مواقف برّاك تربك المسؤولين اللبنانيين وسط تمسّك "حزب الله" و"أمل" بموقفهما

27 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 11:54 (توقيت القدس)
برّاك وأورتاغوس في مؤتمر بعد الاجتماع مع عون في القصر الرئاسي، 26 أغسطس 2025 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت زيارة الوفد الأميركي إلى لبنان توترات بسبب تصريحات حادة تجاه حزب الله وضغوط لنزع السلاح دون ضمانات إسرائيلية، مع تراجع السفير توماس برّاك عن وعوده السابقة.
- اقترح الوفد الأميركي مشاريع اقتصادية للبنان، لكن لم يتم التوصل إلى توافق داخلي، حيث أصر رئيس البرلمان نبيه بري على انسحاب إسرائيل ووقف اعتداءاتها قبل أي خطوات لبنانية.
- أكد حزب الله على أولوية الانسحاب الإسرائيلي ووقف الاعتداءات، منتقداً دور الولايات المتحدة كوسيط وداعياً الحكومة اللبنانية للتراجع عن قراراتها غير المثمرة.

عكست الجولة التي قام بها الوفد الأميركي أمس الثلاثاء على المسؤولين اللبنانيين في بيروت أجواء سلبية خصوصاً في ظلّ التصريحات الأميركية عالية السقف في وجه حزب الله واستمرار الضغط على لبنان لتنفيذ خطة حصر السلاح من دون أي مقابل مضمون من جانب إسرائيل رغم وعود السفير توماس برّاك الأخيرة تحت عنوان "الخطوة مقابل خطوة".

وحلّ برّاك أمس الثلاثاء "نجم" المواقف من قصر بعبدا، سواء لجهة رفع لهجة الاستقواء والاستعلاء والإهانة للصحافيين المندوبين في مقرّ الرئاسة اللبنانية، أو لناحية تراجعه عن موقفه في زيارته الماضية إلى بيروت قبل أسبوع المؤكد ضرورة مبادلة إسرائيل لبنان بخطوة بعد مقررات الحكومة اللبنانية الأخيرة، والتشديد على ضرورة نزع السلاح أولاً بوصفه خطوة من شأنها أن تشجع إسرائيل على الانسحاب من الأراضي اللبنانية، وهو ما عبّر عنه باقي أعضاء الوفد الأميركي الموسّع بتصريحات وُصِفت بالأكثر حدّة تجاه الحزب.

كما ظهر برّاك أكثر صراحة ووضوحاً في هذه الزيارة، كاشفاً عن رؤية أميركا بشأن المنطقة الاقتصادية على الحدود مع فلسطين المحتلة، ومصادر الأموال التي سيأتي بها من دول الخليج، والمشاريع التي يمكن إقامتها، عارضاً حتى تأمين وظائف للمجتمع الجنوبي وبيئة حزب الله بعد تخليها عن السلاح.

في الإطار، تقول مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوفد الأميركي لم يعطِ حتى الساعة أي ضمانة للبنان بوقف الاعتداءات الإسرائيلية على أراضيه، وهو بدا أكثر تشدداً لناحية ضرورة وضع الجيش اللبناني خطته لحصر السلاح، ورؤية هذه الخطة، والخطوات التنفيذية لها، وبدء مسارها الجدّي، ما من شأنه أن يجعل إسرائيل تنسحب من النقاط التي تحتلّها، ويجعل كذلك واشنطن تضغط على إسرائيل لتنفيذ الاتفاق، وهي قادرة على ذلك، وفق تعبير الوفد".

وتلفت المصادر إلى أن "الوفد الأميركي نوّه بالمقررات الحكومية الأخيرة لناحية تكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الجاري وإقرار أهداف الورقة اللبنانية الأميركية المشتركة الإحدى عشرة، وأشار إلى أن إسرائيل توقفت بإيجابية عند هذه الخطوات، لكن المطلوب خطوات عملية تترجم هذه المقررات"، مشيرة إلى أن "الوفد الأميركي عرض رؤية شاملة للبنان، وفي المنطقة الاقتصادية، وهذا لا يمكن تقريره من جهة واحدة ويستلزم نقاشاً".

وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإنّ "التوافق اللبناني غائب حتى اللحظة، وسط انقسام في الرؤى، خصوصاً على صعيد رئيسي الجمهورية جوزاف عون والبرلمان نبيه بري، لكن قنوات التواصل لا تزال مفتوحة، حيث إنّ بري كان حاسماً أمام الموفد الأميركي بأنّ المطلوب من إسرائيل وقف اعتداءاتها على لبنان والانسحاب من النقاط التي تحتلها، وأنه لا يمكن الطلب فقط من لبنان القيام بخطوات، فهو التزم باتفاق نوفمبر 2024، وترجم ذلك في جنوب الليطاني، وبتكثيف عمليات الجيش اللبناني وانتشاره، في حين يواصل العدو اعتداءاته اليومية ومنعه الأهالي من العودة إلى منازلهم في القرى الحدودية".

وتبعاً للمعلومات "عرض بري على أعضاء الوفد الأميركي الموسّع الخروقات الإسرائيلية اليومية للسيادة اللبنانية، مشدداً على ضرورة أن تنسحب إسرائيل من النقاط التي تحتلها والتي تعمل على توسيعها أيضاً في الأيام الماضية، عارضاً الهواجس اللبنانية، والثوابت لناحية أولوية الانسحاب، إلى جانب الثوابت الأخرى المرتبطة بإطلاق سراح الاسرى اللبنانيين ووقف الاعتداءات، وبدء مسار إعادة الإعمار ودعم المؤسسة العسكرية، كما عبّر عن انزعاجه من فكرة المنطقة العازلة والاقتصادية ومن استمرار أميركا في وضع الشروط على لبنان وكأنه الطرف الوحيد في الموضوع".

وبينما لم يخرج أي تصريح عن رئيس البرلمان نبيه بري بعد لقائه برّاك أمس ثمّن عون ما صدر عن أعضاء الوفد من مواقف عن الرؤية الأميركية لإنقاذ لبنان، وشكر أميركا على استمرارها في دعم الجيش اللبناني والقوى المسلحة، مجدّداً التزام لبنان بورقة الإعلان المشتركة الأميركية - اللبنانية التي أقرها مجلس الوزراء بكل بنودها من دون أي اجتزاء.

من جهتها، أكدت مصادر نيابية في حزب الله لـ"العربي الجديد"، عدم التراجع عن موقف الحزب حول أولوية الانسحاب الإسرائيلي من لبنان ووقف اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية، مشددة على أن "الأميركي داعم وشريك أساسي للعدو الإسرائيلي بكل ما يقوم به في حين يأتي إلى لبنان ليلعب دور الوسيط بينما هو بالنسبة إلينا مخادع وماكر". وتابعت المصادر قولها: "لسنا معنيين بما يتم الحديث عنه اليوم، فهناك اتفاق التزمنا به في 27 نوفمبر الماضي ومطلوب من العدو أن يلتزم به، أما داخلياً فنحن نتفاهم ونتناقش كلبنانيين عبر استراتيجية دفاع وطني تحدث عنها عون وذلك بعد تنفيذ الاتفاق وليس قبل"، مشددة على أن "لا أحد يسلّم أوراق القوة بيده قبل أن يضمن أنه أصبح على برّ الأمان وبالتالي لا حديث قبل الانسحاب الإسرائيلي من لبنان ووقف الاعتداءات وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه".

كذلك لفتت المصادر إلى أن "الحكومة مطالبة اليوم بالتراجع عن قراراتها، والتي ثبت أمس أنها لم تنفع حتى، في وقت لا يزال الأميركي يطرح شروطاً جديداً، لا بل يعرض بشكل علني رؤيته بشأن المنطقة الاقتصادية، ويقسّم كيف ما يشاء ويوزع الوظائف حتى، وهذه كلها تصب في صالحه وخدمة إسرائيل، وعلى لبنان أن يقف بوجه هذا المخطط الأميركي الوقح". وعلى وقع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية جنوباً، وصل برّاك صباح اليوم الأربعاء إلى ثكنة فرنسوا الحاج في مرجعيون على متن طوافة، وسط انتشار للجيش اللبناني، خصوصاً مع خروج دعوات إلى التظاهر احتجاجاً على هذه الزيارة، ورفضاً لمجيء الموفد الأميركي إلى الجنوب. وأفادت وسائل إعلام تابعة لحزب الله أن قوة إسرائيلية توغلت فجر اليوم لمسافة 600 متر داخل بلدة كفركلا جنوبي لبنان وفجّرت جزءاً من منزل مدمّر في حي النورية.

المساهمون