منع شباب الحراك من تأسيس أحزاب بالجزائر: تجاوزات تناقض الخطاب الرسمي

منع شباب الحراك من تأسيس أحزاب في الجزائر: تجاوزات تناقض الخطاب الرسمي

09 فبراير 2021
حداد: تبدو السلطة في حالة إنكار لواقع المتغيرات الراهنة في المجتمع (Getty)
+ الخط -

تواصل السلطة الجزائرية التضييق على الأحزاب السياسية الفتية المنبثقة عن الحراك الشعبي، إذ أعلن حزب سياسي جديد أسسته مجموعة من النخب وشباب من الحراك مقاضاة وزارة الداخلية بعد رفضها منحه ترخيصاً بالنشاط السياسي، وأبلغت مؤسسيه برفض طلب تقدموا به لعقد المؤتمر التأسيسي للحزب.

وأكدت الهيئة القيادية لحزب "التيار الوطني الجديد" (قيد التأسيس)، أنه تقرر رفع دعوى قضائية لدى مجلس الدولة (أعلى هيئة للقضاء الإداري في الجزائر)، ضد وزارة الداخلية، بعد عدم تمكين الهيئة من الحصول على رخصة لعقد المؤتمر التأسيسي.

وأفاد بيان لـ"التيار الوطني الجديد"، أمس الاثنين، بأنه تلقى رداً سلبياً من وزارة الداخلية يتضمن رفض منح الترخيص، دون توضيح الأسباب التي يتأسس عليها هذا الرفض.

وأوضح الحزب الجديد، الذي يقوده الناشط الشاب إسلام بن عطية، أنّ الحزب استوفى في ملفه كل الشروط القانونية واكتماله من حيث الشكل والموضوع، حسب ما ورد في قانون الأحزاب، لكن السلطات "تعمّدت تعطيل عملية التأسيس القانوني للحزب، ما دفعه إلى اتخاذ قرار بخوض المعركة القضائية من خلال تسجيل دعوى لدى مجلس الدولة، لإثبات وجهة نظره للمشككين وفضح التناقض الصارخ بين الشعارات التي ترفعها السلطة".

وأشار البيان إلى أنّ قيادات الحزب كانت تتوقع رد السلطة، لكنها "أصرّت على المسير لتعرية ازدواجية خطاب السلطة تحت شعار الجزائر الجديدة واستمرار منظومة الحكم القائمة منذ الاستقلال بأبرز صفاتها المتمثلة في ثنائية الاستبداد والفساد لتكريس التصحر السياسي، وتكسير كل فعل مقاوم أو حركة نضالية معارضة بهدف بقاء المنظومة في الحكم".

وأشار إلى أنه يعتبر أن الحزب الفتي "نجح في تعرية السلطة القائمة وفضح ممارساتها الضاربة عرض الحائط بكل القوانين والدستور وكشف عن عدم التزام الرئيس (عبد المجيد) تبون بالتزاماته الدستورية، ونكث كل التعهدات التي أطلقها والتزامه بفتح المجال السياسي أمام الجزائريين لممارسة حرياتهم المكفولة دستوريا وتعزيزها".

ويقصد الحزب بكشف تناقض خطاب السلطة و"التجاوزات المشينة الهادفة أساساً إلى تصفية الخصوم السياسيين والحفاظ على طبقة سياسية ضعيفة ليسهل له عملية التحكم في الشأن السياسي"، وجود تباين بين دعوات يوجهها الرئيس عبد المجيد تبون والحكومة وكبار المسؤولين للشباب بالتنظيم في أحزاب والإقدام على المشاركة في الحياة السياسية والترشح للانتخابات، وبين تعطيلها لمبادرات الشباب في تأسيس أحزاب سياسية جديدة.

وفي الغالب تتدخل أجهزة الأمن في فحص ملفات الأحزاب الجديدة ومؤسسيها، بهدف السماح بتحكم السلطة في المشهد السياسي، لا سيما قبيل أشهر قليلة من انتخابات نيابية ومحلية مسبقة.

ويعد حزب "التيار الوطني" ثاني حزب فتي من قوى الحراك يتوجه إلى مقاضاة وزارة الداخلية بسبب رفض الترخيص له بالنشاط في الجزائر، بعد "حركة عزم"، التي كانت قد رفعت هي الأخرى، في شهر أغسطس/ آب الماضي، دعوى قضائية لدى أعلى هيئة في القضاء الإداري ضد وزارة الداخلية في الجزائر، بعد خرقها قانون الأحزاب السياسية ورفضها منحه الترخيص القانوني لعقد مؤتمره التأسيسي، بعد سنة كاملة من الانتظار، رغم أنّ القانون الساري المفعول يفرض فترة شهرين فقط من إيداع الملف.

وإضافة إلى "حركة عزم"، وحزب "التيار الوطني الجديد"، يسجل وجود عدد من الأحزاب السياسية الفتية قيد التأسيس تعيق وزارة الداخلية إنشاءها؛ بعضها مضى على إيداعها للملف وطلب الترخيص بعقد المؤتمر التأسيسي أكثر من سنة، دون أن تحصل على أي رد من وزارة الداخلية، بينها حزب "السيادة الشعبية"، الذي يقوده النقيب السابق في الجيش أحمد شوشان، وحزب "المسار" وحركة "البداية" وحزب "العدالة والبناء"، وحركة "المجتمع الديمقراطي"، و"التحالف الوطني للتغيير".

وتنص المادة 23 من قانون الأحزاب الساري المفعول في الجزائر على أنه "يعد سكوت الإدارة بعد انقضاء أجل الستين يوماً المتاح لها (بعد تسلّم ملف طلب إنشاء حزب وعقد مؤتمر تأسيسي)، بمثابة ترخيص للأعضاء المؤسسين بالعمل على عقد المؤتمر التأسيسي للحزب السياسي في الأجل المنصوص عليه في هذا القانون العضوي"، لكن وزارة الداخلية والسلطات تتجاوز هذا القانون، وتتحجج بأنها تنتظر مراجعة وتعديل قانون الأحزاب على ضوء الدستور الجديد.

ويعتقد المحلل السياسي ناصر حداد أنّ مثل هذه الممارسات السلطوية،"تعطي مؤشراً واضحاً على نوايا السلطة في الاستمرار في غلق الساحة السياسية والحفاظ على المنظومة الحزبية الحالية، واستبعاد كل قوة سياسية ناشئة منبثقة من الحراك وتعبر عن تطلعات الشباب، خاصة إذا كانت هذه القوى تتمتع بروح نقدية للسلطة".

وأضاف حداد في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "وإضافة إلى أن منع شباب الحراك من ممارسة حق التنظيم في أحزاب وكيانات سياسية خرق واضح للدستور، فإنه يوضح أن السلطة لم تتعظ بمخلفات الحراك الشعبي، وتبدو في حالة إنكار لواقع المتغيرات الراهنة في المجتمع".