مُسيرات المقاومة... على طريق المواجهة مع إسرائيل

مُسيرات المقاومة... على طريق المواجهة مع إسرائيل

30 ابريل 2022
كشفت "سرايا القدس" عن مسيّرة "جنين" (الموقع الإلكتروني لسرايا القدس)
+ الخط -

أماطت "سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، يوم الخميس الماضي، اللثام عن مُسيرة "جنين"، كسلاح جديد تم تصنيعه محلياً على يد كوادرها، لتصبح التنظيم العسكري الثاني الذي يمتلك هذه القدرات بعد "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة حماس.

وبهذا الإعلان، يدخل سلاح المسيرات رسمياً إلى ساحة المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب الصواريخ البعيدة ومتوسطة المدى التي تمتلكها المقاومة، والتي كانت حاضرة بقوة في المواجهة الأخيرة العام الماضي، عدا عن المنظومة المضادة للدروع.

المواجهة في مايو كانت أكثر جولات التصعيد استخداماً لسلاح المسيرات

وعلى الرغم من بدائية هذه الطائرات أمام ما يمتلكه الاحتلال من منظومات جوية ودفاعية، إلا أنها تحقق بالنسبة لفصائل المقاومة أهدافاً مرحلية ذات بعدين؛ الأول هو تحقيق عنصر المباغتة والمفاجأة، والثاني يتمثل في إشغال المنظومة الأمنية الإسرائيلية وإقلاقها.

مسيّرات المقاومة الفلسطينية... تطوير منذ عام 2006

وتعتبر المواجهة الأخيرة التي خاضتها فصائل المقاومة مع الاحتلال في مايو/أيار من العام الماضي، أكثر جولات التصعيد استخداماً لهذا السلاح. غير أن محاولة امتلاك هذه المنظومة تعود للعام 2006، إذ كانت أولى المحاولات حينها من قبل الذراع العسكرية لحركة حماس.

وفي عام 2008، نجح فريق من المهندسين يقوده التونسي محمد الزواري الذي اغتاله الموساد نهاية عام 2016 أمام منزله في صفاقس التونسية، بإنتاج 30 طائرة مسيّرة في الخارج، قبل أن يتم الانتقال بها إلى الداخل في الفترة ما بين 2011 إلى 2013.

وقد حضرت مُسيرة "أبابيل" المصنوعة محلياً للمرة الأولى في حرب عام 2014، عندما أعلنت "كتائب القسام" بصورة رسمية عن امتلاكها هذه الطائرة بثلاث نسخ؛ هجومية وانتحارية واستطلاعية، فيما كانت المفاجأة إعلان الذراع العسكرية لـ"حماس" أن إحدى هذه الطائرات حلقت في ذلك العام فوق مبنى وزارة الحرب الإسرائيلية "الكرياه".

وتتابعت محاولات المقاومة لتطوير هذا النوع من السلاح، في ظل تتالي جولات التصعيد مع الاحتلال، لتشهد المواجهة الأخيرة إعلان كتائب القسام عن امتلاكها نوعاً جديداً من الطائرات المسيّرة يحمل اسم "شهاب" وهو مختلف تماماً عن طائرة "أبابيل".

وعكست الهجمات التي نفذتها طائرات "شهاب"، ولا سيما استهداف مصنع للبتروكيميائيات في مستوطنة نير عوز في صحراء النقب في مايو الماضي، تطوراً نوعياً في قدرة هذه الطائرات، مقارنة مع ما كانت عليه في السابق، ولا سيما لناحية التلاعب بالمنظومة الدفاعية للاحتلال وراداراته.

وادعى الاحتلال في أكثر من مناسبة إسقاطه لعدد من هذه الطائرات، إلا أن حديث المختصين الأمنيين لديه يتركز على مخاطر امتلاك العشرات أو المئات من هذه المنظومة في غزة، وانخفاض تكلفتها التي لا تتجاوز 300 دولار أميركي، أمام تكلفة إسقاطها.

تقارير عربية
التحديثات الحية

مسيّرة "جنين"... هاجس جديد للاحتلال الإسرائيلي

ويشكل الإعلان الأخير للذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، حول مسيّرة "جنين"، هاجساً جديداً للاحتلال، الذي يخشى من أن تشهد الفترة المقبلة هجمات نوعية ضده بهذه الطائرات من قبل الفصائل في غزة، خصوصاً في ضوء تحذيرات سابقة من امتلاك أطراف عدة في المنطقة لهذه التقنية، من بينها "حزب الله" اللبناني وفصائل محسوبة على إيران في اليمن والعراق.

وتعتبر المُسيرات التي تمتلكها المقاومة بصورتها الحالية، سلاحاً ذا طابع هجومي يمكن استخدامه لتنفيذ عمليات استهداف مباشرة للجنود أو الأرتال العسكرية، وهو سلاح يضاف إلى سلاح الأنفاق الهجومية الذي زعمت إسرائيل أنها حدت منه من خلال الجدار الذكي الذي أنشأته.

وعلى الرغم من بدائية التقنيات المتوفرة في هذه المُسيرات، إلا أن هذه الأخيرة تمتاز بسهولة الإطلاق وبقدرتها على التحليق لمسافات متوسطة، وسط مساع متواصلة لتطويرها لتصبح قادرة على التحليق لمسافات أكثر ارتفاعاً، وهو ما يخشى الاحتلال حدوثه.

العقيدة العسكرية للمقاومة بدأت تشهد في الآونة الأخيرة تغيّراً ملموساً

في السياق، يقول الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، حسن لافي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن تطوير المسيّرات "يعتبر تطوراً نوعياً في عمل المقاومة، في ظل الحصار الإسرائيلي، لا سيما أنه يتم تصنيع هذه المسيّرات بإمكانات ذاتية وبعقول فلسطينية، فضلاً عن أن ذلك يمثّل تحدياً للاحتلال على مستوى جبهة جديدة عبر القوة الجوية".

ويضيف لافي أن إدخال هذا النوع من القدرات العسكرية "يعكس وجود قرار لدى المقاومة بكسر التفوّق العسكري للاحتلال في الجو، وهو ما سيجعل المنظومة الأمنية الإسرائيلية تتعامل مع المسيّرات بالقدر ذاته من الأهمية التي تعاملت بها مع الصواريخ".

وبحسب المتحدث نفسه، فإن "العقيدة العسكرية للمقاومة بدأت تشهد في الآونة الأخيرة تغيّراً ملموساً، ولا سيما لناحية إنهاء حقبة الدفاع والبحث عن التحوّل للهجوم بأدوات وأساليب مختلفة؛ بدءاً من الصواريخ وانتهاءً بالمسيرات".

ويرى لافي أن "شكل المواجهة المقبلة سيكون مختلفاً مع بروز الطائرات المسيّرة في قطاع غزة، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى إنتاج معادلة جديدة من شأنها تشكيل تهديد للتفوق النوعي الإسرائيلي في الجو".

المساهمون