"بتسيلم" و"أطباء لحقوق الإنسان" الإسرائيليتان: تل أبيب ترتكب إبادة جماعية في غزة

28 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 18:21 (توقيت القدس)
فلسطينيون خلال قصف منزل في جباليا شمال قطاع غزة، 15 مايو 2025 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصدرت منظمات حقوقية إسرائيلية تقارير تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، مشيرة إلى تدمير المجتمع الفلسطيني واستهداف البنية التحتية الصحية.
- تعتبر هذه التقارير الأولى من نوعها من قبل منظمات إسرائيلية، وتدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف الأفعال الوحشية التي تسببت في قتل وتهجير واسع النطاق.
- تدعو التقارير المجتمع الدولي لاستخدام الوسائل القانونية لوقف الإبادة، وتؤكد على ضرورة تحرك عالمي لمواجهة انهيار نظام الصحة في غزة، مع الإشارة إلى أوامر اعتقال دولية لمسؤولين إسرائيليين.

قالت منظمة "بتسيلم" وجمعية "أطباء من أجل حقوق الإنسان" الإسرائيليتان في بيانَين منفصلَين، اليوم الاثنين، إنّ إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة وفقاً لتعريف القانون الدولي، وسط تحذيرات من انتقالها إلى الضفة الغربية المحتلة ومناطق أخرى يسيطر عليها الاحتلال. وأكدت المنظمة، أن إسرائيل تعمل على نحوٍ منسّق بنيّة واضحة لتدمير المجتمع الفلسطيني في غزة، وأن ما يحدث ليس ضرراً جانبياً للحرب بل سياسة ممنهجة تستهدف السكان جماعةً، في ما ركّزت جمعية "أطباء من أجل حقوق الإنسان" على الجوانب الصحية، مشيرة إلى تفكيك ممنهج لنظام الصحة في غزة، بما في ذلك استهداف المستشفيات، ومنع عمليات الإخلاء الطبية، واعتقال وقتل الفرق الطبية.

وهذه هي المرة الأولى التي تصف فيها منظمات حقوقية إسرائيلية رسمياً ما يحدث في غزة بأنه إبادة جماعية، على غرار مَن سبقتها من منظمات عالمية عدّة، ودعت المجتمع الدولي إلى التحرك ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي لوقف هذه الأفعال. ويفتتح تقرير منظمة "بتسيلم"، الذي يحمل عنوان "إبادتنا"، في إشارة إلى الإبادة التي تقترفها إسرائيل، بإدانة شديدة لعمية حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، معتبراً أنها تضمّنت العديد من جرائم الحرب وربما جرائم ضد الإنسانية.

إلى جانب ذلك، يحدّد معدو التقرير أن رد إسرائيل على عملية حماس كان وحشياً على نحوٍ غير مسبوق، وتسبب في القتل والدمار والتهجير والمجاعة على نطاق واسع. وورد في التقرير أن الهجوم الإسرائيلي تسبب في "ضرر جسيم، لا يمكن إصلاحه، جزئياً على الأقل، لأكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة، كجزء من الشعب الفلسطيني". وفصّل معدو التقرير أن إسرائيل تسببت في غزة بـ"قتل جماعي، وخلق ظروف معيشية كارثية تؤدي إلى معدلات وفاة كبيرة، وإلحاق ضرر جسدي أو نفسي شديد بجميع سكان القطاع، وتدمير البنية التحتية وظروف الحياة على نطاق واسع، وتدمير النسيج الاجتماعي والمؤسّسات والمواقع الثقافية والتعليمية الفلسطينية".

وجاء في التقرير "أن إسرائيل نفّذت اعتقالات جماعية وإساءة معاملة المعتقلين الفلسطينيين في السجون التي تحوّلت إلى معسكرات تعذيب لآلاف الفلسطينيين المحتجزين دون محاكمة، وتنفيذ تهجير قسري جماعي بما في ذلك محاولات للتطهير العرقي، وجعل التطهير العرقي لسكان القطاع أحد أهداف الحرب الرسمية، إضافة إلى الهجوم على الهوية الفلسطينية من خلال التدمير المتعمّد لمخيّمات اللاجئين ومحاولة الإضرار بوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".

ويذكر التقرير أن الأعمال ارتُكبت "على خلفية تصريحات من مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين رفيعي المستوى بشأن هدف الهجوم". ومن بين ما ذُكر في التقرير، تصريحات وزير الأمن السابق يوآف غالانت بأن "في غزة هناك حيوانات بشرية"، وتصريح رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الأمر يتعلق "بحرب ضدّ العماليق"، بالإضافة إلى تصريحات عن الإبادة الجماعية أدلى بها صحافيون وشخصيات عامة.

وفيما حدّد معدو التقرير بأنّ الجمع بين الواقع في غزة والتصريحات الإسرائيلية أوصلهم إلى "الاستنتاج القاطع بأن إسرائيل تتصرف بطريقة منسقة وبنية واضحة لتدمير المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة. أي أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحقّ الفلسطينيين سكان القطاع"، أشاروا أيضاً إلى أن الوفيات الواسعة في القطاع خلقت "أزمة الأيتام الأكبر في التاريخ الحديث"، وأكدوا أن في غزة اليوم نحو 40 ألف طفل فقدوا أحد والديهم أو كليهما، وأن 41% من العائلات في القطاع ترعى أطفالاً ليسوا من أبنائها.

ويربط معدو التقرير بين أعمال الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في القطاع وبين تصاعد العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وحتّى في مناطق الداخل الفلسطيني، ويعبّرون عن "قلق شديد" من احتمال امتداد الإبادة الجماعية إلى "مناطق أخرى يعيش فيها الفلسطينيون تحت الحكم الإسرائيلي". ويدعو تقرير منظمة "بتسيلم" الجمهور الإسرائيلي والمجتمع الدولي إلى استخدام "جميع الوسائل الممكنة وفقاً للقانون الدولي" من أجل وقف استمرار الإبادة الجماعية.

أما في التقرير الذي أعدته جمعية "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، فيظهر تحليل قانوني للجوانب الصحية لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة. ويصل هذا التقرير أيضاً إلى استنتاج بأنّ إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية، وفقاً لتعريفها في معاهدة منع جريمة الإبادة الجماعية. وجاء في التقرير "تشير الأدلة إلى تفكيك متعمّد ومنهجي لنظام الصحة في غزة، ولأنظمة أخرى ضرورية لبقاء السكان، بما في ذلك الهجمات المباشرة على المستشفيات، ومنع المساعدات الطبية وعمليات الإخلاء الطبية، وكذلك قتل واعتقال طواقم طبية".

وحدد معدو التقرير، الذي يحمل عنوان "في ظلّ تدمير الظروف المعيشية في غزة: تحليل صحي للإبادة الجماعية في غزة"، أن "ما يحدث ليس ضرراً جانبياً للحرب، بل سياسة متعمّدة تهدف إلى إيذاء السكان الفلسطينيين كجماعة". ويميّزون في الجمعية، بين ثلاثة "أفعال جوهرية" تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية من الاحتلال، وهي "قتل أفراد ينتمون إلى الجماعة، إلحاق ضرر جسدي أو نفسي جسيم، ووضع الجماعة عمداً في ظروف معيشية تؤدي إلى تدميرها الجسدي، كلياً أو جزئياً".

وبحسب التقرير فإنّه "على الرغم من أحكام الهيئات القضائية الدولية، فإنّ دولة إسرائيل لا تفي بالتزاماتها"، ودعت الجمعية الجهات الدولية والدول الموقعة على الاتفاقية إلى تحمل مسؤولياتها وفقاً للمادة 1 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، ووقف الإبادة الجماعية في غزة"، كما دعت الجمعية "مجتمعات الصحة والمساعدات الإنسانية حول العالم إلى التحرك العاجل، إذ إنّ انهيار نظام الصحة في القطاع لا يُعد مجرد انتهاك للقانون الدولي، بل كارثة إنسانية خطيرة تتطلب استجابة فورية وتضامناً عالمياً".

ويأتي التقريران الجديدان لينضما إلى سلسلة تقارير حقوقية سابقة أكّدت ارتكاب إسرائيل جرائم حرب وإبادة خلال حربها على قطاع غزة، إذ أفاد تقرير سابق لمنظمة العفو الدولية (أمنستي)، أن "بحوثها وجدت أدلّةً وافيةً تثبت أن إسرائيل قد ارتكبت، ولا تزال ترتكب، جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزّة المحتل"، كما اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش هي الأخرى، إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة وأفعال الإبادة الجماعية بسبب فرضها قيودا على وصول سكّان القطاع إلى المياه، مطالبة بفرض عقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلي، كما خلص تحقيق للأمم المتحدة إلى أن إسرائيل ارتكبت أعمال إبادة عبر التدمير الممنهج لمنشآت الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية.

في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، أوامر اعتقال في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق يؤاف غالانت، بتهمة ارتكاب عدة جرائم تدخل في اختصاص المحكمة بما فيها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مثل التجويع أداةً من أدوات الحرب، والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية. ورفعت جنوب أفريقيا، في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2023، دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، على أساس أنها انتهكت اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن منع الإبادة الجماعية.