موسكو تطالب واشنطن بـ"تحرك أكبر" لإحياء الاتفاق النووي مع إيران

موسكو تطالب واشنطن بـ"تحرك أكبر" لإحياء الاتفاق النووي مع إيران

25 سبتمبر 2021
عبر لافروف عن أمله في أن تستأنف المفاوضات في فيينا قريباً (تاس)
+ الخط -

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم السبت، أنّ على الولايات المتحدة "أن تتحرك بشكل أكبر وتحل كل القضايا المتصلة" بإحياء الاتفاق النووي مع إيران. كما أدان، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، العمليات الاستيطانية الإسرائيلية

وجاءت تصريحات لافروف خلال مؤتمر صحافي عقده على هامش أعمال الجمعية العامة رفيعة المستوى التي تعقد في نيويورك حتى الإثنين.

وقال لافروف: لا يمكن تحقيق أمن إسرائيل إلا بالتوصل إلى اتفاق مع الطرف الفلسطيني

وأوضح رداً على سؤال لمراسلة "العربي الجديد" في نيويورك حول الاستيطان: "ندين كافة الأنشطة الاستيطانية، ونعتبرها غير قانونية، وتعطل إنشاء الدولة الفلسطينية". ووصف في الوقت ذاته حل الدولة الواحدة، الجميع فيها متساوٍ، بأنه غير واقعي. وقال إن ذلك قد يخلق دولة "أبارتهايد" (فصل عنصري)، وسينهي طابع الدولة اليهودية لإسرائيل. واعتبر حل الدولتين هو الأمثل.

ورداً على سؤال آخر حول فلسطين وتصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بسحب الاعتراف بإسرائيل إذا لم تنهِ الأخيرة احتلالها لفلسطين، قال لافروف: "إن هذه القضية (الفلسطينية) طويلة ومعقدة بالفعل. وحاولت الإدارة الأميركية السابقة القفز على الكثير من الحقائق، عندما اعتبرت الجولان (السوري المحتل) جزءاً من الأراضي الإسرائيلية، واعتقدت أن حل القضية الفلسطينية يمكن أن يكون بتكوين كيان أقل من دولة. وأكد على أهمية عودة إدارة بايدن والالتزام بحل الدولتين. وعبر عن أسفه لقول رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه غير ملتزم بحل الدولتين. مؤكداً في الوقت ذاته أن "الآراء داخل الكنيست غير موحدة حول الموضوع".

ورأى الوزير الروسي أن أمن إسرائيل لا يمكن تحقيقه إلا بالتوصل إلى اتفاق مع الطرف الفلسطيني، وحل الدولتين، بما تنص عليه قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. ثم أكّد على ضرورة عدم إغفال المسألة الفلسطينية التي طالت كثيراً. وأثنى على "المبادرة العربية" التي أطلقت قبل عشرين عاماً، والتي ارتكزت على مبدأ قيام الدولة الفلسطينية أولاً ثم التطبيع مع إسرائيل. ووصفها بالمنهج الحكيم. وقال إن إدارة ترامب عكست ذلك في "اتفاقيات أبراهام"، لأنها رأت التطبيع ركيزة لها والتعامل مع الوضع الفلسطيني أمراً لاحقاً.

وأشار إلى ترحيب بلاده بأي علاقات تطبيع، مستدركاً أن تلك الاتفاقيات، مع البحرين والإمارات والمغرب والسودان، بحاجة لأن تثبت بأنها تدفع بالفعل نحو قيام دولة فلسطينية مستقلة. وأعتبر غياب حل للقضية الفلسطينية أحد العوامل الأساسية التي تُستغل في المنطقة، وتذكي التطرّف، خاصة أن وعود قيام دولة فلسطينية قُطعت قبل ثمانين عاماً. وعبّر عن تأييد بلاده لعقد مفاوضات ومؤتمر حول ذلك، مؤكداً في الوقت ذاته أنه يجب التحضير لذلك جيداً. ووجّه انتقادات للقادة الفلسطينيين وانقساماتهم، خاصة تلك التي بين "حماس" في غزة و"فتح" في الضفة.

لافروف: اليمن يشهد أكبر عمليات مساعدات إنسانية حول العالم

وفيما يخص اليمن، ورداً على سؤال آخر لـ"العربي الجديد"، حول ما إذا كان المجتمع الدولي قد خذل اليمنيين، بعدم الضغط بما يكفي على أطراف النزاع، حيث يحتاج الملايين في اليمن إلى مساعدات إنسانية ماسة ويخيّم شبح المجاعة عليهم بحسب الأمم المتحدة؛ قال لافروف في هذا السياق: "لا يمكنني القول إن المجتمع الدولي لم يقم بما يكفي لإقناع أطراف النزاع للانخراط في المفاوضات، ووقف الاتهامات المتبادلة. هناك عدد كبير من العوامل... تتعلق برغبات بعض الأفراد أن يبقوا في الحكم لمدة أطول، مما يؤثر سلباً على مسار المفاوضات وآفاق التوصل إلى اتفاق. لن أدخل في تفاصيل أكثر، ولكن الحقيقة أن اليمن يشهد أكبر عمليات مساعدات إنسانية حول العالم، هذا أمر قلناه منذ مدة طويلة، عندما بدأ الصراع وكان في بدايته. عن طريق سفارتنا، لدينا سفير يعمل في الرياض. وهناك مجموعة مكونة من عدد من السفراء ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، تم تشكيلها لدعم هذه العملية. ونأمل أن نتمكن بالتدريج من فتح تلك الطريق المسدودة،... وآمل أن يستوعب الجميع أن هذا لن يوصلنا إلى أي شيء".

لافروف: لا توجد حالياً ضرورة لرفع العقوبات عن "طالبان"

وفي الشأن الأفغاني، قال وزير الخارجية الروسي: "نؤمن بأن الانسحاب المتسرّع للقوات الأميركية وقوات الناتو الأخرى تم من دون أخذ تبعات ذلك في الحسبان. وكما تعلمون هناك الكثير من الأسلحة التي تُركت في أفغانستان. ونرى من الضروري أن لا يتم الاستيلاء عليها، واستغلالها لأغراض مدمرة". ثم أشار إلى تعهّد "طالبان" بمحاربة الإرهاب، بما في ذلك "القاعدة" و"داعش"، والحيلولة دون أن تؤدي أعمالهم إلى زعزعة الاستقرار لدى جيرانهم، وتعهدهم باحترام حقوق المرأة، وتشكيل حكومة جامعة. وأضاف: "الأهم هو أن يتم الوفاء بتلك الوعود، وقد اتخذت الخطوات الأولى بتشكيل حكومة انتقالية. وطبعاً لا تعكس كل أطياف الشعب الأفغاني. ونحن مستمرون في المحادثات عن طريق الترويكا الموسعة، روسيا والصين والولايات المتحدة وباكستان". ورأى أن الحكومة الأفغانية الحالية مؤقتة.

وحول رفع العقوبات الدولية أو الوطنية عن أعضاء في حركة "طالبان"، بما فيها قضية تجميد الأموال الأفغانية في المصارف الدولية؛ قال الوزير الروسي: "إن الوضع الحالي لا يعيق اتصالاتنا مع طالبان، والعقوبات المفروضة من قبل مجلس الأمن، بحسب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا تحرم هذه الاتصالات، بل على العكس، هناك حاجة لتطبيق تلك القرارات وإحراز تقدّم في المسار السياسي، وهذا غير ممكن من دون العمل مع طالبان". وذكر أن الاتصالات الروسية مع "طالبان" هي من أجل التأكد من أمن الرعايا الروس في أفغانستان، وتيسير المحادثات الأفغانية الافغانية. وشدد على أنه لا توجد حالياً ضرورة لرفع العقوبات، وأن البت في هذا الأمر، يتعلّق بمدى تطبيق "طالبان" وعودها والتقدم المحرز.

وعن الاتفاق النووي الإيراني و"خطة العمل الشاملة المشتركة"، وعودة إيران إلى الاتفاق، رأى لافروف أن "إيران ملتزمة بمعاهدة حظر أسلحة الدمار الشامل والبروتوكولات الأخرى. وصحيح أنها غير ملتزمة بأغلب التزاماتها التي تنص عليها خطة العمل الشاملة المشتركة، والتي لا تطبق حالياً بالشكل الصحيح لأن الولايات المتحدة خرجت من تلك الاتفاقية. والحوار الآن حول إعادة العمل بهذه الاتفاقية، وبعدها لن يكون لإيران أي تبرير من أجل عمل أي استثناءات للتعهدات التي قطعتها على نفسها".

وأشار إلى أن الجانب الإيراني وبتشكيله حكومة جديدة وتغيير الموظفين والمفاوضين سيحتاج بعض الوقت، وقال إنه يأمل أن لا يستغرق ذلك أكثر من أسبوعين إضافيين أو أكثر. وأضاف: "عندما خرجت الولايات المتحدة من الاتفاق استمرت إيران ولمدة سنة في الالتزام بالاتفاقية، على أمل أن تعود الولايات المتحدة لرشدها وتعود إلى الاتفاقية. والقول الآن إن الوقت ينفذ، يمكن أن يقوله أي أحد، ولكن ليس واشنطن. طبعا كانت الإدارة السابقة، وهذا ما ورثته الإدارة الحالية. وهي التي صاغت الاتفاقية، يبدو لي أنه من الواجب عليهم أن يكونوا نشيطين أكثر بحل كل الأمور المتعلقة بهذا الأمر".

وأضاف: "هناك أمر آخر، وهو العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة ضد إيران، بادعاء أنها خرقت الاتفاقية، ولكن هذه العقوبات لا تتعلق فقط بالجانب الإيراني، بل هي ضد جميع الذين يتاجرون بشكل قانوني مع إيران، بما فيها شحنات عسكرية. وقد نفذ القرار الذي يمنع ذلك. ويجب أن يتم رفعها كجزء من إعادة العمل بالاتفاقية. ويجب ألا يعاني شركاء إيران التجاريون من هذه الإجراءات كذلك".

المساهمون