منع المعارضة التونسية شيماء عيسى من السفر بعد التحقيق معها اليوم

منع المعارضة التونسية شيماء عيسى من السفر بعد التحقيق معها اليوم

19 يناير 2023
انتقدت عيسى سابقاً المرسوم 54 الذي يقيّد الحريات (العربي الجديد)
+ الخط -

خضعت المعارضة التونسية شيماء عيسى، اليوم الخميس، إلى التحقيق على خلفية تصريحات إذاعية لها اتُهمت فيها بأنها حرضت العسكريين على "عدم إطاعة الأوامر"، وأسفرت عن منعها من السفر وإبقائها في حالة سراح.

وكشف المحامي سمير ديلو، أن محاكمة شيماء عيسى تتم بسبب حوار إذاعي. وقال في تدوينة على صفحته بـ"فيسبوك"، إنّ "الخلفيّة تتعلّق بإنابة عدليّة من قاضي التّحقيق الثّالث بالمحكمة العسكريّة الدّائمة بتونس (القضيّة عدد 3226/3) بخصوص حوار إذاعيّ بتاريخ 22 ديسمبر (كانون الأول) 2022، على إذاعة IFM في برنامج (90 دقيقة)، وتمّ على أساسه اتّهامها بتّحريض العسكريّين على عدم إطاعة الأمر وإتيان أمر موحش ضدّ رئيس الدّولة، وترويج ونشر أخبار وإشاعات كاذبة عبر شبكات وأنظمة معلومات واتّصال بهدف الإضرار بالأمن العامّ والدّفاع الوطني".

وأكد ديلو أنه "بعد التّشاور مع هيئة دفاعها، رفضت السّيّدة شيماء عيسى الجواب عن أسئلة المحقّق والانخراط في هذه المحاكمة السّياسيّة الكيديّة التي تستهدف معارضي الانقلاب، وتعمد مجدّداً إلى محاولة توظيف القضاء العسكريّ في الصّراع السّياسي".

وكان نشطاء سياسيون تونسيون وأعضاء جبهة الخلاص الوطني ومحامون وحقوقيون، قد قدموا، اليوم الخميس، إلى بن عروس بالضاحية الجنوبية، تضامناً مع عضو جبهة الخلاص شيماء عيسى، التي تخضع للتحقيق على خلفية تصريحات إعلامية سابقة، ولم تكن تعلم حينها التهمة الموجهة إليها.

وكانت عيسى قد قالت سابقاً في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنها ستتولى مع فريق الدفاع، الدفاع عن نفسها وإيصال صوتها كما ينبغي، مضيفةً أنّ حضورها اليوم ليس خوفاً بل للتمسك بالمبادئ التي تؤمن بها، وهي أنها ضد كل المسار الذي حصل منذ 25 يوليو/تموز 2021، وتعتبره انقلاباً. 

وقالت عيسى قبل التحقيق: "صفحات وشخصيات قريبة من الرئيس قيس سعيّد ومساندة له نشرت منذ أيام أنه سيُفتَح بحث تحقيقي على خلفية تصريحاتي، وعلى معنى الأمر 54، وبالتالي فلا يمكن أن تكون سوى محاكمة سياسية على الأرجح".

وأوضحت أنه "عندما تكون ملفات الدولة على صفحات (فيسبوك) ومعطياتهم الشخصية منشورة، فعلى الدولة أن تحافظ على نفسها وترفض هذه الممارسات"، مبينةً أنه "وإن كنت سأحاكم بسبب آرائي وتدويناتي، فإنني سأواصلها دون خوف".

وأكد الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "لقد عدنا للأسف إلى فترة لم نتخيل يوماً العودة إليها، فاليوم التحقيق مع شيماء عيسى، وبالأمس المناضل الحقوقي عياشي الهمامي، والتحقيقات شملت عدة قيادات سياسية وإعلاميين، وسلطة الانقلاب لم يبق أمامها سوى المربع الأمني القضائي الذي استعمله زين العابدين بن علي، ولكن هذا لن يحبط عزائم الأحرار".

وأضاف الشابي أنّ "عيسى تستنطق اليوم من أجل آرائها السياسية ومعارضتها للانقلاب، مبيّناً أنّ "الرسالة التي نوجهها اليوم لكافة الأحرار هي ضرورة الاتحاد معاً والوقوف في وجه هذا الانقلاب وضد الانحرافات الخطيرة، لأن الانقلاب في المربع الأخير من مساره". 

وأوضح أنه "أمام عجز الانقلاب عن تقديم حلول للتونسيين، لم يبق أمامه إلا القمع، ولكن القمع لو نجح لكان نجح مع بن علي (...) لن يعود التونسيون إلى حكم الاستبداد".

وقال القيادي في حركة النهضة محمد القوماني، لـ"العربي الجديد": "نحن في وقفة تضامنية مع شيماء عيسى، ويبدو أن دعوتها للتحقيق كانت بناء على المرسوم 54، الذي يصفه أغلب السياسيين والإعلاميبن بالدكتاتوري"، مضيفاً أنّ "الغاية هي  تكميم الأفواه، وضحايا هذا المرسوم كثر، وإن استمر فسيطاول كل أصحاب الرأي".

وبيّن القوماني أن "سعيّد يدعي أنّ البلاد تضمن الحريات، لكن في المقابل نجد عدة محاكمات، كمحاكمة الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض، الموجود حالياً في السجن، ورؤساء حكومات آخرين، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي من محكمة إلى أخرى، وبالتالي نحن في مرحلة انتهاك للحقوق والحريات".

يُذكر أنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد أصدر المرسوم 54 الخاص بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، العام الماضي، وسط تنديد ورفض حقوقي وسياسي غير مسبوق لما اعتبروه ضرباً للحريات العامة وحرية التعبير، وسيفاً مسلطاً على المعارضين، بحسب تعبيرهم.

وقال الناشط السياسي وعضو مبادرة مواطنون ضد الانقلاب عز الدين الحزقي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "الشعب اليوم يقاسي مآسي المنقلب"، مبيّناً أنّ "ازدياد المحاكمات والتحقيقات أمر مقلق، خاصةً في ظل عدم وجود ملفات جدية"، مؤكداً أنّ في هذا "انتهاكاً للقضاء وتهميشاً للمؤسسات".

وحذر الحزقي من أنّ "تونس تسير نحو الهاوية، والغريب أنّ هناك دعوات للتحقيق دون معرفة التهمة، وفي المقابل هناك جهات تسرب إحالة نشطاء على التحقيق قبل دعوتهم رسمياً".

حركة النّهضة تنظم وقفة مساندة لعلي العريض

في السياق، نظم عدد من أنصار حركة النهضة، اليوم الخميس، وقفة احتجاجية تضامناً مع رئيس الحكومة الأسبق ونائب رئيس الحركة علي العريض، الموقوف منذ حوالي شهر، مطالبين بإطلاق سراحه. 

وقال القيادي في حركة النهضة عجمي الوريمي، في تصريح لـ"العربي الجديد، إن "هذه الوقفة هي الخامسة لهم على التوالي للمطالبة بإطلاق سراح علي العريض، ورفضاً للمحاكمات السياسية والمرسوم 54 الذي يتم بمقتضاه محاكمة عدة معارضين".

وأوضح الوريمي، أن "تصفية الخصوم والمحاكمات السياسية هذه لن تزيد إلا في عزلة الرئيس"، مضيفاً أنه "سبق لسعيّد أن صرح بأن تونس تتسع للجميع، ولكن للأسف البعض يحكم والبقية تُسجَن".

وأضاف المتحدث: "هذا الوضع مخالف للطبيعة وللقيم وللعدالة، لأن الأصل أن يتساوى المواطنون وأن تتسع تونس فعلياً للجميع، ولكن الوضع اليوم يتلخص في أن هناك جهة تجمع كل السلطات في إطار حكم فردي استبدادي"، مشيراً إلى أن "سعيّد كان قد أعلن في وقت سابق عن ترؤسه النيابة العمومية، ثم تراجع عن ذلك ظاهرياً، ولكن في الحقيقة، يؤكد السلوك السياسي أنه لم يتراجع إلا ظاهرياً، خاصة إذا ما نظرنا إلى عدد المتضررين من المرسوم 54 ومن إجراءات الانقلاب".

ولفت المتحدث إلى أنه "من المتوقع أن يشمل المرسوم 54 أي اسم كان، حتى من أنصار وداعمي الرئيس، والقائمة طويلة وطاولت رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي، وجوهر بن مبارك وشيماء عيسى، وعدة قيادات حزبية ونشطاء"، مضيفاً أن كل هذا يحدث بسبب المناخ والسلوك السياسي لقيس سعيّد، وهو ما يؤكد أن "الدكتاتورية تتمأسس تدريجياً".

وأفاد بأن "كل المبادرات السياسية تصطدم بجدار قصر قرطاج والرئيس لا ينصت، وهناك قناعة بأن سعيّد أصبح صانع أزمات وزاد في تعقيد الوضع، وهناك أيضاً وعي من نشطاء المجتمع المدني بأن هناك صعوبات في التواصل مع سعيّد، وشبه يأس من أنه سيستجيب ويستمع"، مبيناً أن "الأصوات ترتفع للبحث عن حل، ومن ينتظر حصول تفاعل إيجابي من الرئيس فهو واهم، ومن يعتقد ذلك فهو يغالط الرأي العام ويضيع الوقت على البلاد".

وأكد أن "تونس تكاد تتحول إلى دولة فاشلة في ظل أزمة اجتماعية واقتصادية غير مسبوقة، وكل المؤشرات حمراء، والبلاد مهددة بالإفلاس مع سوء إدارة وضرب لجل المكتسبات (...) على الجميع تحمل المسؤولية والبحث عن حل، ومختلف المبادرات الصادرة عن شخصيات وطنية وأحزاب ومنظمات تجمع تقريباً على أنه لا بد من انتخابات مبكرة، وأن الشعب هو صاحب السلطة، وهذا الحل يعتبر الأقل كلفة، وقد يعيد الأمل من جديد".