ملفّ حصر السلاح بيد الدولة إلى الواجهة في لبنان: ما دار بين عون وحزب الله

27 مايو 2025   |  آخر تحديث: 16:21 (توقيت القدس)
رعد يتحدث لوسائل الإعلام بعد اللقاء مع عون، 26 مايو 2025 (الرئاسة اللبنانية)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصاعدت التوترات في لبنان بعد الانتخابات البلدية، حيث برزت مواقف رئيس الوزراء نواف سلام ضد حزب الله، مطالبًا بحصر السلاح بيد الدولة، مما أثار ردود فعل متباينة من الأطراف المختلفة.
- عقد الرئيس جوزاف عون لقاءات مع وفد حزب الله لمناقشة الأوضاع العامة، حيث أكد النائب محمد رعد على أهمية السيادة الوطنية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى تفاهمات مع الرئيس عون حول الأولويات الوطنية.
- شدد حزب الله على رفض الضغوط الخارجية بشأن ملف السلاح، بينما أكد نواف سلام على مشروعه لتحقيق سيادة الدولة، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية لسيادة لبنان.

عاد ملف سلاح حزب الله إلى أولوية المشهد اللبناني بعدما انشغلت الساحة المحلية بالانتخابات البلدية خلال شهر مايو/أيار الجاري، وتصدّر أمس الاثنين العناوين على خطّي لقاء الرئيس جوزاف عون برئيس كتلة الوفاء للمقاومة البرلمانية النائب محمد رعد، ومواقف رئيس الوزراء نواف سلام "الحادّة" بوجه الحزب، التي لاقت امتعاضاً في أوساطه، مقابل "تمنٍّ" من نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس.

وبالتزامن مع المباحثات التي وُصِفت "بالإيجابية" بين عون ووفد حزب الله في قصر بعبدا الجمهوري، خرجت تصريحات لسلام إلى قناة إماراتية يشدّد فيها على أنه "لن نسكت عن بقاء أي سلاح خارج سلطة الدولة"، ويؤكّد فيها انتهاء عصر تصدير الثورة الإيرانية، في مواقف اكتفى رعد بالردّ عليها قائلاً "لا أرغب في التعليق على هذا التصريح حفاظاً على بقية ودّ موجودة"، في حين أعادت أورتاغوس نشر كلام سلام، آملة في حدوثه.

يأتي ذلك في وقتٍ أطلق فيه مؤيدون لحزب الله، الأسبوع الماضي، هتافات ضد سلام خلال حضوره إلى مدينة كميل شمعون الرياضية، مرددين شعارات "صهيوني، نواف سلام صهيوني، ولبيك يا نصر الله"، ما دفع بالعلاقات الإعلامية التابعة للحزب لاستنكار الاتهامات التي وجهت إليه واعتبارها تتعارض مع المصالح الوطنية فضلاً عن الأخلاق الرياضية، ولا تخدم مسار تعزيز الوحدة الوطنية والاستقرار الداخلي الذي يحتاج إليه البلد في مسيرة بناء الدولة والإصلاح.

وأمس الاثنين، عقد الرئيس اللبناني لقاء مع كتلة الوفاء للمقاومة برئاسة رعد، وقد جرى البحث في الأوضاع العامة في البلاد في ظل التطورات المتسارعة، خصوصاً على الساحة الجنوبية، والاتصالات التي تجريها الدولة اللبنانية لإلزام إسرائيل بتنفيذ بنود اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي تم التوصل إليه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وقال رعد إن اللقاء هو باختيار من حزب الله وكتلة الوفاء للمقاومة، للتبريك بعيد المقاومة والتحرير الذي نحتفي به منذ 25 عاماً، مشيراً إلى أنه "تبادلنا وجهات النظر بشكل عام، عن الأولويات والتحديات التي تواجه بلدنا، وفي مقدّمتها حفظ السيادة الوطنية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووقف العدوانية والخروقات المرعية والمدعومة، للأسف، من بعض الدول الضامنة لوقف إطلاق النار، وإعادة إعمار ما هدّمه العدوان، وحفظ الاستقرار وتحريك المؤسسات عبر الاستحقاقات الانتخابية".

وشدد رعد على أن "مساحة التفاهم الممكنة بيننا وبين الرئيس عون واسعة، ويعوَّل عليها، ونحن لا نجد أننا ملزمون لا بتوقيت ولا بأمكنة ولا بأدوات ولا بأساليب من أجل أن نملأ هذه المساحة، طالما أن الأمور في لبنان تسير بعناية وحرص من عون على تحقيق هذه الأولويات، لنبدأ بالبحث الآخر، المتصل بالإصلاح السياسي والإداري وما يستحقه أهلنا في كل المناطق والمحافظات من تسهيلات وتطوير للقوانين، انطلاقاً من تقدير السلطة للمصلحة اللبنانية والقوى السياسية الممثلة للناس في مجلس النواب".

في هذا السياق، قالت مصادر في قصر بعبدا لـ"العربي الجديد"، إن "اللقاء كان ايجابياً، وجرى البحث في عناوين محلية وإقليمية، وقضايا أساسية في لبنان، بينها الخروقات الإسرائيلية المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار، وإعادة الإعمار والسلاح"، مشددة على أنّ "مواقف الرئيس عون من السلاح معروفة ومعلنة وغير خفية، كما تمسّكه بالحوار لحلّ هذا الملف، وهناك نقاشات تدور بشأنه وستستمرّ".

وأشارت المصادر إلى أن "الرئيس عون متمسّك بالقسم الذي أدّاه إبان انتخابه رئيساً للبلاد في يناير/كانون الثاني الماضي، لناحية سحب السلاح، ولكن الأمر لا يحصل بين ليلة وضحاها، ويتطلب وقتاً، وحواراً، لكن في المقابل، لبنان أنجز الكثير في إطار التزامه بالقرارات الدولية وعلى رأسها القرار 1701، وخاصة في جنوب الليطاني، ولناحية تفكيك الأنفاق ومصادرة الأسلحة، وانتشار الجيش اللبناني، علماً أن استمرار الاحتلال هو الذي يعيق هذا الانتشار وليس الحزب، وكذلك اليوم معالجة السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، ولبنان ماض في هذا المسار بالتوازي مع الاصلاحات".

مصدر في حزب الله: أولويات قبل بحث ملف السلاح

من جهته، قال مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إنّ "المباحثات أمس كانت إيجابية، والنقاش دائماً منفتح مع الرئيس عون، وهناك التقاء حول العديد من القضايا والملفات، وستبقى القنوات مفتوحة معه"، مشدداً على أنّ "حزب الله أكد التمسّك بأولويات، أعلن عنها في أكثر من مناسبة، يتقدمها وقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، والانسحاب من النقاط التي لا يزال جيش العدو يحتلها، وإطلاق سراح الأسرى، وبعدها لكلّ حادث حديث، والحزب متعاون لبناء الدولة، ويتمسك بكل ما يحقق السيادة اللبنانية"، مؤكداً أنّ "على الدولة أولاً التحرّك لوقف العدوان الإسرائيلي، الذي يحصل بدون أي تحرك من راعية الاتفاق الولايات المتحدة، فهذا ما يضرب سيادة لبنان ويخرقها".

وأشار المصدر إلى أن "حزب الله أكد رفضه أي ضغوط تحصل على لبنان، ولا سيما الأميركية، واللعب على وتر التوقيت في مسألة السلاح، هذا أمرٌ لا يمكن القبول به، ونحن في هذا المجال نرحّب بطريقة مقاربة عون للملف، ورفضه أي خطوة يمكن أن تكون صدامية وتزعزع الاستقرار أو تهدد السلم الأهلي"، كما أكد أن "الضغط بالنار أيضاً الذي تلجأ اليه إسرائيل ومن خلال التصعيد في الأيام الماضية لن يزيدنا إلا قوّة".

وحول مواقف رئيس الوزراء نواف سلام، قال المصدر "نكتفي بما عبّر عنه النائب محمد رعد، ولكن لا شيء في لبنان يمكن أن يُحلّ إلا بالتفاهم والحوار والتلاقي، وكل لهجة عالية النبرة تؤدي إلى تأزيم الأمور لا حلها"، مشيراً في المقابل إلى أنّ "ملف إعادة الإعمار يجب وضعه على الطاولة الحكومية وقد تأخر ذلك، وهناك مسارات عدة يمكن أن يلجأ إليها لبنان للاستفادة من المساعدات، بعيداً من الشروط والضغوطات الخارجية التي تحصل في هذا الملف".

مسار لبناني جدّي باحتكار الدولة للسلاح

وبدأ لبنان خطوات جدية بمسار احتكار الدولة للسلاح، منها على صعيد معالجة السلاح في المخيمات الفلسطينية، وشُكّلت لجان مشتركة لأجل ذلك، أعلن عنها عون أمس خلال لقائه وفداً من الكونغرس الأميركي برئاسة السيناتور أنغوس كينغ. وأبلغ عون الوفد بأن "المحادثات التي أجراها مع رئيس دولة فلسطين محمود عباس كانت جيدة وأسفرت عن اتفاق على تطبيق مبدأ حصرية السلاح على المخيمات الفلسطينية أيضاً، وتم تشكيل لجان مشتركة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وأن تسليم السلاح سوف يبدأ في منتصف الشهر المقبل في ثلاثة مخيمات فلسطينية في بيروت، علماً أن الرئيس الفلسطيني قدّم كل الدعم للدولة اللبنانية وللجيش، وستتم متابعة مراحل تطبيق الاتفاق مع الفلسطينيين، لأن القرار متخذ ولا رجوع عنه"، لافتاً إلى أنه "تم تفكيك ثلاثة معسكرات فلسطينية في الشمال والجبل والجنوب".

كما أبلغ عون الوفد بأن "لبنان ملتزم بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، وأن الجيش اللبناني انتشر في جنوب الليطاني ويقوم بدوره كاملاً في تطبيق ما اتفق عليه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فيما لا تزال إسرائيل تواصل أعمالها العدائية ضد لبنان وتحتل التلال الخمس ولم تعد بعد الأسرى اللبنانيين رغم المراجعات المتعددة التي يقوم بها لبنان، لا سيما مع الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا راعيتي الاتفاق الذي مدد العمل به حتى 18 فبراير/شباط 2025 من دون أن تفي إسرائيل بما التزمت به".

وأكد عون أن "استمرار الاحتلال الإسرائيلي يعقّد الأمور وينتهك الاتفاق الذي وقعت عليه إسرائيل، وما يطلبه لبنان هو انسحاب إسرائيلي كامل حتى يتمكن الجيش اللبناني من الانتشار حتى الحدود الجنوبية وحمايتها، وهذا المطلب ليس فقط مطلب الدولة اللبنانية، بل مطلب الشعب اللبناني عموماً والجنوبيين خصوصاً الذين يعتبرون أن الجيش قادر على حمايتهم وتأمين سلامتهم"، وشدد على أن "الجيش سيواصل انتشاره حتى يبلغ عديده نحو عشرة آلاف عسكري مع الإشارة إلى اتساع المساحة في الجنوب والواقع الجغرافي والطبيعي فيه".

نواف سلام من دبي: مشروعنا يقوم على التحرّر من ثنائية السلاح

من ناحية ثانية، قال رئيس الوزراء نواف سلام، في كلمة له اليوم الثلاثاء من القمة الإعلامية في دبي، إن "لبنان ينهض اليوم من ركام أزماته. بلدنا الذي أنهكته الانقسامات والحروب والوصايات، قرر أن يستعيد نفسه، أن يستعيد كلمته، أن يستعيد دولته". وأشار سلام إلى أن "مشروعنا يقوم على تلازم الإصلاح والسيادة التي تستوجب حصرية السلاح، أي أن نتحرّر من ثنائية السلاح التي كانت تؤدي إلى ثنائية القرار وضياع مشروع الدولة الوطنية".

وأضاف "رؤيتنا للبنان ليست خيالاً، بل مشروعاً واقعياً: دولة قانون ومؤسسات لا دولة محاصصة وزبائنية. دولة سيادة لا ارتهان. دولة قرار لا ساحة صراعات. إننا نريد لبنان الذي يمتلك قراره في السلم والحرب. نريد لبنان متجذراً في هويته وانتمائه العربيين، المنفتح على العالم، القادر أن يكون جسر تواصل بين الشرق والغرب".

وتابع "اليوم بعدما عاد لبنان إلى العرب، فهو مشتاق إلى عودة أشقائه العرب إليه، عودة فاعلة قائمة على الشراكة والتكامل. لكن دعوني أذكر هنا أننا فيما نعمل على تنفيذ كامل لقرار مجلس الامن 1701، ونلتزم بوقف الأعمال العدائية، لا نزال نواجه احتلالاً لأراضينا وخروقات إسرائيلية يومية لسيادتنا".

وأردف "بالعودة إلى الإعلام، فإن المعركة التي نخوضها اليوم في لبنان ليست فقط معركة اقتصادية أو سياسية، بل هي معركة وعي، معركة كلمة. وبهذا المعنى، فإن الإعلام ليس ترفاً في مسيرتنا نحو الإصلاح والنهوض، بل شرطٌ من شروطه الأساسية، نحن نريده شريكاً في ترميم الثقة وفي صياغة مستقبل جديد لبلدنا". وشدد سلام على أن لبنان "أمام مفترق طرق تاريخي في المنطقة، لحظة إقليمية دقيقة تستدعي خطاباً إعلامياً جديداً يواجه محاولات التهميش والتفكيك، ويعيد إنتاج الأمل".

على صعيد آخر، وفي سياق متابعة عمليات المسح الهندسي في المناطق الجنوبية، عثرت وحدة عسكرية مختصة على جهاز تجسس للاحتلال الإسرائيلي، مموه ومزود بآلة تصوير في خراج بلدة بليدا - مرجعيون، وعملت على تفكيكه. كما عملت الوحدة على إزالة ساترَين ترابيَّين بعد إقامتهما في بلدتَي بليدا وميس الجبل - مرجعيون من قبل الاحتلال. وذلك بحسب بيان صادر عن قيادة الجيش اللبناني. ‏وتتابع قيادة الجيش الوضع في الجنوب، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، وسط استمرار الاحتلال الإسرائيلي في انتهاكاته سيادة لبنان وأمنه، واعتداءاته على اللبنانيين، ولا سيما في منطقة الجنوب.