلة الثانية، لكن المصدر الأمني الإسرائيلي أشار إلى أن "احتمال أن توافق حماس على استمرار تبادل الأسرى، بعد انتهاء المرحلة الأولى وتجاوز قائمة أسماء الأسرى الذين سيفرج عنهم في المرحلة الأولى، أشبه باحتمالات موافقتها على مغادرة جميع سكان القطاع طواعية". المسؤول الأمني كرر أن الوفد الإسرائيلي الذي توجه إلى قطر، بداية الأسبوع الماضي، "هدفه الادعاء أنه يجري تحريك المفاوضات"، وبحسبه "كان الهدف هو القول للولايات المتحدة إن الوفد توجه إلى الدوحة".
وطبقاً لما نقلته الصحيفة عن مصدر رفيع من إحدى الدول الوسيطة في الصفقة، فإنه "على ما يبدو لم يكن للوفد الإسرائيلي تفويض من نتنياهو بالتحدث. الجميع أدرك أن هذا كله محض كلام فارغ، فلا يمكن دفع المفاوضات إذا كان أحد الأطراف ليس معنياً بالاستمرار فيها".
وتعليقاً على مطلب إسرائيل باستعادة العدد الأكبر من أسراها اعتبر المصدر أنه "من الصعب أن يقتنع أحدهم بهذا الكلام؛ فحماس لم تنكسر بعد سنة ونصف من الحرب، فكيف ستنكسر الآن". وطبقاً لما أكده فإنه "من الصحيح أنه لولا ترامب لم تخرج الصفقة إلى حيز التنفيذ"، غير أن كل ما يقوم فيه مذ ذاك "هو التسبب بضرر خطير للصفقة التي دعمها بشدة". وعلى الرغم من أن واشنطن إلى جانب مصر وقطر، وقعت على أن تكفل تنفيذ الصفقة، وبضمن ذلك مفاوضات المرحلة الثانية حتّى نجاحها، فإن "الأمر الأساسي، هو أن حكومة نتنياهو تبذل كل ما بوسعها من أجل عدم التوقيع على المرحلة الثانية، وإدارة ترامب قررت هي الأخرى خرق الاتفاق الذي وقعت عليه بنفسها".