يترقّب اللبنانيون انعكاسات الهدنة الإنسانية المؤقتة في غزة على المعارك الدائرة على الجبهة الجنوبية بين جيش الاحتلال الإسرائيلي و"حزب الله"، التي لا تزال حتى هذه اللحظة تشهد تصعيداً متزايداً وخطيراً، ما يبقي احتمال توسّع رقعة المواجهات المندلعة منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قائماً.
وفي هذا السياق، يؤكد عضو كتلة "حزب الله" البرلمانية، "الوفاء للمقاومة"، النائب رامي أبو حمدان لـ"العربي الجديد"، أن انعكاس الهدنة في غزة على لبنان "تحصيلٌ حاصلٌ"، لأن المقاومة وقفت إلى جانب غزة، وكانت الجبهة الجنوبية مساندة لها، وبالتالي، فإن كلّ ما يريح غزة يريحنا، ووقف إطلاق النار في القطاع سينسحب على لبنان، فالأمور باتجاه واحد، وليست منفصلة.
ويضيف أبو حمدان أن "ما يحصل في غزة ينعكس على لبنان، بعدما أصبحنا جبهة واحدة، لكن انعكاس الهدنة يبقى مرهوناً بالميدان، فإذا استمرّ العدو الإسرائيلي باعتداءاته جنوبيّ لبنان، لن نسكت، وسنردّ عليها".
في المقابل، يقول أبو حمدان إن "العدو يتعاطى بشكلٍ منفصل بموضوع تهديد "حزب الله" بالجنوب، أي عندما يطرح أخيراً عمليات لإخراج مقاتلي "حزب الله" من جنوب الليطاني، فهذا لا علاقة له بغزة، بل بسياق عام للمواجهة مع العدو".
تبعاً لذلك، يجدّد أبو حمدان تأكيده أن "انعكاس الهدنة الداخلية بغزة على الجنوب اللبناني، مرهونٌ بالعدو الإسرائيلي، نحن ملتزمون ما فيه مصلحة وطنية بالدرجة الأولى وعدم ترك أهلنا بفلسطين للاستفراد فيهم من قبل العدو".
وحول ما إذا كان احتمال الحرب لا يزال قائماً على مستوى كل لبنان، يقول أبو حمدان إن "توسّع رقعة الاشتباكات مرهونٌ بالإسرائيلي، نحن لسنا الجهة المعتدية، وهذا تحصيلٌ حاصلٌ، فالعدو هو الذي يقول أين ستذهب المواجهة، سواء على صعيد توسعتها واستكمال ما يرتكبه من مجازر بغزة، أو لناحية استمراره بالاعتداء علينا، وبالتالي، فإن الموضوع ميداني بحت".
وأعلنت حركة "حماس"، فجر اليوم الأربعاء، التوصل إلى اتفاق على هدنة إنسانية لمدة أربعة أيام "بجهود قطرية ومصرية"، مضيفة في بيان صحافي أنه بموجب الاتفاق، سيتم "وقف إطلاق النار من الطرفين، ووقف كل الأعمال العسكرية للجيش الاسرائيلي في مناطق قطاع غزة كافة، ووقف حركة آلياته العسكرية المتوغلة في القطاع".
وأكدت الحركة أنه "سيتم إدخال مئات الشاحنات الخاصة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود إلى كل مناطق قطاع غزة بلا استثناء شمالاً وجنوباً"، مشيرة إلى أنه سيتم "وقف حركة الطيران في (الجنوب) على مدار الأربعة أيام، ووقف حركة الطيران في (الشمال) لمدة 6 ساعات يومياً من الساعة 10:00 صباحاً حتى الساعة 4:00 مساء".
وبحسب بيان "حماس"، فإنه سيتم "إطلاق سراح 50 من محتجزي الاحتلال من النساء والأطفال دون سن 19 عاماً، مقابل الإفراج عن 150 من النساء والأطفال من أبناء شعبنا من سجون الاحتلال دون سن 19 عاماً".
استمرار التصعيد على الجبهة اللبنانية
ميدانياً، نفذ الاحتلال الإسرائيلي منذ ساعات صباح اليوم الأربعاء، أكثر من غارة جوية عنيفة استهدفت أطراف بلدات حدودية جنوبية، وقصف نقاطاً عدّة على صعيد عيترون، وعيتا الشعب، والقليعة، ومروحين، وغيرها من القرى، مستكملاً سياق عملياته التي كانت أمس من أشدّها، وقد أدت إلى سقوط 9 شهداء، بينهم صحافيان في قناة "الميادين".
من جهته، نفذ "حزب الله" أكثر من عملية عسكرية ضد المواقع الإسرائيلية، استهدف عناصره خلالها تموضعات جنود وآليات الاحتلال في محيط موقع الراهب بصاروخي بركان، فضلاً عن استهداف موقعي بياض بليدا وراميا بالأسلحة المناسبة، وتحقيق إصابات مباشرة فيها.
كذلك، استهدف "حزب الله" ثكنة يفتاح (قرية قدس اللبنانية المحتلة) وأكد تحقيق إصابات مباشرة فيها، إلى جانب إعلانه استهداف تموضع مشاة لجنود الاحتلال في محيط ثكنة زرعيت بصاروخي بركان، وإصابته إصابة مباشرة، واستهداف ثكنة ميتات مقابل بلدة رميش وتحقيق إصابات مباشرة فيها، وغيرها من العمليات، التي تؤكد أوساط الحزب أنها ستبقى مستمرّة ما دام العدو يواصل اعتداءاته.
وانتُشلَت اليوم جثة ثانية كانت لا تزال عالقة في أحد المنازل التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي قبل يومين في بلدة الخيام، جنوبيّ لبنان، فيما نعى "حزب الله" مقاتلاً جديداً من عناصره، هو محمد ربيعة عودة "ناصر" من بلدة الخضر في البقاع، ليرتفع بذلك عدد شهداء الحزب إلى 80 منذ بداية المواجهات في 8 أكتوبر.