منظمات: تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان "رسالة قوية"

منظمات حقوقية ترى في تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان "رسالة قوية"

08 ابريل 2022
مثل القرار رسالة قوية تفيد بأن مرتكبي الانتهاكات لا يمكن أن يكونوا أعضاء في المجلس (Getty)
+ الخط -

رأت منظمات حقوقية أن التصويت على تعليق عضوية روسيا في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الخميس، يعزز هذه الهيئة، ويوجه رسالة قوية تفيد بأن مرتكبي انتهاكات على نطاق واسع لا يمكن أن يكونوا أعضاء فيها.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قد صوتت بأغلبية ساحقة على منع موسكو من المشاركة في الحكم على سجلات حقوق الإنسان الخاصة بدول أخرى، بعد معلومات عن جرائم حرب ارتكبت خلال هجومها المستمر منذ ستة أسابيع على أوكرانيا.

وفور تعليق مشاركتها، انسحبت روسيا من المجلس، الذي تأسس في 2006 ويضم 47 دولة تنتخبهم الجمعية العامة للعمل على تعزيز وحماية كل حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

وشغل مقعد في المجلس مرتبط بمسؤولية الالتزام بمعايير عالية في هذا المجال. والدولة الوحيدة التي علقت عضويتها من قبل كانت ليبيا في 2011.

وأثارت أدلة على قتل مدنيين في بوتشا وبلدات أخرى حول كييف صدمة في العالم. وحمّلت أوكرانيا روسيا مسؤولية ذلك، بينما تنفي موسكو قتل مدنيين.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن "الجمعية العامة وجهت رسالة شديدة الوضوح إلى القيادة الروسية، مفادها أن الحكومة التي يرتكب جيشها بشكل روتيني انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان لا علاقة لها بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة".

ورأى المدير التنفيذي لـ"الخدمة الدولية لحقوق الإنسان" فيل لينش أن هذه الخطوة "توجه رسالة قوية مفادها أن مجلس حقوق الإنسان ليس مكانا للدول التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الأعمال التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في تغريدة، إنه "يشعر بالامتنان لتضامن الشركاء.. لنجبر روسيا على السعي إلى تحقيق السلام معا!".

رسالة قوية

وصوتت 93 دولة على تعليق عضوية روسيا، أكثر من أغلبية الثلثين المطلوبة، مقابل 24 دولة ضد القرار، بينما امتنعت 58 دولة عن التصويت، لكن لم يؤخذ موقفها في الاعتبار، لأن الأغلبية تُحسب بأصوات المؤيدين والمعارضين فقط.

ولم تشارك 18 دولة في الاقتراع، بينها لبنان والمغرب.

وبين الدول التي صوتت ضد القرار الصين التي رأت أنه "خطوة متسرعة" و"صب للزيت على النار" و"سابقة خطرة"، وإيران وكازاخستان وكوبا وبيلاروسيا وسورية، وكذلك روسيا.

ووصفت وزارة الخارجية الروسية "تعليق" عضوية روسيا بأنه "غير قانوني ودوافعه سياسية، ويهدف إلى معاقبة دولة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة، وتتبع سياسة داخلية وخارجية مستقلة". وأوضحت أن موسكو قررت "الانسحاب مسبقاً" من هذا المجلس، وتخلت عن مجرد "تعليق" عضويتها.

وقال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة في جنيف غينادي غاتيلوف إن موسكو "اتخذت قراراً واعياً بالانسحاب مقدماً". وأضاف أن تصويت الخميس "الذي نتج عن النهج الوقح وغير المبدئي للدول الغربية.. يضر بصورة مجلس حقوق الإنسان، ويلحق ضرراً لا يمكن إصلاحه بسمعته، ويقوض مصداقيته".

وأكد متحدث باسم مجلس حقوق الإنسان أن روسيا انسحبت بعد ذلك من المجلس، في رسالة وجهتها إلى رئيس المجلس بعد فترة وجيزة من تعليق عضوية موسكو.

وفي ختام الجلسة، رحبت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد بهذه "اللحظة التاريخية". وقالت: "لقد وجهنا بشكل جماعي رسالة واضحة مفادها أن معاناة الضحايا والناجين لن يجرى تجاهلها".

على الرغم من ضغوط موسكو في الأيام الأخيرة على الدول للتصويت ضد القرار، اختارت دول أفريقية، بينها جنوب أفريقيا والسنغال، الامتناع عن التصويت، معتبرة أن تعليق عضوية موسكو "يستبق نتائج أعمال لجنة التحقيق" التي شكلها مجلس حقوق الإنسان في أوائل مارس/آذار.

والموقف نفسه اتخذته البرازيل والمكسيك والهند، بينما صوتت تشيلي مع الخطوة.

ورأت واشنطن أن تعليق عضوية روسيا في المجلس يزيد "عزلة" موسكو على الساحة الدولية منذ غزوها أوكرانيا في 24 فبراير/شباط.

في بروكسل، حيث يشارك في اجتماع لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، أكد وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن أن "الدولة التي ترتكب انتهاكات صارخة ومنهجية لحقوق الإنسان يجب ألا تجلس في هيئة مهمتها حماية هذه الحقوق". وأضاف: "اليوم جرى تصحيح الخطأ".

ويُنتخب ثلث أعضاء المجلس كل عام، ويمكن لكل دولة أن تشغل مقعداً لولايتين فقط، مدة كل منهما ثلاث سنوات.

وموسكو عضو يشغل بشكل متقطع مقعداً في المجلس منذ 2006. وكانت انتخبت مع أوكرانيا في المجلس باعتبارهما من دول أوروبا الشرقية من 2021 إلى 2023. وستجرى انتخابات لشغل مقعد روسيا بعد انسحابها.

حماية المدنيين

وتعبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها، الخميس، عن "القلق العميق" إزاء "الأزمة الإنسانية وأزمة حقوق الإنسان المستمرة في أوكرانيا، لا سيما في مواجهة التقارير المتعلقة بانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان"، و"انتهاكات الاتحاد الروسي القانون الدولي الإنساني".

منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، تحدثت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن هذه الحرب ثلاث مرات، بما فيها جلسة التصويت الخميس.

وجرى أول تصويت تاريخي في الثاني من مارس/آذار، أدانت فيه 141 دولة الغزو الذي شنته روسيا، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي. وصوتت خمس دول ضد القرار (روسيا وبيلاروسيا وسوريا وكوريا الشمالية وإريتريا)، وامتنعت 35 عن التصويت.

وفي 24 مارس/آذار، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق وحماية المدنيين في أوكرانيا. وصوتت 140 دولة لصالح النص وخمسة ضده (الدول نفسها)، وامتنعت 38 دولة عن التصويت.

الخطوة التالية الصين؟

وتتهم منظمات غير حكومية المجموعات الإقليمية بتدبير الانتخابات عبر تقديم عدد من المرشحين مطابق لعدد المقاعد الشاغرة.

وقال المدير التنفيذي لمنظمة يو إن ووتش، هيليل نوير، في وقت سابق، إن عملية الانتخاب تهدف إلى "التخلص من أسوأ منتهكي الحقوق في العالم، لكنها تشهد بشكل روتيني اكتساب أنظمة قمعية شرعية دولية".

وقامت المنظمة غير الحكومية بحملة لطرد روسيا من المجلس، وقالت إنها ستستهدف الآن أعضاء آخرين بسبب انتهاكاتهم المفترضة للحقوق.

وقال نوير إن الدولة "التالية على لائحتنا: الصين - مليون مسلم في معسكرات اعتقال، كوبا - الاستبداد، إريتريا - العمل القسري، ليبيا - تعذيب مهاجرين، موريتانيا - العبودية، باكستان - تستضيف إرهابيين، فنزويلا - انهيار الدولة"، بحسب تعبيره.

وأكد المدير التنفيذي لـ"الخدمة الدولية لحقوق الإنسان" فيل لينش، من جهته، أن التصويت على التعليق "سيعزز بشكل كبير" نزاهة المجلس وشرعيته، لأنه أظهر أنه "لا توجد دولة، بغض النظر عن قوتها الاقتصادية والسياسية، بعيدة عن التدقيق".

وقال إن ذلك "يؤكد أن هناك عواقب تتعلق بالعضوية للمتورطين في انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان".

لكن الناشطة الأويغورية روشان عباس قالت إن عزل موسكو لن يؤدي إلى التصويت على تعليق عضوية الصين. وأضافت أنه خلافاً لروسيا، تستفيد دول عديدة "اقتصادياً من الصين".

(فرانس برس)

المساهمون