مودي الهند... الشعبوية الصارخة

مودي الهند... الشعبوية الصارخة

10 يونيو 2022
تجاوز مودي وجماعته شعبوية بعض الغربيين (Getty)
+ الخط -

منذ ما قبل وصول ناريندرا مودي إلى السلطة في الهند في 2014، ساهم مع حزبه "بهاراتيا جاناتا"، ومتفرعاته المستعدة للعنف مثل جماعة "RSS" (راشتريا سوايامسيفاك سانغ)، في رفع منسوب القومية المتطرفة.

استهداف المسلمين- والتحريض عليهم- ليس جديداً، بل يشمل بقية الأقليات الدينية والمكونات والأحزاب التي لا تسير في ركب القومية المتعصبة، التي خلقها مودي خلال توليه ولاية غوجارات، بحسب ما رصده كريستوف غافريلوت في كتابه العام الماضي "مودي الهند... القومية الهندوسية وصعود الديمقراطية العرقية".

لسنوات، ظلت التقارير الحقوقية الدولية تحذر من خطورة سكوت الغرب وغيره على ما يرافق تأسيس التعصب القومي في البلاد. فعملياً تجاوز مودي وجماعته شعبوية بعض الغربيين. صحيح أن تخرّصاته ليست أقل مستوى من المجري فيكتور أوربان، عن "الأجانب المهددين للقيم الوطنية (والأوروبية)". فأوربان بقي محكوماً بمحيط أوروبي يضبط ويحاصر محاولاته إشعال حرائق التطرف القومي، فيما مودي يمضي في قوننة التعصب، بقوانين تطيح بأسس المواطنة والديمقراطية، الأوسع من مجرد تصويت.

الأيام الأخيرة ذكّرت بخطورة تطبيق الشعبوية المتطرفة برعاية رسمية. لكنها في الواقع عملية متكاملة ومتواصلة منذ سنوات، وتندرج تحت عملية "إنتاج أجانب"، وسط تحذيرات حقوقية وبحثية من كوارث تطبيق قوانين القومية في البلد، التي تشبه إلى حد ما تلك التي تحاول دولة الاحتلال الإسرائيلي تطبيقها على فلسطينيي الداخل.

كانت ولاية آسام العام الماضي على موعد مع قانون يجرّد نحو 31 مليون مواطن مسلم من مواطنيتهم، واعتبارهم أجانب ومهاجرين من بنغلادش. وعلى ذلك يمكن قياس تطبيق مودي لسياساته القومية في بقية أنحاء الهند، التي يرتفع فيها مستوى التعصب وزرع كراهية "الأجانب" بالمطلق، وخلق اصطفافات خطيرة، بصبّ الزيت على نار التحريض الديني، كما جرى أخيراً.

إذاً، المسألة ليست وليدة "تصريح منفلت"، بل سياسات ممنهجة نحو "ديمقراطية عرقية"، تتخذ طابع "التطهير"، بحسب التقارير الحقوقية والبحثية المحذرة من تطبيع التطرف. 

أخطر ما في نهج ناريندرا مودي، ليس فقط استغلاله فرش السجاد الأحمر له، إقليمياً ودولياً، وضعف المعارضة، بل دفع البلد الذي ينتشر فيه الفقر، بتمركز الثروات بيد نحو 10 في المائة وسيطرة سموم الطبقية، نحو حرب أهلية مدمرة، تجرّ معها مجتمعات أخرى إلى حروب دينية. فحالة الإحباط ونشر الكراهية واعتبار العنف "ثقافة" مقبولة برعاية المؤسسات، لا تنتج سوى احتماء آخر بالتطرف، حيث المآسي تطاول الجميع.

المساهمون