ملف انفجار مرفأ بيروت.. معارك قضائية وسياسية مفتوحة

ملف انفجار مرفأ بيروت.. معارك قضائية وسياسية مفتوحة

08 نوفمبر 2021
وقفة سابقة لأهالي ضحايا مرفأ بيروت (حسين بيضون)
+ الخط -

يستمرّ المسؤولون السياسيون المدعى عليهم بانفجار مرفأ بيروت في شنِّ معركة الإطاحة بملف التحقيقات والإفلات من العقاب، وقد انهالوا اليوم الاثنين بالدعاوى القضائية التي ما عادَ يمكن تعدادها على كثرتها، ولم تعد تقتصر على المحقق العدلي القاضي طارق البيطار.

وتقدّم المدعى عليهما وزير المال السابق النائب علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق النائب غازي زعيتر بدعوى مخاصمة الدولة اللبنانية أمام محكمة التمييز المدنية، وذلك في القرار الصادر عن محكمة التمييز المدنية الغرفة الخامسة، والمؤلفة من القضاة رئيساً منتدباً جانيت حنا، المستشارين القاضيين نوبل كرباج وجوزف عجاقة، والقاضي بعدم إبلاغ البيطار والخصوم طلب الرد المقدم من المدعين، وعدم قبول طلب الرد".

كما تقدّم المدعى عليهما بدعوى مداعاة ضد القاضي طارق البيطار، وهو ما يؤدي إلى تطيير جلسة الاستجواب التي كانت محددة غداً الثلاثاء للمدعى عليه النائب غازي زعيتر، عدا عن دعوى مداعاة ضد القاضي ناجي عيد الذي كان سبق أن رد طلب رد البيطار شكلاً.

كذلك، تقدّم وزير الأشغال السابق المدعى عليه يوسف فنيانوس بدعوى ردّ القاضية روزين الحجيلي، المستشارة في هيئة محكمة الاستئناف في بيروت، الناظرة في دعوى ردّ المحقق العدلي، في خطوات يؤكد مصدر قانوني مطلع لـ"العربي الجديد" أنها تهدف إلى "تعطيل مرفق العدالة وتضييع البوصلة، وتشتيت الأنظار وتمييع القضية، وبالتالي المماطلة وتطيير التحقيقات إلى أجلٍ غير مسمّى، والأخطر من ذلك، تطييف الملف، وهو ما يظهر من طائفة جميع القضاة المشمولين بالدعاوى".

ويشير المصدر إلى أنّ "المدعى عليهم يستغلون ضعف القضاء في مكانٍ معين، خصوصاً أمام المنظومة السياسية، وهو ما بدا واضحاً اليوم عندما تهجّم وكيل فنيانوس المحامي طوني فرنجية على عددٍ من المحامين في قصر العدل في بيروت، مهدداً بأنه (يحكم العدلية بصرمايته)، في موقف كان مفترض أن يحاسب عليه سريعاً، وهو ما لم يحصل".

في المقابل، يرفض الوكلاء القانونيون عن الجهات المدعية ترك الساحة خالية للمنظومة السياسية، وقد فضحوا التجاوزات التي اقترفها رئيس الغرفة 12 بالانتداب في محكمة الاستئناف القاضي حبيب مزهر، المحسوب على "حركة أمل" (برئاسة نبيه بري) و"حزب الله"، والتي وصلت إلى حدّ التزوير المعنوي الجنائي ومحاولة خرق سرية التحقيق عند مطالبة القاضي "المعيَّن حديثاً في مجلس القضاء الأعلى بعد تشاور بري ووزير العدل" بتسليمه كامل ملف التحقيق مكلفاً نفسه في قضية ليست من اختصاصه أو محوَّلة إليه. وقد بدأوا بدورهم تقديم الدعاوى لإبطال كل محاولات تطيير البيطار أو التحقيق بأكمله.

وتقدّمت الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" بشكويَيْن لدى هيئة التفتيش القضائي ومجلس القضاء الأعلى بحق القاضي مزهر، وذلك على خلفية القرار الصادر عنه بكفّ يد البيطار، وتضمن جملة أخطاء وتعديا على الصلاحيات وجرائم ترتقي إلى المسّ بشرف وكرامة القضاء، وطالبوا بتوقيفه عن العمل فوراً وإحالته إلى المجلس التأديبي.

كذلك فعل تحالف "متحدون"، الذي تقدّم بشكوى أمام هيئة التفتيش القضائي بحق القاضي مزهر على خلفية القرار نفسه، وتم تقديم نسخة عنها إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود.

وضمن أساليب عرقلة التحقيقات وإفلات المسؤولين من العقاب عبر عدم تنفيذ المذكرات القضائية وإعطاء الاذن بالملاحقة، تردد أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان رفض تنفيذ مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة عن القاضي البيطار بحق النائب علي حسن خليل.

وأوضحت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أن "اللواء عثمان أرسل استيضاحاً إلى المحامي العام لدى المجلس العدلي عن النص الدستوري في مادته الأربعين، التي لا تجيز توقيف النائب أثناء دورة انعقاد مجلس النواب، ليصار من قبل الجهة القضائية المعنية التأكيد على الطلب من عدمه، وحرصاً منّا على تطبيق النصوص الدستورية والقانونية".

وقد برزت اليوم أصوات من "حركة أمل" ونوابها وإعلامها، قناة "أن بي أن"‘ مدافعة عن القاضي مزهر ومهاجمة القاضي طارق البيطار.

وأشارت مقدمة نشرة أخبار "أن بي أن" إلى أن مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي، الذي وصفته بـ"قائد أوركسترا الغرفة السوداء في بعبدا" من دون أن تسمّيه، يدير هجمة منظمة على القاضي مزهر "لمجرد أنه مسّ بالذات البيطارية، وكفّ يده عن ملف أغرقه بالاستنسابية والتسييس، فيما المطلوب هو الحقيقة لا غير"، وفق ما ورد في المقدمة.

كذلك، اعتبر المكتب السياسي لـ"حركة أمل"، بعد اجتماعه الدوري، أن "الحملة المبرمجة والمعروفة الأهداف والغايات على القاضي حبيب مزهر تظهر بوضوح ازدواجية المعايير في التعاطي مع القضاة وفقاً لمصالح بعض الفئات"، مشيراً إلى أن "استمرار القاضي البيطار في مكابرته ومخالفته القانونية وأدائه المسيس يحمّله مسؤولية حرف الدعوى القضائية والقضاء عن المسار المهني القانوني السليم، كما يضع في رقبته دماء الشهداء الذين سقطوا غدراً وغيلة في الطيونة بيروت برصاص الجناة، من فاعل وشريك ومحرض ومتدخل ومخبئ".

المساهمون