ميقاتي يجري استشارات التأليف: مناورة جديدة وتعويل على الضغط الدولي

ميقاتي يجري استشارات التأليف: مناورة جديدة وتعويل على الضغط الدولي

27 يوليو 2021
تغطي مهمة ميقاتي أجواءً ملبَّدة (حسين بيضون)
+ الخط -

حرص رئيس الوزراء اللبناني المكلف، نجيب ميقاتي، على تعجيل استشارات تأليف الحكومة غير الملزمة التي تُقام اليوم الثلاثاء في مجلس النواب، لإظهار نيات التعجيل كما فعلَ سلفه سعد الحريري الذي انطلق بحركة ناشطة ولقاءات مكثفة مع الرئيس ميشال عون، قبل أن تتبدّلَ الأحوال لحدّ القطيعة والتعطيل الذي دام 9 أشهرٍ.

وتغطي مهمة ميقاتي أجواء ملبَّدة، في ظلّ تفاؤلٍ يُسرَّب بأنّ عملية تأليف الحكومة لن تطول، وقد تنجح قبل ذكرى انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/ آب المقبل، كمناورة جديدة لتنفيس الاحتقان الشعبي وتخفيف الغليان الاقتصادي وتلبية النداء الدولي، لتحفظ المنظومة السياسية رأسها المقيّد بمقصلة العقوبات.

وفي وقتٍ لم تلقَ تسمية ميقاتي ترحيباً شعبياً، بوصفه جزءاً من المنظومة التي تتمسك بالحكم لتحمي نفسها من المحاسبة والمساءلة على انهيار البلاد ونهب المال العام، يعوّل الرئيس المكلف على الضغط الدولي وتفاقم الأزمات كورقة ضغطٍ باتجاه تسريع التشكيل وتهدئة الشارع اللبناني، مقابل ما تحدّث عنه أمس من ضمانات خارجية تساعد على انتشال لبنان اقتصادياً.

وتحرص أوساط ميقاتي على التأكيد أنّ "تأليف الحكومة قد يكون مسألة أيامٍ إن تعاونت الكتل السياسية فيما بينها، وقامت بخفض سقفِ مطالبها للتلاقي على توافقٍ مطلوبٍ داخلياً وخارجياً، وخصوصاً فرنسياً". وتؤكد لـ"العربي الجديد" أن "ميقاتي سيضع الرئيس ميشال عون في أجواء مشاوراته، وقد يتجه إلى بعبدا بعد ظهر اليوم ليُناقشا الأفكار ويبحثا في الصيغة الحكومية التي يتفق الرجلان على ضرورة أن تندرج في إطار المبادرة الفرنسية".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

 

ويلقى ميقاتي، كما سلفه سعد الحريري، دعماً كبيراً من رئيس البرلمان نبيه بري، الذي يعمل من خلف الستار على تأليف حكومة بوقتٍ سريعٍ، لكن من دون أن تشكل انتصاراً لفريق عون – باسيل المتمسّك بمطالبه الوزارية، ولا سيما على صعيد وزارة الداخلية، وحقائب سيادية يرفض التنازل عنها، وهو يعوّل هذه المرة على مرونة من جانب فريق العهد، الذي في حال اعتذار ميقاتي، سيظهر أمام الرأي العام أنه المسؤول الوحيد عن التعطيل.

ويؤكد مصدر قيادي في "التيار الوطني الحر" (يتزعمه النائب جبران باسيل) لـ"العربي الجديد" أن "التشاور بين باسيل وميقاتي سيكون قائماً، وخصوصاً بعد اللقاء الذي جمعهما مساء السبت، فيما كان سعد الحريري يريد أيضاً إقصاء التيار، صاحب الأكثرية النيابية والثقل المسيحي البرلماني، وبالتالي إن التشاور مع الكتل واحترام ما تمثله مهم جداً".

ويقول الوزير السابق سجعان قزي لـ"العربي الجديد"، إن "عملية تشكيل الحكومة ليست سهلة بالقدر الذي يتصوّره البعض، إلا إذا حصلت تنازلات من جانب الفريقين، وهو ما لا أعتقد أنهما قادران عليه في هذه المرحلة". ويلفت إلى أن "المجتمع الدولي سيدعم الحكومة التي ستتألف إذا التزمت المعايير التي حدّدها ويطلبها الشعب، والتي بالتالي تكون مؤلَّفة من اختصاصيين وغير حزبيين، قادرة على قيادة الإصلاح والتعاطي بشفافية مع المؤسسات الدولية".

ويضيف: "واضح أن هناك عناصر داخلية حالت دون تأليف الحكومة، ولكنها وحدها ما كانت لتتمكّن من التعطيل، حيث إن إيران صادرت القرار اللبناني ولن تفرج عنه إلا لدى اتضاح مسار المفاوضات في فيينا حول الاتفاق النووي، أو نتيجة ضغطٍ دولي كبيرٍ، ولا مؤشرات حتى الآن على الصعيدَيْن المذكورَيْن".

ويرى قزي أن "تمسّك عون بوزارة الداخلية أمرٌ "طبيعي" بالنسبة إلى العهد، "التيار الوطني الحرّ" و"حزب الله"، فهم ليسوا بصددِ تأليف حكومة بقدر ما هم يحضّرون للانتخابات النيابية المقبلة ورئاسة الجمهورية".

أما "حزب الله" بتسميته ميقاتي، وهو ما لم يفعله مع سعد الحريري في الاستشارات النيابية الملزمة، فيريد أن يظهر بمظهر المُسهِّل، بحسب قزي، الذي يصفه بالتكليف النظري علّ ميقاتي يردّ على ذلك بتنازلاتٍ معيّنة، ويقول: "لا أرى أن ميقاتي في هذا الوارد لأنه أيضاً ينتمي إلى بيئة لم تعد تتحمّل التنازلات".

بدوره، يأسف القائم بأعمال سفارة لبنان السابق في المملكة المتحدة السفير هشام حمدان في حديثٍ مع "العربي الجديد"، لأن "يضع الغرب يده مجدداً مع الطبقة السياسية الفاسدة مضحياً بكلّ القيم التي يقوم عليها، ربما لاعتقاده أن الأهم اليوم تمرير هذه المرحلة الفاصلة عن الانتخابات من دون انهيار أو فوضى، وإرادته توفير بعض مقومات الصمود للشعب إلى أن يأتي الاستحقاق المنتظر العام المقبل".

ويشكّ حمدان في أن "ينجحَ ميقاتي أو غيره في تأليفِ حكومة لا توافق طموحات "حزب الله"، الذي سيظلّ يتحرّك من خلال باسيل والرئيس عون، وهو يعلم أنّ حال الانهيار يشكل عامل ضغطٍ لمصلحته في وجهِ المجتمع الدولي".