نتائج الانتخابات الألمانية... الحزب - المفاجأة وأبرز الرابحين والخاسرين
استمع إلى الملخص
- شهدت الانتخابات تراجعاً لحزب الاجتماعي الديمقراطي بقيادة أولاف شولتز إلى نحو 16%، ويواجه ميرز تحديات في تشكيل حكومة جديدة مع احتمالية ائتلاف مع الاجتماعي الديمقراطي وحزب الخضر.
- تراجع تمثيل النساء في البرلمان إلى 32%، مع تفوق حزب الخضر، وصعود حزب سارا فاغنكنشت، بينما تراجع حزب الحر الديمقراطي، مما يعكس استقطاباً سياسياً متزايداً.
ربما يكون المستجد الأهم والمتوقع في نتائج الانتخابات الألمانية التشريعية، التي جرت أمس الأحد وصباح اليوم الاثنين، هو أن "جدار الحماية" ضد التطرف السياسي، وتحديداً بوجه حزب البديل من أجل ألمانيا، بات يعاني ثقوباً تخلخل أسسه، ولو بمراكمة النقاط، وتجلّى ذلك بتصدره، "البديل"، قائمة الرابحين في الانتخابات.
ومن الواضح أن المزاج الشعبي الذي عبّرت عنه استطلاعات ما قبل الانتخابات استمر ومنح أقصى اليمين تقدماً بأكثر من عشر نقاط عن انتخابات 2001، ونتيجة ذلك ظهر اللون الأزرق (المعبر عن حزب البديل لأجل ألمانيا) في أماكن جديدة على خريطة توزع القوى السياسية في البلاد، ولا سيما في شرقها، مع تحقيق "البديل" نتائج على المستوى الفيدرالي تتجاوز الـ 20% بقليل. هذه النتائج دفعت تينو شروبالا، زعيم "البديل"، للقول في برنامج تلفزيوني كان يشارك فيه مع أليس فايدل مرشحته إلى منصب المستشارية، على قناة آر دي ARD، إن "كل من يشيّد/ أو يتمسك بجدار الحماية سيحرق نفسه خلفه وهو أمر يعرفه فريدريش ميرز".
وإذا كان اليمين المتطرف بات يرفع صوته شعبوياً استناداً إلى أنه لا يمكن تجميد أصوات 20% من الألمان لحزبهم، لكن يدرك الحزب أيضاً أنه لن يكون بمقدوره الحصول على منصب المستشار الذي ضمنه فريدريش ميرز من التحالف الديمقراطي المسيحي (الاتحادان الديمقراطي المسيحي والاجتماعي المسيحي البافاري) بتحقيقه تقدماً بأكثر من أربع نقاط عن 2021 عبر حصوله على 28.5%، ليزيح من طريقه أولاف شولتز الذي تراجع حزبه الاجتماعي الديمقراطي إلى نحو 16%، حقق في انتخابات 2021 نحو 25%.
ورغم وجود رغبة خفية وغير معلن عنها لدى أوساط "الاجتماعي المسيحي"، الحزب البافاري الشقيق للديمقراطي المسيحي، بفتح النوافذ لحزب البديل لأجل ألمانيا المتطرف، إلا أن ميرز كرر، شأنه شأن بقية أقطاب السياسة الألمانية، أنه سيحافظ على عدم منحه مكاناً دافئاً في التشريع والحكم. وتقول التوقعات إن تركيب حكومة بزعامة ميرز لن تأخذ وقتاً طويلاً، مثلما حدث مع شولتز في أعقاب انتخابات سبتمبر/ أيلول 2021.
أمام ميرز فرصة سانحة لتحويل عربة "الاجتماعي الديمقراطي" إلى أحصنة لحكمه، إذ إن للطرفين تجارب في الائتلاف سابقاً. وليس أمام شولتز، إذا ما بقي على رأس حزبه، إلا الترحيب بالدخول في ائتلاف مع "الديمقراطي المسيحي". ويعطي ائتلاف الطرفين حوالي 328 مقعداً، بينما إذ ضم أي ائتلاف مرتقب حزب الخضر، حال قبل ميرز، فسيكون لدى ائتلاف "كينيا" (نسبة إلى ألوان الأحزاب المشاركة) 413 مقعداً من أصل 630.
وعلى عكس اليمين المتطرف، يعد حزب شولتز أبرز الخاسرين في الانتخابات، واعترف شولتز بالهزيمة سريعاً. ودخل "البديل" المتشدد معترك السياسة بصورة جدية في 2013 وحقق صعوداً صاروخياً على حساب إزاحة حزب شولتز، الاجتماعي الديمقراطي، العريق عن مكانته المتقدمة على قوائم الأحزاب الأكثر شعبية. والمفارقة هنا أن نسبة الـ 10% الإضافية التي حققها "البديل"، مضاعفاً بذلك نسبته التي حققها في 2021، كانت تعادل تقريباً النسبة التي خسرها يسار الوسط. بالطبع، ذلك لا يعني أن يسار الوسط نزف في المصوتين له لمصلحة اليمين المتطرف.
ومن الواضح أيضاً أن حزباً جديداً انطلق فقط قبل عامين، وهو حزب سارا فاغنكنشت المنشقة عن اليسار "دي لينكه"، استطاع جذب المصوتين له وإن بقي يصارع على حافة عتبة الحسم المحددة بـ 5% (إذ نال 4.9%)، وفي ذلك طبعاً نتيجة تسعد من احتمى بتحالف فاغنكنشت من الأقليات من أصول مهاجرة وطبقة ناقمة على دي لينكه. كما أظهرت النتائج حتى عصر اليوم الاثنين توديع "الحر الديمقراطي" للبوندستاغ بتراجعه بأكثر من سبع نقاط عن 2021، إذا لم يحقق حتى نسبة الحسم 5% (إذ نال 4.3%)، وأعلن وزير المالية السابق ألكسندر ليندنر عن رغبته بترك الحزب.
وعلى المقلب الآخر، ورغم أن النتائج أظهرت أن حزب اليسار، دي لينكه، حقق تقدماً بتحصيله نحو 8.8%، أي بأكثر من 3% عن 2021، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن نسبة اليسار سيكون لها دور في المداولات التي ستجري لأجل تشكيل الحكومة القادمة، فمسألة منع "أجنحة التطرف" (يساراً ويميناً) من النفوذ على مستوى الحكم يبقى حائط صد. مع ذلك، فإن تقدم اليسار يقدم بعض مؤشرات على وجود حالة استقطاب في الحياة السياسية الحزبية الألمانية، وإن لم يكن تقدمه بذات القدر الذي يحققه حزب البديل لأجل ألمانيا، بمضاعفة مقاعده تقريباً.
ومن الملاحظ أيضاً، بحسب نتائج الانتخابات الألمانية ووفق توزيع المقاعد الأولية، تراجع تمثيل النساء مقارنة بالانتخابات السابقة. إذ من بين 630 برلمانياً لن يكون للنساء سوى 204 مقاعد من مختلف التيارات، أي بواقع نحو 32% (34% في 2021)، والأكثرية في صفوف "الخضر" بواقع 52 من أصل 85 برلمانياً، فيما اليسار جاء ثانياً لناحية تمثيل المرأة في صفوف برلمانييه، 36 من 64 مقعداً، وعند الاجتماعي الديمقراطي فإن النساء بلغت نسبتهن نحو 41%، حوالي 50 من أصل 120 مقعداً. وبطبيعة الحال يبقى تمثيل المرأة في صفوف يمين الوسط، الديمقراطي المسيحي، عبارة عن أقلية، إذ حصلن على نحو 48 من أصل 208 مقاعد. أما حزب البديل فليس فيه تمثيل للنساء سوى بنحو 11.8%، أي بواقع 18 برلمانية من أصل 152.